كامالا هاريس والرؤية المستقبلية، مستقبل الشرق الأوسط في حالة فوزها بالانتخابات الامريكية ، بقلم : م. غسان جابر
تستعد الولايات المتحدة لعملية انتخابية تُعتبر بالغة الأهمية، حيث يتطلع الناخبون إلى التعرف على الخطوط العريضة للسياسة الخارجية التي قد تنتهجها مرشحة الحزب الديمقراطي: كامالا هاريس. في مواجهة الحرب المستمرة في قطاع غزة والعلاقات المأزومة مع دول المنطقة، تتزايد المخاوف من أن يؤدي تولي هاريس السلطة إلى إعادة إحياء نهج غير فعال، مشابه لذلك الذي اتبعه باراك أوباما.
مشهد الشرق الأوسط الحالي
يعاني الشرق الأوسط من جروح عميقة بفعل الصراعات المستمرة، من حرب غزة إلى عدم الاستقرار في العراق وسوريا. يشهد الوضع البشري والأمني تدهوراً غير مسبوق، مما يزيد الضغط على صانعي السياسات في الولايات المتحدة للتصرف بحكمة وفعالية. ومع تصاعد الغضب الشعبي في العالم العربي بسبب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، تصبح السياسة الخارجية الأمريكية في قبضة تحديات معقدة.
كامالا هاريس: نحو سياسة خارجية جديدة أم إحياء للأساليب القديمة؟
تسعى هاريس، على الرغم من أنها تُظهر رغبة في تعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، إلى تحقيق توازن دقيق بين هذه الأهداف ودعمها التقليدي لإسرائيل. وبعد سنوات من الصراع، قد يُنظر إلى سياساتها كامتداد لسياسات أوباما، التي أثبتت إما عدم فعاليتها أو غياب النتائج هناك. يُعزى هذا الاتجاه إلى الضغوط التي تتعرض لها الولايات المتحدة من حلفائها العرب، الذين يسعون للحفاظ على استقرارهم، ما قد يحد من إمكانية إجراء تغييرات جذرية في السياسة الخارجية.
وباما: السياسة المهيمنة برغم انتهاء رئاسته
في حال انتخاب هاريس، من المحتمل أن يستمر تأثير أوباما، ليس فقط في سياسته الخارجية ولكن أيضاً في تشكيل الكوادر الدبلوماسية. إذ إن العديد من مستشاري هاريس قد يكون لديهم خلفية في إدارة أوباما، مما يعني أن النهج الذي اتبعته الولايات المتحدة أثناء فترة رئاسته قد يعود إلى السطح. وهذا قد يعيق حدوث تحول حقيقي في العلاقات مع دول الشرق الأوسط.
تحولات سياسية داخلية وتأثيرات محددة
تتعقد الأمور أكثر بسبب البيئة السياسية في الولايات المتحدة نفسها، حيث تتزايد الانتقادات من الناخبين العرب والمسلمين تجاه هاريس بسبب دعمها لإسرائيل في ظل الصراع الأخير. إذا استمر ذلك، فإن شعبيتها في المجتمعات التي تعاني من قمع الأنظمة الاستبدادية قد تتراجع، مما قد يؤثر سلبًا على مسيرتها السياسية.
جدير بالذكر أن التحولات السياسية في المنطقة ليست ناتجة فقط عن التوترات الحالية، بل تعتمد أيضاً على كيفية استجابة الحكومات العربية لتطلعات شعوبها، التي شهدت زخماً جديداً بعد أحداث 2011. ومن هنا، يجري سؤال الكيفية التي ستستجيب بها هاريس للاحتجاجات الشعبية واحتياجات المجتمعات الآخذة في التصاعد.
هل يبقى دمار الشرق الأوسط على يد هاريس وأوباما؟
أخيراً، في ظل ضغط الأحوال السائدة، قد يشكل انتخاب هاريس فرصة لإعادة تقييم السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. غير أن انغماسها في استراتيجيات مشابهة لتلك التي تبناها أوباما، مع إخفاقات سابقة، قد يؤدي إلى زيادة الأزمات في المنطقة. إذا لم يتم تعديل السياسات لتلبية احتياجات الناس وتطلعاتهم، فقد تستمر دائرة الدمار والانقسام، مما يفرض مؤكداً تحديات جديدة على صانعي القرار في واشنطن.
إن إدارة هاريس ستحتاج إلى أن تكون أكثر تفهماً وديناميكية، مع الاستجابة بشكل مباشر للأزمة الإنسانية في غزة ومناطق أخرى، وزيادة الدعم للقوى الداعية للسلام والديمقراطية. فالفشل في ذلك قد يجعل من الشرق الأوسط ساحة جديدة من الفوضى والمآسي، توضح لنا أن التاريخ قد يعيد نفسه، ويجلب معه عواقب غير محسوبة.