8:07 مساءً / 30 ديسمبر، 2024
آخر الاخبار

الاقتصاد الفلسطيني.. نظرة نحو المستقبل ، بقلم : علاء كنعان

الاقتصاد الفلسطيني.. نظرة نحو المستقبل ، بقلم : علاء كنعان

الاقتصاد الفلسطيني.. نظرة نحو المستقبل ، بقلم : علاء كنعان

رغم استمرار الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني والتحديات السياسية والاقتصادية، يبقى الاقتصاد الفلسطيني أحد الأعمدة الرئيسية لتعزيز الصمود الوطني ، ويمكن أن يكون نموذجا للاستقلال والاعتماد على الذات، خاصة في ظل الأزمات المتكررة التي تعصف بالمنطقة.

لقد كشفت الأزمات المتلاحقة، من جائحة كورونا إلى العدوان الإسرائيلي المستمر، هشاشة الاقتصاد الفلسطيني واعتماده الكبير على الاحتلال. فعمالة الفلسطينيين في ” إسرائيل” تظل المصدر الرئيسي للدخل لآلاف العائلات، رغم ما يواجهه العمال من مخاطر يومية وابتزاز ممنهج.

ولكن ماذا لو استثمرنا هذه الطاقات داخل فلسطين؟ ماذا لو أُقيمت مصانع قادرة على استيعاب هؤلاء العمال وتوفير فرص عمل كريمة؟ الإجابة واضحة: سيكون لدينا اقتصاد أكثر استقلالية، وسنفك تدريجياً قيود التبعية التي فرضتها سياسات الاحتلال.

ورغم أن البعض قد يرى صعوبة تحقيق الاستقلال الاقتصادي في ظل الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية على المعابر، إلا أن تجارب الشعوب الأخرى أظهرت أن الاعتماد على الذات يعزز الصمود ويقلل التبعية. وعلى سبيل المثال طورت كوريا الجنوبية صناعات محلية بعد الحرب الكورية، وركزت كوبا على الزراعة المستدامة والصناعة المحلية في ظل الحصار الأمريكي، بينما ركزت فنزويلا على تطوير القطاع الزراعي والصناعات الأساسية بعد الأزمات.

لتحقيق ذلك، يجب أن نبدأ بخطوات صغيرة ومستدامة مثل تعزيز المصانع المحلية، تشجيع الأسواق الفلسطينية، والاستثمار في الإنسان الفلسطيني كأهم مورد وطني.

العوائق متعددة الأوجه، وتُظهر كيف يتحكم الاحتلال بمفاصل الاقتصاد الفلسطيني. لذا من الضروري تبني مفهوم الاقتصاد المقاوم كمنظومة شاملة تستثمر الموارد المحلية وتبني قطاعات اقتصادية قادرة على الصمود ،. وبهذا تتعرض الأسواق الفلسطينية للإغراق بالمنتجات الإسرائيلية، ما يقوض المنافسة المحلية، بالإضافة إلى نقص المواد الخام نتيجة الحصار والإجراءات الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال، عانى مصنع محلي ينتج مشروب ” كولا ” من صعوبة في إدخال المواد الأساسية بعد إغلاق معبر الكرامة ، وقد ناشد المصنع المؤسسات الحكومية والأهلية دعم المصانع الفلسطينية لتلبية احتياجاتها، حفاظا على الاقتصاد الوطني.

القطاع الزراعي يمكن أن يكون حجر الزاوية للاقتصاد الفلسطيني. أذ أن الاستثمار فيه يعزز الأمن الغذائي ويقلل من الاعتماد على الواردات الإسرائيلية. خلال الأزمات، مثل الحروب أو الإغلاقات المفروضة على غزة والضفة، وقد لعبت الزراعة دورا محوريا في تزويد السكان بالمواد الغذائية الأساسية.

إضافة إلى ذلك، فأن تعزيز الصناعات التحويلية لتصبح منافسا حقيقيا في الأسواق المحلية والعالمية أمر ضروري، وتطوير مصادر طاقة محلية سيقلل الاعتماد على شبكات الاحتلال، ويخفف التكاليف على المواطنين.

لتطوير اقتصاد مستقل، يجب تشجيع الاستثمار المحلي والدولي بعيدا عن الأجندات السياسية التي تجعل الاقتصاد رهينة للضغوط الخارجية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني.

وفي ظل غياب الدعم الدولي الكافي، يبرز دور الاقتصاد التضامني كنهج فعّال لدعم الأسر المنتجة والمشاريع الصغيرة التي تشكل مصدر الدخل الأساسي لآلاف العائلات الفلسطينية، مما يسهم في تعزيز الصمود الوطني وتطوير الاقتصاد الفلسطيني.

في هذا السياق، جاءت مبادرة “إعادة بناء المستقبل”، التي أطلقتها وزارة العمل الفلسطينية بدعم ألماني بقيمة 25 مليون يورو، لتوفير 8 ألف فرصة عمل. ورغم أهمية هذه الخطوة، يبقى السؤال: هل تكفي هذه المبادرات؟ أم أنها حلول مؤقتة لا تعالج جذور الأزمة الاقتصادية؟

من الضروري تبني رؤية وطنية تتجاوز الخطط الجزئية وتسعى لتحقيق الاعتماد التدريجي على الذات، من خلال حلول جذرية للتحديات. كما يجب تعزيز الشراكات الدولية بشكل يحمي الاقتصاد الفلسطيني من التبعية للأجندات السياسية.

في النهاية، الاقتصاد الفلسطيني ليس مجرد أرقام في الموازنة أو تقارير سنوية، بل هو انعكاس لمستقبل الشعب وكرامته، ولن يتحرر الاقتصاد إلا إذا تبنت القيادة رؤية استراتيجية متحررة من الارتهان للاحتلال والسياسات قصيرة الأمد، فالاقتصاد الفلسطيني هو سلاح في معركة الصمود وضرورة وطنية لضمان مستقبل أفضل.

ورغم كل هذه التحديات التي تواجه اقتصادنا الفلسطيني، فإن الفرص لا تزال قائمة لبناء مستقبل أكثر إشراقا. الخطوات الأولى التي تتخذها الحكومة بالتعاون مع الشركاء الدوليين، تحمل في طياتها بذور الأمل، ومع تضافر الجهود المحلية وتعزيز روح التعاون والإبداع، يمكن للشعب الفلسطيني أن يحقق قفزات نوعية نحو اقتصاد أكثر استقلالية وازدهارا، مما يضع الأسس لمستقبل أفضل لأجيال قادمة.

شاهد أيضاً

حركة فتح تنعي المناضل الوطنيّ الكبير الأسير المحرّر حسن شريم (أبو علي)

حركة فتح تنعي المناضل الوطنيّ الكبير الأسير المحرّر حسن شريم (أبو علي)

شفا – نعت حركة التحرير الوطنيّ الفلسطينيّ فتح المناضل الوطنيّ الكبير والأسير المحرر حسن شريم …