تنهيدة حرية والانعتاق من العبودية ، لـ رولا خالد غانم بقلم : علاء الوردي

تنهيدة حرية والانعتاق من العبودية ، لـ رولا خالد غانم بقلم بقلم الكاتب والناقد العراقي : علاء الوردي

صدرت رواية” تنهيدة حرية ” للكاتبة الفلسطينية الدكتورة رولا غانم عن دار ببلومانيا للنشر والتوزيع
وهي من القطع المتوسط وعدد صفحاتها 196 صفحة .

تحدث التنهيدة نتيجة أخذ الشخص نفسا جديداً (الشهيق) بشكل عميق وطويل قبل إخراج النفس السابق (الزفير العميق). وغالبا ما ينتج عنها شعور الشخص بالراحة.

من عتبة العنوان الذي جمع الحسرة مع الحرية، وكأن هناك تمني للحرية المفقودة التي أصبحت صعبة المنال من جميع جوانبها، إنّ التي تملأ نفس العالِم ليست هي حرية الانتقال من مكان إلى مكان، إنما هي حرية الفكر وجولاته ونشر تفكيره وآرائه، إن الحُر حقا وصدقا هو الذي يفهم حرية رأيه وفكره قبل أن يفهم حرية جسمه، فهل نحن معشر البشر أحرار، بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً..؟!!

هل نحن غرباء بقدر القيد الذي منع حريتنا ..!

أمّا عن الإهداء فكان في قمة الحيرة والحسرة والوجد والغرابة، فقد أهدت الكاتبة هذا الإنجاز الأدبي الكبير إلى الخراب!!
(ومن عاش محنتنا عرف معنى أن أهدي روايتي هذه للخراب، وللذين تظاهروا في أنحاء الكون من أجل خلاصنا منه أيضا)

إنها صرخة حق من قبل الروائية أرادت أن تصل بها إلى أقصى مسامع معاشر البشر، في هذه الرواية التي جمعت الكثير من التقنيات الفنية في كتابة الرواية ومنها تقنية الراوي العليم، والضمير المتكلم، وعملية الفلاش بك، في عملية استرجاع للحدث، إذ كانت متمكنة منه، وخلال السردية لمدينة غزة وعمَان، أماكن الأحداث مع قليل من أحداث جرت في إسبانيا، من خلال خالد لاعب كرة القدم مع شقيقته نادية، وشقيقته بتول في غزة، بالإضافة لوجود الحدث( الحكاية) في بيت الجدة وعملية هروب الأم، ومن ثمّ تلتقي معهم في نهاية الرواية، لكن الذي لفت انتباهي وجود الميتا سرد في الرواية، وهي عملية تحول فني في كتابة الرواية، مع صوت الراوي العليم إلى صوت الضمير المتكلم، ووجدت في الورقة الواحدة هذا التحول، قد يتبارى إلى القارىء أن هناك تعددية الأصوات، بعدها ترجع الروائية في السرد إلى نظام الراوي العليم، الرواية اجتماعية وجمعت ببن طياتها الجهادية من أجل التحرر من قمع المحتل، من خلال ما قام به حمزة من عملية جهاديةوهو يحمل صفات البطل، نجد في الرواية رومانسية رقيقة وهذا يحسب لها، تحمل هم الوطن الجريح والمعاناة، بعدها يدخل حمزة في غياهب السجن، وهو حبيب بتول الذي كان يعمل في سوبر ماركت يملكه عمه بعد أن قام بعملية فدائية قتل خلالها ثلاثة عشر جنديا، اعتقد أنّ هناك قليلا من ذكر السيرة الذاتية لبعض الشخصيات الحقيقية، أما عن وجود الشعر فحسب رأيي المتواضع أعتقد بأنه قد أضر بالرواية بعض الشيء، نعم هناك مباشرة في عملية السرد في قليل من الصفحات، مع كثرة الحوارات قد تكون نقطة ضعف، لأنّ الرواية تحمل أكثر من 80% سرد 10% منها حوار و10% منها وصف حسب القانون الفني في عمل الرواية، لكن أرادت الروائية أن تبين مظلومة الأبطال من خلال الحوار، أما بالنسبة للوصف فإنه كان دقيقا جدا سواء للمكان والزمان.

رواية جميلة عميقة المعنى تشير إلى عدالة السماء التي لا تنسى أحدا، وهي معه مادام العبد مع ربه، بعد أن عوض بتول بالمرأة الطيبة القلب وفاء وابنتها إسراء، على رغم صعوبة الجدة وفاء بالتعامل القاسي أو الفظ معها.

(قد ينتكب الإنسان ويشيع القدر سعادته وينعاها بعد فراق الحبيب ،فيبحث عن جسر نسيان متين ينتشله من أحزانه، ليكتشف هشاشة بعد فترة من الزمن )(ص179)

(لقد استطاع الحبً أن يهزم الزمان، إنها المرة الأولى التي يهزم فيها الزمان )ص175
(جاء الصباح مسرعا، بدت السماء داكنة ،ربما لأن الغرفة شبه معتمة وتظللها الستائر ذات اللون الغامق والمنسدلة على النوافذ، فجأة مرت حزمة من أشعة الشمس واخترقت طرف النافذة، سقط على وجه بتول فأعتراها بصيص أمل وتمتعت بصفاء اللحظة ) ص171

( عملية فدائية بطولية نفذها شاب واحد في ريعان شبابه لاقت صدى واسعا في الأوساط العربية ، وأحدثت ضجة واسعة في الأوساط الإسرائيلية لما حملته من إهانة للجيش التي عد نفسه لا يقهر .)(ص93)

مع الكثير من الإبداع السردي والوصفي، يجب أن تاخذ هذه الرواية مكانها الحقيقي في السرد العربي؛ لما تحمله من معانِ للتضحية والفداء بالروح مع وجود الإيمان بقدرة الله تعالى، والعقيدة، والشجاعة، مع إظهار حقارة بعض الشخوص من ضمنها زوج بتول الأول وأمه، إظهار الحب والرومانسية والطيبة من قبل حمزة الذي تمتع بشجاعة الفرسان، وتزوج من امرأة مطلقة ولديها أربعة أطفال، ليرزقها الله طفلا ذكرا من حمزة زوجها الثاني المخلص، بعد أن عانت من زوجها الأول بسبب إنجاب البنات وليس البنين.