إقالة غالانت لن تسقط حكومة نتنياهو ، بقلم : راسم عبيدات
نتنياهو اختار اللحظة المناسبة لإقالة غالانت،وهو الذي كان يتحينن الظرف والفرصة المناسبة من أجل اقالته،ظرف ومناسبة يكون فيه الضرر السياسي أقل ما يمكن،وكان الجميع يتوقع بأن نتنياهو بعد عودته من زيارته الأخيرة لواشنطن في تموز الماضي، قد يقدم على إقالته،لأن الكنيست دخلت في عطلتها الشتوية ..ولكن نتنياهو بقي متردداً في ذلك ومورست عليه ضغوط من أجل ان لا يقوم بتنفيذ مشروعه ومخططه،وخاصة انه كان يخطط لإستبداله بالوزير جدعون ساغر العائد الى حضن الإئتلاف ،وهو الذي خرج من رحم الليكود ،ولكن زوجته سارة لا تثق بساعر ،وعطلت مشروع وقرار زوجها…نتنياهو كان يعتبر منذ 8 شهور أن غالانت غير موثوق وليس جزء من الإئتلاف الحاكم،وخاصة مواقفه المتعلقة ،برفض مشروع التعديلات القضائية ،وتأييده لصفقة تبادل الأسرى،ورفض قانون عدم تجنيد اليهود ” الحرديم” ،حركتي شاس ويهوديت هتوراه ..وأيضاً هو رفض مبررات نتنياهو للسيطرة على محور فلادليفيا،وأنه ليس بالأهمية العسكرية والأمنية لإسرائيل،والذي من أجله يتم التضحية بالأسرى الإسرائيليين،ورفض اجراء صفقة التبادل …نتنياهو اختار اللحظة المناسبة،وهو البارع في تصدير أزماته والخروج منها …فهو اختار فترة اجراء الإنتخابات الأمريكية،حيث تعيش تلك الإدارة الأمريكية فترة انتقالية،وبالتالي لا تتمكن من ممارسة اي ضغوط جدية عليه لثنيه عن إقالة غالانت،والذي من وجهة نظري ،بأن نتنياهو يستعد لإقالات اخرى في المؤسسة العسكرية،قد يستتبعها بإقالة رئيس الأركان هيرتسي هليفي ،ومن بعد ذلك يتفرغ لقادة الأجهزة الأمنية ” الشاباك” و” الموساد” ،لكي يحكم سيطرته بشكل كامل على المؤسستين العسكرية والأمنية،وتصبح مطواعة بين يديه،
صحيح هذه الخطوة سيكون لها تداعيات كبيرة مجتمعية وسياسية وحزبية،وعلى الحرب على قطاع غزة ولبنان،وربما تحدث تصدعات وتشققات في العلاقة بين المؤسستين العسكرية والأمنية مع المؤسسة السياسية،ولكن من التجارب السابقة، نتنياهو استطاع ان يلجم المعارضة السياسية الإسرائيلية،والتي ثبت انها غير قادرة على التحشيد وقيادة حركة الشارع،او طرح برنامج بديل لبرنامج نتنياهو،بل في كثير من الأحيان،كانت تلك المعارضة تتخندق على يسار نتنياهو او على يمينة،وفي النهاية تنصاع الى ما يريده نتنياهو،فنتنياهو حل المجلس الأمني المصغر بخروج غانتس وايزنكوت منه،ولم يؤثر ذلك على شعبيته ولا على حكومته ..وكذلك تظاهرات اهالي الأسرى وتحميله مسؤولية عدم اجراء الصفقات لتبادل الأسرى من أجل تحريرهم،استطاع ان يستوعبها،وأن “يحجم” و”يقزم” من دورها وتأثيرها،وكذلك جهود النقابات العمالية،التي دخلت على خط الإضراب،لدعم قضية الأٍسرى،وأن تكون الأولوية في الحرب لتحريرهم على أولوية الإستمرار في الحرب دون تحريرهم..