العالم على حافيه الهاوية ، بقلم : شادية الغول
سؤال – لماذا يحذر قاده العالم وجنرالاته من حرب عالميه وشيكه ؟
للإجابة عل ذلك يقتضى القاء نظرة على أحوال العالم هذه الأيام، أولاً: قد نبدأ بزاويه قد تكون بعيده وهى عوده الاهتمام بالتجنيد الإجباري
من يتابع الأخبار منذ بداية العام يلاحظ بوضوح عوده نظام التجنيد الإجباري الى الاهتمام مرة أخرى ، حيث قامت الكثير من دول العالم بإلغاء نظام التجنيد الإجباري تباعاً في الخمسون عام السابقة ،حصوصاً في السنوات التي أعقبت انهيار الإتحاد السوفيتي ، وانتهاء الحرب الباردة في عام 1912 ، هذه الدول تبنت نظام تجنيد اختياري ، ولكن هذه الدول مؤخراً ترغب بالعودة الى التجنيد الإجباري أو الإلزامي ، هذه الرغبة أخذت عده أشكال
- دول اعاده التجنيد الإجباري فعلياً مثل كرواتيا ، لتريا
- دول توسعت فيه مثل السويد ، إستونيا ،الدنمارك
- دول أعلنت إنها تدرس إعادة تطبيق النظام من جديد مثل اليابان، فرنسا ، صربيا
ما “مشكله هذه الدول مع التجنيد الإجباري ؟
هنالك دول منها الولايات المتحدة الأمريكية ، كانت تنظر إلى النظام بإزداء شديد ، منذ إنشاء الجيش الأمريكي عام 1775 ، لم يكن التجنيد الإجباري مرغوباً به ، ولكن لاجئت إليه السلطات الأمريكية عند الحاجه القصوى فقط ( حرب الاستقلال ، حرب أهليه ، الحربين العالمتين الأولى والثانية )، بعد ذلك لحوالي ثلاث وعشرون سنه متصلة من عام 1950 إلى الدخول في الحرب الكورية ، وحتى إنهاء العمل بنظام الخدمة الإجبارية عام 1970 كأحد نتائج السخط على حرب فيتنام ، كان واحد من الذين نظروا لرفض الخدمة الإجبارية ، هو العالم الاقتصادي الشهير ميلتون فريدمان ، والذى فند الفكرة الأساسية وراء التجنيد الإجباري
- عدم قدرة الدولة بدفع رواتب حقيقه لما يكفى من الجنوب المتطوعين، كان ميلتون فريدمان في منطقه الرفض للتجنيد الإجباري ، والذى لاقى قبولاً وسعاً في أمريكا في وقتها كان رأيه مبنى على ثلاث اعتبارات أساسيه: من غير الأخلاقي تجنيد المواطنين في بلد حر ، بمعنى لا إكراه بالتجنيد أو غيرها بالمجتمعات الحرة ، التكلفة الاقتصادية لتجنيد الشباب أكبر من فوائدها ، يمكن للشباب العمل ويكون أكثر إنتاجيه بكامل إرادته واختياره ، وإذا لم يتم إجباره على التجنيد ، والضرائب التي تأتى لهذا العمل تدفع إلى فئه أخرى تختار التجنيد .
