شفا – عقد مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الأربعاء، جلسة حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وقدم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي، خالد خياري، إحاطة أمام المجلس حول القرار رقم 2334 (2016)، الذي ينص على “مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967”.
وتطرق خياري إلى العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مشيرا إلى استشهاد أكثر من 250 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي فقط.
وأكد أن “وقف إطلاق النار قد تأخر بشكل كبير”، مضيفا: “إن استمرار العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني لا مبرر له. إن القصف المستمر لقطاع غزة من قبل القوات الإسرائيلية، وعدد الضحايا المدنيين الكبير، والدمار الواسع للحيز الفلسطيني، وتدهور الوضع الإنساني أمر مروع”.
وقال: “إن الدمار الواسع والحرمان الناتج عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة – خاصة حول جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون – يجعل ظروف الحياة غير قابلة للاستمرار للسكان الفلسطينيين هناك”.
وأضاف: “أدين استخدام إسرائيل للأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والتي تسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا وأضرار كبيرة للمباني السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والمرافق التابعة للأمم المتحدة”، مؤكدا أن “مرافق الأمم المتحدة غير قابلة للانتهاك في جميع الأوقات”.
كما أدان “قتل وإصابة المدنيين في غزة على نطاق واسع، بما في ذلك النساء والأطفال، والحرمان من الأساسيات التي تكفل لهم البقاء على قيد الحياة”، مؤكدا أن “حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، ويجب أن يكون هناك محاسبة كاملة عن أي جرائم فظيعة تم ارتكابها”.
وأشار إلى أن “الأمم المتحدة وشركاءها بحاجة عاجلة إلى دخول الإمدادات الإنسانية بشكل متوقع ومن دون عوائق، بما في ذلك المواد الغذائية ومواد الإيواء والأدوية والوقود، وكذلك القدرة على إصلاح البنية التحتية الأساسية والحيوية، بما في ذلك النظام الصحي”، داعيا إسرائيل للوفاء بالتزاماتها كقوة احتلال بموجب القانون الدولي، بما في ذلك السماح بتسهيل مرور الإغاثة الإنسانية بسرعة ودون عوائق للمدنيين إلى غزة وفي جميع أنحاء القطاع، وخلق الظروف التي تسمح بعودة الفلسطينيين إلى منازلهم.
وجدد الدعوة إلى “وقف إطلاق النار الإنساني الفوري، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن في غزة”، مؤكدا أن “الأمم المتحدة تتعاون باستمرار مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الأهداف، وتستعد لدعم تنفيذ أي اتفاق”.
جميع المستعمرات لا شرعية لها
وأعرب عن قلقه من التوسع المستمر للمستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، “ما يفاقم التوترات ويعيق وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ويهدد فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية ومتواصلة وذات سيادة في المستقبل”.
وأكد أن “جميع المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، لا شرعية لها وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
وقال خياري في إحاطته: “أنا قلق للغاية من أن الحكومة الإسرائيلية قد استمرت، على مدار العام الماضي، في تعزيز السياسات التي تقوي دور المسؤولين المدنيين في السيطرة على الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك نقل بعض الوظائف الأمنية إلى السيطرة المدنية، بينما دعا بعض المسؤولين الحكوميين إلى ضم بعض المناطق في الضفة الغربية المحتلة. أطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف جميع أنشطة الاستيطان على الفور”.
وأشار إلى “النتائج الأخيرة للمحكمة الدولية في فتواها الاستشارية في 19 تموز/يوليو 2024، التي أعلنت من بين أمور أخرى أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن”.