تمكن من اجهاضها،بالقول بأن هذا اضراب سياسي،من أجل التأثير على قرارات حكومية،ولذلك لجأ الى المحكمة التي أوقفت هذا الإضراب،وتراجع الإتحاد العام للنقابات العمالية ” الهستدروت” عن الإستمرار في هذا الإضراب…نتنياهو وجه ضربة قاصمة لغالانت،فليس فقط بإقالته واستبداله بصديقه المقرب، يسرائيل كاتس ،والذي هو من خارج المؤسسة العسكرية و” خاتم في اصبع نتنياهو”،بل اتهم غالانت بأنه المسؤول عن تسريب الأسرار الأمنية والعسكرية من مكتبه،عندما شعر بأن الحبل بات قريب من الإلتفاف حول عنقه،فمثل هذه التسريبات المتهم بها مدير مكتبه فيلدشتاين ،المعتقل هو وثلاثة اخرين على خلفية تلك التسريبات لوثائق ومستندات مزورة وجرى التلاعب فيها،قيل انها صادرة عن الش ه ed يحي السنوار وقيادة حركة حماس،حول التشدد في المطالب المتعلقة بصفقة الأسرى وبأن السنوار يستعد لتهريب جزء منهم برفقته لخارج قطاع غزة ..وكذلك غالانت امام الحريديم ،هو المتهم بالدعوة لتجنيد 7 ألآلاف من اليهود الحرديم،في ظل النقص في العنصر البشري ،وهذه الإقالة من شأنها،أن تبعد عن نتنياهو شبح سقوط حكومته من داخلها،فاليهود الحرديم الآن سيرتاحون،وسيقوفون الى جانب قرار نتنياهو،وسيدعمون اقالة غالانت ..والتهاني لمكتب نتنياهو وصلت من بن غفير ،حيث قال ألآن لن يكون هناك صفقة تبادل اسرى ،وكذلك اليهود الحرديم،سيدعمون حكومة نتنياهو،فقانون اعفاء اليهود الحرديم من الخدمة سيكون جاهز وسيقدمه وزير الحرب الجديد كاتس،وسينال اغلبية في الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة .. نتنياهو ما زال اللاعب القوي على الساحتين السياسية والعسكرية،ولا يلتفت الى اتجاهات السياسة الإسرائيلية الداخلية،والمعارضة السياسية غير المتجانسة،طوعها وباتت اعجز عن تقود عملية تتغير او اسقاط لنتنياهو أو النجاح في طرح برنامج بديل ،او القدرة على قيادة الشارع الإسرائيلي …وأضحت ظاهرة صوتية كحال النظام الرسمي العربي المطبع والمنهار …والشارع الإسرائيلي،نجح نتنياهو في تطويعه وتحجيمه ..بعد سلسلة الإنجازات العسكرية والأمنية التي حققها بإغتيال العديد من القيادات الأمنية والعسكرية لحزب الله اللبناني وصولاً الى اغتيال الأمين العام للحزب نصرالله ونائبه هاشم صفي الدين،وكذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس هنية على الأراضي الإيرانية،ومن ثم إستشهاd خليفته السنوار في تل السلطان في رفح ، ..نتنياهو سيواجه أزمات،وهو يأكل حلفاءه الواحد تل الأخر ،ولكن هو بارع في تصدير أزماته والهروب منها ..ومصالحه السياسية والشخصية فوق أي اعتبارات ،ولذلك هو لن يوقف إطلاق النار ولن يجري صفقة تبادل الأسرى،لأن ذلك يعني انتخابات مبكرة ولجان تحقيق وسقوط لحكومته وذهابه للسجن .. نتنياهو سيحكم سيطرته على المجتمع الإسرائيلي والحكومة والكنيست والجيش والأمن والقضاء ..في ظل غياب البديل وغياب الحركة الجماهيرية الفاعلة ،وانتفاء الضغوط الخارجية عليه،فهو دائماً قادر على ان يجر من ينتقدونه او يتصدون لمخططاته ومشاريعه من امريكان وأوروبيين الى الخانة التي يريدها هو …نتنياهو لن تسقط حكومته والمعارضة والضغوط الشعبية، اعجز من ان تسقط حكومته، ما يسقطها إما الإدارة الأمريكية ،او خسارة الحرب على الجبهتين اللبنانية وقطاع غزة.