1:57 مساءً / 26 ديسمبر، 2024

اتفاق استراحة وهدنة هشّة ، بقلم : نسيم قبها

اتفاق استراحة وهدنة هشّة ، بقلم : نسيم قبها

منذ توقيع اتفاق الهدنة الأخير بين “إسرائيل” ولبنان ، لم تتوقف خروقات الاتفاق للحظة، إذ لم تلتزم “إسرائيل” بطبيعتها بأي بند من بنود الاتفاق ومن بينها ترك المجال للجنة مراقبة وقف إطلاق النار الخماسية والمؤلّفة من ضابط أميركي (رئيسًا)، وعضوية ضابط فرنسي، وضابط من قوات اليونيفل، وضابط من الجيش اللبناني وممثل عن المبعوث الأميركي. وتصر “إسرائيل” على تنفيذ ومراقبة وقف إطلاق النار بالشكل الذي تراه، وليس بالشكل الذي جرى الاتفاق عليه.


حيث خرقت “إسرائيل” هذا الاتفاق أكثر من 55 مرة، وقتلت مؤخرا عائلتين لبنانيتين مكونتين من 9 نازحين أثناء عودتهم لبيوتهم، وجرحت ثلاثة آخرين في أحدث خرق لوقف إطلاق النار من قبلها. مما دفع حزب الله للرد على هذا الخرق، حيث أطلق الحزب صاروخين باتجاه منطقة هار دوف دون وقوع إصابات، في أول هجوم له منذ دخول الهدنة مع “إسرائيل” حيز التنفيذ. كما استهدف موقع رويسات العلم التابع لجيش الاحتلال في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة. وقد صرح نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي في هذا السياق أنه: طوال أيام طالبنا ووجهنا الرسائل للمسؤولين للتحرك لوقف خروقات العدو لوقف إطلاق النار، ولم يحصل شيء سوى من فرنسا التي حذرت الاحتلال من انهيار الاتفاق بسبب استمرار خروقاته، وصبرنا طوال هذه الأيام وكانت النتيجة تمادي العدو في العدوان. والرسالة الردعية بقصف موقع في مزارع شبعا المحتلة مؤخرا كانت ضرورية، ودمنا ليس رخيصًا.


أما بنيامين نتنياهو فقد قال أن “إطلاق حزب الله النار على جبل دوف انتهاك خطير لوقف إطلاق النار، وسترد إسرائيل بقوة على ذلك”. وقال سموتريتش “على حزب الله أن يفهم أن المعادلة قد تغيرت وأن ما كان في الماضي لن يتكرر وعصر الاحتواء قد انتهى”. وقال مسؤول أمني إسرائيلي لإذاعة الجيش: “لن نسمح بمعادلة يتم فيها الرد على صاروخين بصاروخين وسنرد بقوة”. وفي الأثناء أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأ سلسلة هجمات في لبنان ردًا على قصف حزب الله لمزارع شبعا. وقال إن “مقاتلات سلاح الجو قصفت مسلحين وعشرات المنصات وبنى تحتية عسكرية لحزب الله في لبنان”. ولم يقتصر الخرق الصهيوني لوقف إطلاق النار جنوب الليطاني بل طال أيضًا مناطق على الحدود اللبنانية السورية بحجة أن الاتفاق يسمح بذلك.


ورغم أن اتفاق الهدنة لا يزال ساريًا ورغم حرص أمريكا على استمرار وقف إطلاق النار في لبنان ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب واسعة إلا أن هذه الديناميكية التي تشوب الهدنة وبخاصة من طرف الكيان الغاصب يمكن أن تؤدي إلى انهيارها. حيث قالت القناة 13 الإسرائيلية إن “مستشار الأمن القومي الأمريكي طلب من إسرائيل أن تعلن احترام وقف إطلاق النار مع لبنان”. ذلك أن نتنياهو لا يزال يسعى لكتم أنفاس حزب الله تمامًا من خلال خرق وقف إطلاق النار ومواصلة ضربه واستفزازه وصولًا إلى ضرب الوجود الإيراني في سوريا وإشعال حرب تنجر فيها الولايات المتحدة ضد إيران، ولا سيما بعد تصريحات ترمب الأخيرة التي هدد فيها بضرب المسؤولين عما جرى في 7 أكتوبر وتنطوي على تهديد لإيران. حيث قال ترمب إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين والإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه في 20 كانون ثاني/يناير 2025، عندها سيكون هناك “جحيم كبير يدفعه كل من في الشرق الأوسط، وأولئك المسؤولين الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية. سيتعرض المسؤولون عن هذه الضربة بشكل أقوى من أي شخص آخر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل”.


ومع هذه التطورات التي تدل على هشاشة الاتفاق، ومع انفلات نتنياهو من قيود الإدارة الأمريكية التي ستغادر البيت الأبيض قريبًا، وتترسه خلف ائتلاف حكومي شديد التطرف، وإصراره على لجم حزب الله وتقويض قدرته على إسناد إيران في أية مواجهة مقبلة، ومنعه من التسلح عبر سوريا، ومع محاولة حزب الله أن يستعيد قواعد الاشتباك السابقة من خلال الرد على الخروقات الصهيونية في حدود المواقع العسكرية الحدودية كمزارع شبعا ورويسات العلم، وتحذير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن “عدم الرد بشدة وفورًا قد يضر بوقف إطلاق النار لسنوات”؛ أي قد يمنح الحزب فرصة لاستعادة قواعد الردع، فإنه لا يُستبعد انهيار وقف إطلاق النار. ولذلك سارعت الإدارة الأمريكية إلى التعبير عن شعورها بالقلق من احتمال وقف إطلاق النار الهش في لبنان. وسارعت في الضغط على “إسرائيل” عن طريق فرنسا. وعجلت من نشر الجيش اللبناني في الجنوب من خلال قائد الجيش اللبناني وحكومة ميقاتي، وسارعت إلى إكمال بعثة المراقبة التي مثل تأخرها في تولي المراقبة فرصة لنتنياهو لمواصلة استفزازه وتصعيده.


وبالتالي فإن اتفاق وقف أطلاق النار بات مهددا بالانهيار واندلاع القتال بصورة أشد شراسة ما لم تتمكن أمريكا من احتواء الموقف، ولا سيما وأن حزب الله و”إسرائيل” يحاولان التقاط أنفاسهما وضخ الأوكسجين في صفوفهما لاستئناف القتال وتثبيت قواعد الاشتباك التي تلائم كل منهما، ولا سيما وأن المرحلة المقبلة التي تستوجب ردًا إيرانيًّا على الهجوم الإسرائيلي الأخير على أراضيها، وعودة ترمب إلى المشهد وإرهاصات تصعيده ضد إيران، بالإضافة إلى محاذير الأخيرة من تقويض أذرعها في سوريا والعراق مع تصعيد المعارضة السورية في الشمال السوري، كل ذلك يمثل تحديًا كبيرًا لجميع لأطراف النزاع وباعثًا على توتر وتصعيد كبيرين في المنطقة. وبخاصة وأن نتنياهو سبق وأن صرح أنه وقع على اتفاق لوقف إطلاق النار، وليس لوقف الحرب. وقال نتنياهو الخميس الماضي للقناة الـ14 الإسرائيلية: إنه أمر الجيش بالاستعداد لقتال ضار مجددًا في لبنان في حال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.

شاهد أيضاً

حسين الشيخ يستقبل وفداً من المحطة الطبية الأردنية

حسين الشيخ يستقبل وفداً من المحطة الطبية الأردنية

شفا – استقبل الأخ حسين الشيخ “ابو جهاد” أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية …