1:16 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

كيف نُنمّي مهارات التفكير العليا لدى الابناء؟ بقلم : محمود حسين

كيف نُنمّي مهارات التفكير العليا لدى الابناء؟ بقلم : محمود حسين


يسعى الآباء الناجحون والذين يمتلكون وعيًا وإحساسًا بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه أبنائهم والذين يدركون حقيقة النعمة العظيمة التي وهبها الله لهم وهي الذرية إلى بذل كل مافي وسعهم لتربية أبنائهم تربية صالحة وإنارة عقولهم بالعلوم والمعارف المختلفة، وبالقيم والأخلاق العالية، ولا يكتفون بتعليمهم ما تعلموا هم، بل يُناضلون من أجل دفع أبنائهم ليكونوا نسخة أفضل منهم، فينالوا من العلوم والمعارف مالم ينالوه هم، ويكتسبوا من المهارات ما يتناسب وبيئتهم، فيواكبوا ركب التطور والحضارة ويحققوا الفلاح في الدنيا والآخرة.


وبما أن المهارات العقلية هي من أهم المهارات التي يمكن للإنسان أن يكتسبها وينميها ويطورها لتكون وسيلة لتحقيق النجاح في كل المجالات المختلفة في حياة الإنسان، فهي البوصلة التي تساعد الإنسان في حياته وتهديه إلى الفلاح والنجاح في الدارين، لذلك يجب على الآباء أن يولوا اهتمامًا كبيرًا لتنمية هذه المهارات عند أطفالهم ومنذ نعومة أظفارهم، فإن اكتساب الطفل لمهارات التفكير منذ صغره وتدريبه على استخدام هذه المهارات في صغره ستصنع منه إنسانًا ناجحًا متميزًا قادرًا على حل المشكلات واتخاذ القرارات وأداء المهام وتحمل المسؤولية، وبالتالي أسرة ناجحة متميزة تسهم في نجاح وفلاح المجتمع بأسره.
وإذا علّمنا الطفل كيف يفكّر بطريقة صحيحة وكيف يختار وكيف يتخذ قرارًا ويوازن بين المعطيات أمامه فقد علمناه كل شيء في حياته، فالتفكير أساس النجاح، ونضج التفكير وسلامته هو الخطوة الأولى في درب النجاح والسلامة للإنسان في هذه الحياة.
وكما يقول سقراط: “لا أستطيع تعليم أي شيء لأي فرد، ولكن أستطيع تعليم كل شيء لكل فرد إذا علمته التفكير”.
فما هي مهارات التفكير العليا عند الإنسان؟
إن التفكير هو مجموع العمليات العقلية والإدراكية والنشاطات الذهنية التي يقوم بها عقل الإنسان، ومنها ما هو لا إرادي كأن يفكر الإنسان في كل ما يسمعه أو في كل ما تقع عينه عليه، ومنها ما هو إرادي وكأن يفكر الإنسان في حل لمشكلة تواجهه أو يجري عملية حسابية أو يتخذ قرارًا.


وقد قسّم العلماء هذه المهارات تقسيمات مختلفة سنذكر أهمها:
مهارة حل المشكلات:
وتعني قدرة الطفل على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهه، وتبدأ هذه المهارة من مرحلة الرضاعة، حيث يحاول الطفل الحبو للحصول على ما يريد، كما يحاول النزول من الأعلى للتحرر من الشعور بالضيق في المكان الذي يجلس فيه،.. كذلك تستمر هذه المهارة في مرحلة الطفولة المبكرة فيحاول الطفل تقسيم الحلوى نصفين عند وجود قطعة واحدة فقط له ولأخته، كما يقوم بوضع الكرسي للوصول إلى العصير الذي يحب.

وتستمر إلى مرحلة الطفولة المتأخرة، حيث يحاول إيجاد الحلول للمشكلة التي واجهته مع صديقه ويحاول إيجاد طريقة للحصول على المال عند الحاجة إليه، كما يحاول إقناع والده بذهابه إلى رحلة مدرسية، ويحاول تنظيم وقته بين الدروس والنشاطات والأعمال التي يكلفه بها والداه.


مهارة التفكير الإبداعي: وتعني إيجاد الحلول أو الإجابة عن الأسئلة أو قراءة الواقع بطريقة مختلفة عن المعتاد، وبعبارة أخرى التفكير خارج الصندوق؛ كأن يفكر الطفل بطريقة مختلفة عن التي اعتاد أهله على التفكير بها أو أنه يجد حلًا لمسألة رياضية بطريقة مختلفة أو يكتشف كل ما هو جديد مع سرعة في الانتباه ودقة في الملاحظة.


مهارة التذكر: وهي القدرة على التذكر وحفظ الأسماء والأماكن والوجوه والأشياء وأماكن تواجدها والأيام والتواريخ والأحداث، كما هي القدرة على حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والنصوص الطويلة والأشعار.
مهارة التحليل: وهي القدرة على إيجاد الأسباب والتعليلات وراء كل الحوادث والمتغيرات التي تحيط بالطفل، وكذلك إيجاد التفسيرات المنطقية للأحداث والمشكلات التي تواجهه، ويبدأ التحليل بكلمة (لأن).


مهارة التركيب: وهي القدرة على الربط والجمع بين الأشياء والأحداث للحصول على نتيجة منطقية ونهاية مقنعة، وأكثر ما يُساهم في تنمية هذه المهارة هي لعبة البازل والتي يمكن إعطاؤها للطفل من عمر السنة.
وختامًا:
إن التربية هي صناعة الإنسان، وإن بناء عقلية وشخصية الطفل بالطريقة الصحيحة تشبه إلى حدٍ كبير بناء مبنى متكاملًا لبنة لبنة، فلا بدّ من وضع كل لبنة في مكانها الصحيح وبالطريقة الصحيحة حتى يغدو المبنى متينًا وجميلًا ومتكاملًا.
وليس هذا بالأمر السهل، فالتربية طريق طويل يحتاج منا التسلح بسلاحي العلم والصبر، ولكن ستؤتي هذه الثمار أكلها بإذن الله، وسيُزهر ذاك الطفل الذي سعيت من أجله وعلمته وطورته وسلحته بالعلم والوعي والفهم، وسيغدو إنسانًا خيّرًا ناجحًا يُحقق استخلاف الله له في هذه الأرض، وسيكون لك به أجر عظيم.


وإن أهم ما يمكن للمربّي تقديمه لطفله هو تطوير وتنمية مهاراته العقلية كما أسلفنا، فإنه يضمن بذلك أن يحقق الطفل نجاحًا في شتى مجالات الحياة وعلى كافة الأصعدة.

شاهد أيضاً

تقرير : سلطات الاحتلال تستأنف هدم منازل المقدسيين وتغير القوانين لتسهيل السطو على اراضي الفلسطينيين

تقرير : سلطات الاحتلال تستأنف هدم منازل المقدسيين وتغير القوانين لتسهيل السطو على اراضي الفلسطينيين

شفا – مديحه الأعرج – المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان ، في آب …