اجتماع عمان مخاطر وتحديات ، بقلم : راسم عبيدات
اليوم يعقد في عمان مؤتمر اقليمي ودولي ،كانت فكرته عراقية – أمريكية وتلقفه جلالة الملك الأردني عبد الله الثاني،للبحث في كيفية درء مخاطر انفجار الأوضاع في سوريا نحو فوضى شاملة من شأنها،ان تؤثر على كامل المنطقة، ولتجنب ذلك سيتم البحث في مدى إمكانيات تطبيق القرار الدولي 2554 الخاص بسوريا وبحضور وزراء خارجية الطرفين النافذين في سوريا،وهما تركيا وامريكا،وطبعاً الإسرائيلي ممثل بالوجود الأمريكي،بالإضافة الى وزراء خارجية الأردن ومصر والعراق وقطر والسعودية والإمارات ولبنان ومفوض السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل،والمبعوث الأممي الى المنطقة.
وقبل الحديث عن الإجتماع ودواعية والهدف من عقده والمخرجات المتوقعة،لا بد من الإشارة الى مجموعة عناوين، في ابرزها تصريحات الرئيس التركي اردوغان بان هناك مخاطر حقيقية وجدية ان تنزلق الأمور نحو حرب عالمية ثالثة،وبالتالي عند اندلاع مثل هذه الحرب،يعاد صياغة خرائط المنطقة والإقليم،وستعمل تركيا الى ضم حلب وحماة ودمشق،والتي سيصبح وضعها شبيه بغازي عنتاب واروفة هاتاي.
وتصريحات الرئيس الأمريكي القادم ترامب حول ايران، بأنه من الممكن شن حرب على ايران لمنعها من امتلاك السلاح النووي وتدمير قدراتها ومنشأتها النووية والنفطية وبرامجها العسكرية من الصواريخ البالستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة،استكمالاً للمشروع والمخطط بالتصفية الكاملة لمحور المقاومة ،بعد ان خرجت روسيا وايران من المشهد السوري،حيث لم تعد من المؤثرين في القرار السوري .وأيضاً تصريح الرئيس الأمريكي بلينكن الذي قال بأن اسرائيل دولة صغيرة على الخارطة،ويجب ان تتوسع جغرافياً،ولذلك ستفوز بحصتها من الجولان المحتل بما في ذلك المنطقة العازلة ،وتواجد عسكري واستخباري في الشمال الى جانب الدولة الكردية التي ستقام في الشمال السوري عبر ما يسميه الإسرائيليين بممر داود من قاعدة التنف الأمريكية الموجودة على مثل الحدود السورية – الأردنية -العراقية، وهذه الدولة الكردية التي سيصر الإسرائيلي والأمريكي على وجودها، والتي ستمتد لتقضم أجزاء من الجغرافيا العراقية والتركية،ومن ثم تتوسع نحو ايران.
هذه الدولة التي ستشكل محور خلاف وصراع مع الأمريكي.واسرائيل ضمن اعادة رسم الخرائط وتصريحات قادتها عن مشاريع ضم الضفة الغربية و”الهندسة” الجغرافية والديمغرافية في الضفة الغربية،والذي يستهدف طرد وتهجير لأعداد كبيرة من سكان الضفة الغربية الى الأردن ضمن ما يعرف بالوطن البديل،وكذلك ستضم اليها جزء من الأراضي اللبنانية والأراضي المصرية وحتى السعودية،ولعل من يتابع اعطاء الإدارة الأمريكية الحالية والعديد من دول أوروبا الغربية، الضوء الأخضر لأوكرانيا،لقصف العمق الروسي بأسلحتها الإستراتيجية التي زودت بها اوكرانيا، يضع العالم والإقليم والمنطقة على بوابات إندلاع الحرب العالمية الثالثة،والتي اتوقع ان تكون بوابتها وبدايتها ايران،والتي ستتم مهاجمتها من قبل امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا واسرائيل، على ان يستبق ذلك هجوم امريكي- بريطاني- اسرائيلي على اليمن من أجل السيطرة على ممرات التجارة العالمية وخطوط الطاقة ،والتي تعتبرها أمريكا مسألة أمن قومي أمريكي،بالإضافة الى ان ذلك يمكنها من استمرار سيطرتها على أوروبا.
