القيادة التربوية وأثرها في بناء ثقافة الإنجاز التربوي، بقلم : محمود حسين
إن خصائص العصر الذي نعيشه ومتغيرات تطوره التكنولوجي والمعلوماتي وكذلك سرعة الاتصال التي تعمل بها المؤسسات الإنتاجية تفرض أنماط تفكير جديدة غير معيارية، تنسجم مع ظواهر حقيقية تحدث فيها تحولات مفاجئة ومتوازية. تداخل التفكير كان يُعتقد أن المسارات قادرة على عبور الحواجز بين أنواع المعرفة المختلفة، وتشكل الآن نوعًا جديدًا من المؤسسات القادرة على التعامل مع هذه الحواجز ومواجهتها.
وكان لزاماً على المؤسسات التربوية خاصة، العناية بتكوين هذا الفكر للارتقاء بمستوى مخرجاتها التي ستكفل لها ديمومة الانجاز، وعلى العكس من ذلك فقد اتسمت الكثير من المؤسسات التربوية العربية والاسلامية بتقييد فرص الإبداع، وغياب النظرة المتكاملة في تكوين الفرد، وعجز التعليم عن تحقيق العدل الاجتماعي، والانفصال عن عالم العمل، وتدني مستوى المتعلمين، ونتيجة لذلك أصبح التعليم عائقاً للتنمية والإنجاز بدلاً من إحداثهما، وقيداً يدفع إلى الوراء بدلاً من أن يكون أداة لتطوير الحاضر وبناء المستقبل. لذا كان التوجه نحو إدارة المؤسسات التربوية في المجتمع وفق نظرة جديدة تنطلق من المفهوم القيادي لإدارة مصالح المؤسسة.
ويعد موضوع القيادة من أهم الموضوعات في إطار العلوم الإدارية والسلوكية وعلم النفس الاجتماعي ونجد أبرز النظريات القديمة التي وضعت حول هذه الظاهرة مثل نظرية الرجل العظيم أو نظري السمات تركز أساساً على الصفات والمميزات الفردية للقائد إلا أن الاتجاه الجديد لدراسة القيادة يرتكز على الاهتمام بالتفاعل الذي يحدث بين القائد والجماعة والموقف الذي يكون فيه القائد، وخاصة الهيكل التنظيمي.
ولا يمكن أن يحدث التفاعل السليم بين عناصر المؤسسة إلا في ظل وجود بيئة ايجابية، فهي من الضرورات الحتمية للمجتمعات التي تبحث عن دور فاعل بين الأمم، كما لا يكفي أن يكون الفرد إيجابياً بذاته حتى تتحقق البيئة المطلوبة. وبما أن عمليات الإصلاح والتنمية في أي مجتمع هي عمليات جماعية لا يقوى عليها الأفراد، فوجود أفراد يحملون روحاً سلبية سيشكلون عنصر هدم للآخرين.
فعلى القائد في أي مؤسسة، خاصة المؤسسات التربوية معرفة المناطق الايجابية في الحياة وتشمل: الرغبة في الإنجاز، وإرادة التعلم، وأخيراً العمل باجتهاد، وعلى عكس ذلك عليه معرفة المناطق السلبية في الحياة والتي تتمثل في: التمني، والإشفاق على الذات، وتضييع الوقت.
وعليه فهناك العديد من الطرق التي تساعد القيادة التربوية على بناء البيئة الإيجابية لثقافة الإنجاز التربوي، وذلك بالمعرفة الكاملة للإنسان ومكوناته وكيفية التعامل معه، ومعرفة الحاجات الأساسية للإنسان والمجتمع، وكذلك الإلمام بالأعمال الإدارية وأنواعها، فالقيادة التربوية معنية بهذا الجانب أكثر من غيرها، فهي تشمل مجموعة من التفاعلات بين شخصية القائد والأتباع، من حيث حاجاتهم واهتماماتهم ومشكلاتهم، وبناء العلاقات بين أفرادها، وكل ذلك في إطار من الإدراك المشترك بين القائد والجماعة والمواقف.
إن إدارة المؤسسات التربوية في المجتمع وبناء على آخر ما توصلت إليه العديد من الدراسات الميدانية ينبغي أن تنطلق في نظرتها للمؤسسة من المفهوم القيادي لإدارة شؤون تلك المؤسسات، لا أن تعكف على المفهوم الإداري فحسب والذي يركز بدوره على تسيير الأمور دون النظرة الكلية للمشروع. لذلك فان هذا البحث يتناول حقيقة القيادة التربوية التي تحتاجها إدارات المؤسسات التربوية في المجتمع بمختلف مستوياتها من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف العليا والاستراتيجية. إن القيادة التربوية.
- – الأستاذ مساعد دكتور محمود حسين – فلسطين