وأكد أن “هدم ومصادرة المنشآت الفلسطينية، بما في ذلك المشاريع الإنسانية الممولة دوليًا، بالإضافة إلى المنشآت المتعلقة بتوليد الدخل وتقديم الخدمات الأساسية، يشكل انتهاكًا للعديد من القوانين الدولية ويثير القلق بشأن خطر النقل القسري”، داعيا حكومة الاحتلال الإسرائيلي “إلى إنهاء هذه الممارسات ومنع تهجير الفلسطينيين، وفقًا لالتزاماتها الدولية بموجب القانون الدولي، والموافقة على خطط للسماح للفلسطينيين بالبناء بشكل قانوني وتلبية احتياجاتهم التنموية”.
وأشار إلى “تصاعد العنف والتوترات في الضفة الغربية المحتلة يثير القلق الشديد وقد يؤدي إلى انفجار أوسع”، موضحا أن العمليات المكثفة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وتصاعد عنف المستعمرين قد فاقم التوترات وتسبب في أعداد ومستويات مرتفعة للغاية من الضحايا والاعتقالات والدمار.
وجدد خياري الدعوة لاحترام الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الخاص والتاريخي للمملكة الأردنية الهاشمية كوصية على الأماكن المقدسة في القدس.
لا بديل عن “الأونروا”
وأعرب عن قلقه من القوانين التي اعتمدتها “الكنيست” الإسرائيلية بشأن “الأونروا”، قائلا: “إذا تم تنفيذ هذه القوانين، فإنها قد تمنع الأونروا من الاستمرار في عملها الضروري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما سيكون له عواقب وخيمة على اللاجئين الفلسطينيين، خاصة أن الأونروا لا بديل لها قادر على تلبية احتياجاتهم بشكل مناسب”.
ودعا إسرائيل إلى التصرف بما يتماشى مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وامتثالها لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقوانين المتعلقة بالامتيازات والحصانات للأمم المتحدة، مضيفا: “لا يمكن للقوانين الوطنية أن تغير هذه الالتزامات”.
وطالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم الفوري للحكومة الفلسطينية “لمعالجة تحدياتها المالية، وتعزيز قدرتها على الحكم، واستعدادها لاستئناف مسؤولياتها في غزة”.
وقال خياري: “يجب أن نضع أطرًا سياسية وأمنية قادرة على معالجة الكارثة الإنسانية، وبدء التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة، ووضع الأسس لعملية سياسية لإنهاء الاحتلال وتنفيذ حل الدولتين في أقرب وقت ممكن”.
وأضاف: “من الضروري أن تسهل هذه الأطر حكومة فلسطينية شرعية قادرة على إعادة توحيد غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، سياسيًا واقتصاديًا وإداريًا، لمواجهة الديناميكيات المتدهورة بشكل مستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وتابع: “أي محاولة (إسرائيلية) لإقامة مستعمرات في غزة يجب أن ترفض رفضًا قاطعًا. لا ينبغي أن تكون هناك محاولة لتقليص أو ضم أراضي غزة كليًا أو جزئيًا”.
أفق سياسي
وأكد أن “الدمار والمآسي التي شهدناها في العام الماضي قد أكدت مجددًا حقيقة بسيطة: الفلسطينيون والإسرائيليون لا يستطيعون الانتظار أكثر لإقامة أفق سياسي قابل للحياة. الآن هو الوقت لوضع الأسس لمستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة بشكل عام. يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين ودول المنطقة والمجتمع الدولي الأوسع أن يتخذوا خطوات عاجلة تمكّن الأطراف من إعادة الانخراط في المسار السياسي المؤجل منذ فترة طويلة نحو تحقيق حل الدولتين”.
وأضاف: “تظل الأمم المتحدة ملتزمة بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين في إنهاء الاحتلال وحل الصراع بما يتماشى مع القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والاتفاقات الثنائية، في سعي لتحقيق رؤية الدولتين – إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة، ديمقراطية، متواصلة، قابلة للحياة وذات سيادة، تعتبر غزة جزءًا لا يتجزأ منها، تعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن ضمن حدود آمنة ومعترف بها، على أساس حدود ما قبل 1967، مع القدس عاصمة للدولتين”.