يبدو بأن مؤتمر عمان الذي سيعقد اليوم السبت في عمان سيكون امام تحديات كبرى،وخاصة بأن هناك قوتين تمتلكان نفوذا في المعادلة السورية الجديدة،تركيا أولاً التي تشكل خلفية القوة المسيطرة على الجغرافيا السورية والتي تشكل حركة تحرير الشام قوّتها الرئيسية، ومقابلها أميركا التي تشكل القوة الحامية والداعمة لقوات سورية الديمقراطية التي تسيطر على شمال شرق سورية،والسؤال المحوري الذي سيواجه المؤتمرين هل يمكن توحيد سوريا وفق القرار الأممي 2254،أم ان أمريكا وتركيا تفضلان التنسيق لمنع التصادم ما بين الحكومة الجديدة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، ،أم أنهما تريدان مقابل هذا الحضور ضمان مصالح ثابتة في صيغة الحكم الجديد لسورية، حيث يسعى الأكراد الى صيغة فدرالية تحفظ لهم قواتهم العسكرية ومصادر الثروة النفطية على طريقة اقليم كردستان العراق، إضافة لمكانة في الدولة السورية المركزية، بينما تحدث الرئيس التركي رجب اردوغان عن نجاح حكومته بتحقيق مصالح تركية عليا، سواء بإنهاء ملف النزوح السوري الى تركيا، او بناء حكومة صديقة، او إعلان عزمه على مقاتلة القوة الكردية المسلحة كمصدر للخطر، مضيفاً إليها تنظيم داعش، الذي تثير عودته مخاوف إقليمية ودولية، يتحدث عنها الأوروبيون والأميركيون ويحذر العراق منها معلناً استعداده لقتالها مرة أخرى.
هذا الاجتماع الذي حظي بحضور كبير إقليمي ودولي وبمبادرة أمريكية – عراقية أردنية ،يبدو انه جاء من أجل تقييد التفرد التركي في المشهد السوري،فالقرار الأممي 2554 ينص على تشكيل حكومة سورية تعبر عن تطلعات الشعب السوري ،على أسس التعددية والديمقراطية،تشارك فيها كل المكونات والمركبات السورية بعيداً الطائفية والمذهبية والإقصاء والتفرد،وتشكل هذه الحكومة يفتح الطريق لشراكة كردية ضمن صيغة مستوحاة من النموذج العراقي الفيدرالي، بما يحفظ للجماعات الكردية مواردها النفطية وقواتها المسلحة الخاصة في قلب دولة واحدة، بصيغة تستقوي بالقلق العربي من التمدّد التركي.
المشاركون العرب في المؤتمر سيواجهون مهمة صعبة وثقيلة، فالإسرائيلي الغائب الحضور،والحاضر عبر الأمريكي،قد يقبل بالإنسحاب من المنطقة العازلة،والإلتزام بقرار فك الإشتباك 1994،بعد تحويله لسوريا الى دولة منزوعة السلاح،والعمل الى ضمها الى محور التطبيع العربي وما يعرف بالسلام الإبراهيمي،ولكن دون الانسحاب من الجولان.
وبالمقابل كثرة الأجندات والمصالح والتدخلات الخارجية،قد تجعل من الصعب إقلاع الحكومة السورية،وبالتالي تنزلق سوريا نحو الفوضى،أو ان يصبح منع الفوضى وتجنبها،صيغة حكومة ثقيلة شبيهة بصيغة الحكم العراقي،صيغة تقسيم عملية تحت عنوان الفيدرالية،أو تكوين الحكومة على أساس حصص طائفية.
فلسطين – القدس المحتلة