انعدام الانتخابات هو احد اسباب الاحتقان في الشارع الفلسطيني ، بقلم : فادي البرغوثي
كثيرا من الناس تتحدث عن ما يحدث في مخيم جنين في وصف الحدث فقط دون الرجوع إلى أصله، ولماذا حدث خاصة انه ليس حدثا عابرا كما يظن البعض، ممكن ان يحدث في بقية مخيمات الضفة الغربية اذا بقينا نضع رؤوسنا في الرمال دون أن نفسر الأسباب الحقيقية وراء ما بجري.
وفي الواقع يجب ادراك ان هناك تغييرات جرت في الشارع الفلسطيني سابقا لم يسمح لها ان تعبر عن رأيها بطريقة ديمقراطية وحضارية مما جعلها تعبر عن نفسها بهذه الطريقة، وأكبر مثال على التغيرات التي حدثت في مجتمعنا حينما تم الإعلان عن الانتخابات الفلسطينية ضمن اتفاق وطني جرى بين جميع الفصائل الوطنية بتاريخ 2020 وقد وصلت حينذاك القوائم الانتخابية حوالي 38 قائمة بخلاف ما حدث في الانتخابات السابقة عام 2005 التي كانت اغلبها قوائم للفصائل السياسية باستثناء قائمة المبادرة الوطنية الفلسطينية، للدكتور مصطفى البرغوثي مع شخصيات وطنية ، وبعد الانتخابات تحولت إلى فصيل وطني رسمي، وهو ما يعني ان القوائم لا تخوض الانتخابات فقط بل انها لو حالفها الحظ ونجحت في الانتخابات يمكن أن تتحول فصيل جديد ولكن الغاء الانتخابات وبمبررات غير مقنعه وهو من أحبط الشباب ، لعدم قدرته التعبير عن رأيه ومحاولة التعبير في ما يراه مطلوبا بالمرحلة القادمة وتوفير له فرصه ليعبر عن نفسه ترشيحا وانتخابا وبشكل ديمقراطي .
وبصراحة فإن الشباب الفلسطيني لم يعبر عن راية عن طريق الانتخابات منذ 19 عاما، لو تم إجراء الانتخابات بشكل طبيعي لكان شهدنا اليوم الانتخابات الرابعة كما نكون على مشارف الجولة الخامسة يعني من كان عمره عام وجريت الانتخابات اليوم لكان قد صوت وعبر عن نفسه بشكل طبيعي ولو أجريت الانتخابات عام 2020 لكنا اليوم في المرحلة التحضيرية للانتخابات الجديدة .
ان هذا الوضع الجديد الغير صحي جاء نتيجة حرمان الشعب وبالتحديد فئة الشباب من التعبير عن نفسها ، ما جعلها تضطر للتعبير عن حاله بالغضب الذي للأسف لا نعرف إلى أين يسير ولا نعرف أين يتجه .
قد يقول قائل لا يوجد مطالب من الشباب بالانتخابات !!! اقول حتى لو لا يوجد مطالب بان لديهم قناعة بأنه من الصعوبة اجرائها ، الأمر الذي جعلها تعبر عن حالها بهذه الطريقة … ومرة أخرى فإن القوائم تؤكد بان هناك جيلا لا يرى نفسه بالتنظيمات نفسها ومن يرجع إلى مراقبة المشهد في الانتخابات التي تم اجهاضها يلاحظ ان بعض التنظيمات الموجودة لم تستطيع ان تشكل قائمة انتخابية، والبعض من هذه التنظيمات شكل قائمة ، لكن استطلاعات الراي لم تعطيه نسبة الحسم مع ان الكثير من القوائم التي شكلت اعطتها استطلاعات الراي نسبة الحسم ، ما يدل ان الكثير من الناس تريد التغيير ولا ترى في التنظيمات ثقة ، واهل لهذا التغيير، ومن يريد ان يتأكد يراجع إلى استطلاعات الراي في تلك الفترة .
ومن هذا المنطلق، وحتى لا ندق الماء بالماء ولا نحصل الا على ماء ، فإن المخرج الحقيقي ان يعبر الشباب عن نفسه بانتخابات حرة نزيهة دون حجه القدس التي يمكن أن نخرجها في مظهر وطني حر وشريف عن طريق وضع الصناديق داخل المدينة ، بالرغم من منع الاحتلال فإن اقدم الاحتلال على منع الانتخابات يظهر بمظهر انه يمنع الانتخابات في القدس ويؤكد على الارادة الفلسطينية بانها متمسكة في المدينة، وان لم يمنعها نكون قد أنزعنا اعترافا على فلسطينية المدينة .
وايضا يجب الإعلان عن الانتخابات باتفاق وطني وسريع في الضفة وغزة بعد انتهاء العدوان على غزة مباشرة ويكون المرسوم ملزم ، اما إن بقينا هكذا فإن عنفا داخليا يمكن أن يتطور ويمتد إلى كل الاراضي الفلسطينية ويكون من الصعب السيطرة عليه ويصبح من الصعب السيطرة عليها.