الشرق الأوسط ..إلى أين؟؟ بقلم : بديعة النعيمي
لقد أدى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى إلى انتصار الحلفاء، ما أتاح لها وضع أقدامها على أول طريق اقتسام النفوذ في العالم الخارجي مع الدول الإمبريالية القديمة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا.
ومع نهاية هذه الحرب برزت مشكلة البلاد العربية التي كانت تتبع للحكم العثماني حين أعلنت عن رغبتها في قيام دولة عربية واحدة مستقلة.
غير أن هذه الرغبة لم ترق للحلفاء لأنها كانت ضد مصالحهم في المنطقة، وخاصة أنهم كانوا يسعون لتجزئة شعوبها بأي ثمن، بهدف تسهيل عملية إدخالهم في العلاقات الاقتصادية والإمبريالية من جهة، ومن جهة أخرى جعلها تابعة لهم.
فكان للحلفاء ما أرادوا، فجزأوا وقسموا.
وقد تقدمت حينها اللجنة التي عُرفت ب “لجنة الخبراء الأمريكية” بعدد من الاقتراحات كان منها..فصل فلسطين عن سوريا وقيام دولة لليهود تبسط سيطرتها على مصادرها الخاصة من الطاقة المائية والري من على جبل حرمون وإلى الشرق من نهر الأردن. ووضع فلسطين تحت إشراف بريطانيا كدولة منتدبة عن عصبة الأمم المتحدة كي تُمنح لليهود بعد انتهاء الانتداب.
وقد مثلت هذه الاقتراحات حينها جوهر إمكانات السياسية الأميركية، لكنها لم تمثل طموحات رئيسها “ويلسون”، في أن تكون لدولته حصة ضمن المنطقة المقسمة “إرث الدولة العثمانية”, فحاول وضع الأساس الشرعي لها من خلال لجنة الاستفتاء الموفدة إلى الشرق الأوسط “لجنة كينغ-كراين” للتحقيق في رغبات الأهالي في أن تكون الولايات المتحدة هي الدولة المنتدبة. غير أن اللجنة لقيت معارضة من الحركة الصهيونية لأنها أشارت إلى عدم فصل فلسطين عن سوريا.
وكانت الحركة الصهيونية حينها تعتمد على بريطانيا في تحقيق حلم إقامة الوطن اليهودي. فأهمل اقتراح اللجنة، كما أن الولايات المتحدة أُرغمت على استصدار قرار من الكونغرس الأمريكي بتاريخ ٢١/سبتمبر/١٩٢٢ يؤيد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وأن تتعاون مع بريطانيا لتحقيق ذلك.
وبهذا أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية شريكا ولو استشاريا إلى جانب بريطانيا في تحديد مستقبل فلسطين.
لكن وبعد أن وافقت بريطانيا تحت ضغط ثورة ١٩٣٦ على تبني تقرير “لجنة بيل” الذي أوصى بتقسيم فلسطين، وجه الرئيس الأمريكي “روزفلت” رسالة إلى المنظمة الصهيونية، يعلن فيها رفضه لسياسة بريطانيا ويؤكد على أن فلسطين بالكامل هي وطن اليهود القومي.
ما أدى إلى تحويل تقرير اللجنة إلى مجلس عصبة الأمم التي قررت تجميده وإعادة دراسته من جديد.
ثم جاءت الحرب العالمية الثانية، لتخرج منها الولايات المتحدة كقوة عظمى طاغية، تسلمت المهام الإمبريالية في الشرق الأوسط ومن ضمنه فلسطين، رافق ذلك حملة واسعة مؤيدة للأطماع الصهيونية في فلسطين.
وعندما جاءت نتيجة التصويت على تقسيم فلسطين عام ٤٧ ليست لصالح اليهود، استطاعت الولايات المتحدة خلال الثلاثة أيام التي طالبت بها لتأجيل التصويت، مارست خلالها ضغوطا كافية لقلب النتيجة والتي أدت إلى الموافقة على مشروع التقسيم. فأصبح لها موطئ القدم الأكبر في منطقتنا بهدف امتصاص خيراتها.
وهذا استلزم منها أن تكون الداعم الرئيسي لدولة الاحتلال منذ تلك الفترة وإلى يومنا هذا. فانتشلتها من وحل الهزيمة في غزة ولبنان. وهيأت لها كل الظروف للدخول إلى سوريا قبل أيام من كتابة هذا المقال وتدمير كافة أسلحتها لجعلها منطقة منزوعة السلاح تمهيدا لتنفيذ مطامعها في توسيع رقعتها فاحتلت الجولان وقمة جبل الحرمون كما أرادت لها .
ولا زلنا ننتظر القادم من الأيام وخاصة بعد أن يتسلم “دونالد ترامب” مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية لنرى بقية الأحداث…
الشرق الأوسط ..إلى أين؟؟؟