- إن التجنيد الإجباري لعام أو عامين لا يكفى للحصول على المهارات العسكرية التي يحتاجها الجندي المحترف
هذا المنطق تبنه لاحقاً الكثير من دول العالم، ولكنها الأن بسبب الفوضى التي تضرب العالم خصوصا بعد الغزو الروسي الى اكرانيا في فبراير 2023، باتت تشعر بالخطر وفى نفس الوقت تعانى بنقص حاد بالراغبين بالتطوع ” الشح بالجنود “
في 17إبرايل الماضي نشرت مجله فورين أفريز تقريراً مهماً عن عوده اهتمام دول العالم بنظام التجنيد الإجباري مجدداً ، وفقاً لهذا التقرير كان في بداية القرن العشرين حوالى 80% من الدول لديها التجنيد الإجباري ، لكن مع إنهاء الحرب العالمية تراجعت حماسه هذه الدول للنظام فألغته مثلاً 24دوله من حلفى شمال أطلسي البلغ عددهم 32 دوله ، ولغته تباعاً 13 دوله عضواً في منظمه التعاون الاقتصادي والتنمية منذ عام 1995 ، النتيجة تقلص الدول التي تتبع نظام التجنيد الإجباري الى 40% بحوالي عام 2015 ، وبدل من هذا النظام فضلت الدول الاعتماد على جيوش أصغر يحتوى على كتطوعين محترفين ، هذا التوجه محل مراجعه لان هذه الدول تواجه أخطار غير مسبوقة مع نقص حاد بغير بالراغبين بالتطوع لماذا ؟
- عدم رغبه الشباب بالموت في حروب يقودها سياسياً ما
- عدم استعداد بعض الشباب لقصوى الحياه العسكرية
- معانه بعض الدول من نقص المواليد
طبعا فكرة فرض التجنيد الإجباري أو التوسع يستخدم في نوعين من الدول :
أولاً: الدول التي تشعر بخطر الحرب مثل دول البلطيق الثلاث إستونيا ولاتفيا، وليتوانيا ، لأنها دول أوربية صغيرة أمام روسيا مباشرة ، بمعنى في أي صراع مع الغرب وروسيا سوف تفتح شهيتها بابتلاع هذه الدول الثلاث
ثانياً : دول تحارب بالفعل ، مثلاُ أخرها اكرانيا ، في إبريل الماضي حفض سن التجنيد الإجباري من 27 الى 25 عام أملاً بدعم جيشها بعدد أكبر من الشباب الأكراني لمواجه روسيا ، وفى سبتمبر الجاري أمر الرئيس فلاديمير بوتن بزياده عدد المجندين في الجيش الروسي ب 180 ألف روسي ليصبح عدد الجيش الروسي من الجنود العاملين 1,5 مليون جندي ، بالتالي أصبح الجيش الروسي ثاني أكبر جيش بالعالم بعد الصين ، كذلك إسرائيل في يوليو الماضي قررت إطالة خدمه المجندين الذكور الى 36 بدل من 32 شهراً ، واستبدال سن الاحتياطي بدل من 46 بدل من 45عام ، وأبقوا على فترة تجنيد الفتيات الى سنتين ، الشعور بالخطر دفع بعض الدول العربية أيضاً الى اتباع نظام التجنيد الإلزامي ، فبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، ثم ثورات الربيع العربي منذ 2011 والاضطرابات الكثيرة المتلاحقة في اليمن ، سوريا ، ليبيا ، تبنت دول مثل الكويت ، الإمارات ، التجنيد الإلزامي ، المغرب الذى كان قد ألغ التجنيد الإلزامي في عام 2006 ، لأسباب محل جدل ، عاد العمل به في عام 2019 ، وهنالك قانون محل دراسة بالعراق بخصوص عوده التجنيد الإلزامي وهكذا ، هنالك دول تجمع بين النظامين الإلزامي ، الاختياري ، مثل مصر ، إن عودي التجنيد الإجباري مؤشر على الخوف والقلق الذى يجتاح العالم المضطرب ، ولكنه ليس المؤشر الوحيد هنالك ايضاً تعدد أشكال الاستعداد مثل
ارتفاع مؤشرات الإنفاق العسكري بصورة غير مسبوقة على الأقل منذ انتهاء الحرب الباردة وفق تقرير معهد إستكهولم الدولي للأبحاث والسلام في تقريره السنوي للإنفاق العسكري، حيث أنفق العالم في عام 2023 على التسليح 2,443 تريليون دولار.
