شفا – أثار استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة لشهرها الـ 2 تواليا، تزامنا مع تصاعد قتلى جنود وضباط جيش الاحتلال، موجة انتقادات إسرائيلية من جدوى مواصلة القتال بمعارك شمال القطاع.
وفي إطار متابعة “وكالة شفا للأنباء” لتصريحات عدد من المسؤولين والمحليين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين حول العملية البرية بشمال غزة، تستعرض في هذه المادة عددا من الآراء المشككة بجدوى استمرار هذه المعارك لتحقيق أهدافها.
وبحسب آخر معطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد اعترفت “إسرائيل” حتى الآن بمقتل 25 ضابطا وجنديا منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة.
“خسائر كبيرة بلا إنجازات واضحة”
وقال مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ 12 الإسرائيلية، نير دفوري، إن القتال بمعارك شمال غزة يتسبب في خسائر كبيرة، مشيرا إلى أن استمرار العمليات قد يؤدي إلى إطالة أمد الحرب دون تحقيق أي إنجاز واضح.
وأشار إلى أن القتال العنيف مستمر في منطقة جباليا، وقد أسفر مؤخرا عن مقتل 5 جنود، بينهم ضابط احتياط قُتل برصاص قناص، لافتا إلى أن المعارك توسعت لتشمل مناطق أخرى مثل بيت لاهيا وبيت حانون.
ورأى “دفوري” أن العمليات العسكرية قد تستمر لعدة أسابيع، معتبرا أن “الثمن الإسرائيلي الذي يُدْفَع مقابل الإنجاز العسكري أصبح أكبر من المكاسب المتحققة” على حد تعبيره.
جباليا وبيت لاهيا.. مقاومة عنيفة
إلى ذلك، استعرض محلل الشؤون العسكرية بالقناة الـ 13 الإسرائيلية، ألون بن دافيد، معلومات دقيقة حول الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الهجوم على جباليا وبيت لاهيا بالعملية العسكرية الأخيرة.
وفي التفاصيل، لفت “دافيد” لـ “وقوع هجوم في جباليا حيث نصبت وحدة مكافحة “الإرهاب” كمينًا لقناصة “حماس” لكن الحادثة أسفرت عن مقتل الرائد إيتمار فريدمان”.
وفي بيت لاهيا، تحدث المحلل العسكري عن كمين للمقاومة الفلسطينية، أسفر عن مقتل 4 جنود من لواء كفير؛ جراء عملية تفجير طابق المبنى بهم عقب دخولهم المكان.
“لا نهاية واضحة”
وصرَّح قائد سلاح الجو الإسرائيلي سابقًا، إيتان بن إلياهو، أن “الوضع بغزة يظلّ بلا نهاية واضحة، متسائلا عن مدى جدوى استمرار الاحتلال هناك، وما إذا كان يمكّن لـ “إسرائيل” أن تستقر هناك أو تحكّم بشكل دائم”.
بدوره، نبّه مسؤول كبير في جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، آفنر فيلان، على أهمية تحديد أهداف واضحة للعمليات العسكرية في غزة، مؤكدا على ضرورة تحديد وسيلة سياسية لإنهاء الحرب.
وأعرب “فيلان” عن مخاوفه من انتهاء الحرب دون تحقيق أي إنجازات ملموسة، خاصة بما يتعلق بتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تشكيك بجدوى مواصلة القتال
فيما شكّك رئيس شعبة العمليات في الجيش سابقًا، يسرائيل زيف، بجدوى استمرار العمليات العسكرية في جباليا، معتبرًا أن الخسائر البشرية والمادية أصبحت تفوق الإنجازات المتحققة.
ونوه إلى أن عملية جباليا هي الـ4 في المنطقة، وأن عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي قد بلغ 25 جنديًا، محذرا من مواصلة القتال بالمعارك هناك في شمال غزة، خشية سقوط المزيد من القتلى الإسرائيليين.
“تكاليف مرهقة للغاية”
من جانبه، طالب أمنون أبراموفيتش، محلل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، بتحديد أهداف واضحة للحرب، موضحًا أن تكاليفها البشرية والمالية أصبحت مرهقة للغاية.
وأشار إلى أنّ الحرب تكلف “إسرائيل” مليار شيكل يوميًا، وأنه قد حان الوقت لتحديد هدف عام للحرب وإنهائها بعودة الأسرى، مشيرا إلى أن 787 جنديًا قتلوا منذ بداية الحرب، متسائلًا عن إمكانية تقليل عدد القتلى.
“إنهاء الحرب وصفقة تبادل فورية”
وبالسياق ذاته، دعا صاحب خطة الجنرالات، اللواء احتياط غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي سابقًا، إلى إنهاء الحرب من خلال صفقة تبادل أسرى فورية، مشددا على أنه ليس هناك انتصار مطلق بهذه المعارك.
واعتبر “آيلاند” أن الطريقة الصحيحة لإنهاء الحرب هي إعلان “إسرائيل” استعدادها لسحب جميع قوات الجيش من غزة، مقابل صفقة فورية للأسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
الانسحاب من القطاع وإنهاء العملية البرية
من ناحيته، رأى مسؤول كبير في جهاز المخابرات الشاباك سابقًا، إيلان سيغف، أنّ المهمة العسكرية في غزة قد انتهت، مطالبًا بالانسحاب من القطاع والتركيز على استراتيجيات استخباراتية بدلا من العمليات البريّة المستمرة.
وتابع “سيغف” أنه “يجب قبول شروط حماس شكليًا للحصول على بعض الأسرى الإسرائيليين، ثم الانتقال إلى المرحلة الاستخبارية للبحث عنهم في غزة باستخدام المعلومات الاستخباراتية”.
العملية العسكرية المتواصلة بشمال غزة
ولليوم الـ 43، تتواصل العملية العسكرية والعدوان الواسع الذي يشنه جيش الاحتلال على شمالي القطاع، مخلفًا أكثر من 2000 شهيد و6 آلاف جريح، تزامنًا مع منع الدفاع المدني من العمل هناك لليوم الـ 25 تواليًا.
ودخلت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة يومها الـ 407 على التوالي، وسط استمرار ارتكاب المجازر المروعة بمختلف مناطق القطاع، وفرض حصار مطبق على شمال غزة للشهر الثاني تواليا.
وارتفعت حصيلة العدوان العسكري الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، إلى 43 ألفًا و 764 شهيدًا، بالإضافة لـ 103 آلاف و 490 مصابًا، وفق معطيات وزارة الصحة أمس الجمعة.