كذلك تشكيل تحالفات عسكريه رسميه وغير رسميه، مثلاً تحالف السويد وفنرلاندا بعد حياد التزمت به لسنوات طويله، انضموا رسمياً إلى تحلف النيو مؤخراً فيما يتعزز التعاون العسكري بين إيران روسيا والصين وكرويا الشمالية ، باختصار نحن أمام موجه جديده من الاستنفار العسكري سببها ، إدراك الجميع أننا نعيش في عالم مضطرب .
ومن مظاهر الاضطراب الواضحة مثلاُ، وفق مؤشر السلام العالمي في تقريره لعام 2024 حالياً ، هنالك 60 حرب ، وأطرافه 92 دوله في العالم ، ووفق هذا التقرير يعتبر أن هذه الحرب جمعت أكبر عدد للدول منذ الحرب العالمية الثانية .
خلافاً الى أربع مواجهات محتمله تشغل العالم ، الصين وتايون ، اتساع حرب أوكرانيا على أروبا ، انفجار الوضع بين كوريا الشمالية والجنوبية ، واحتمال انضمام دول أخرى حالياً في حاله اندلاع مواجهه أكبر بين إيران وحلفائها وإسرائيل وحلفائها
تعليق الكثير من معاهدات الحد من التسلح التقليدي والنوني في الثلاث السنوات الأخيرة ، مثلاً خرجت روسيا من معاهده 2013 للقوات المسلحة التقليدية في أروبا ، وهذه المعاهدة كان هدفها خفض أعداد الجيش وتعليق احتمال حدوث هجوم مسلح بين الأطراف الموقعة ، وقبل الغاء هذه الاتفاقية ، تم تجميد اتفاقيه الحظر الشامل لتجارب العمل النووي والتي كانت تضبط تطوير الصواريخ طويله المدى ، كذلك جمدت معاهده الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية ، ومعاهده الأجواء المفتوحة ،،، الخ
كل هذه المعاهدات هي من ضمن معاهدات واتفاقيات فرض السلام والحد من فرص اندلاع حرب شامله بين حلف شمال الأطلسي ، وروسيا
الأن
خطر اندلاع حرب نووية أعلى من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة ، فروسيا التي تشعر بالخوف من أن يحاصرها النيتو الأكثر تفوقاً بالسلاح التقليدي تهدد كل يوم باستخدام السلاح النووي
إيران باتت بعد أيام من إنتاج وتطوير القنبلة النووية ، كرويا الشمالية تتحدث علاناً عن تطوير ترسانتها النووية ، ,إذا فاز ترامب في لايه ثانيه وقد استأنفت الويلات المتحدة مرة ثانيه إجراءات التجارب النووية التي توقفت عنها قبل معظم القوى النووية في مطلع التسعينات .
أما المظهر الثالث والأبرز وهو انقسام العالم الى معسكرين على غرار معسكرين المحور والحلفاء اللذين قادتا الحرب بين العالمتين
معسكر الحلفاء بقياده الولايات المتحدة ، وأربعون دوله ، ومعسكر أخذ تسميه واشنطن المارقين وأنا أسميه المتمردين على سلطه الولايات المتحدة ، ويضم الصين ،روسيا ، كوريا الشمالية ، إيران ، كوبا ، وعدد أخر متزايد من الدول مثل سوريا ، اليمن، فصائل قويه في لبنان ومؤخراً في الساحل الأفريقي ، يتم التعبير عن هذا الانقسام بعده طرق منها : - التوسع الشديد في فرض العقوبات المتبادلة بين الولايات المتحدة وحلفائها وخصومهم من جانب أخر ، أذكركم أن أهم أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية ، فرض عقوبات على ألمانيا ، واليابان
- الحروب التجارية ولها أشكال منها الزيادة في الرسوم الجمركية ، إعادة رسم خريطه الإمداد ، الرفض المتزايد للأجانب “المهاجرين”
التصريحات الهستيرية والتقارير التي تحذر من اندلاع حرب عالميه ثالثه قادمه ، مثلاً قائد الجيش البريطاني يدعو المواطنين الى الاستعداد الى حرب عالميه ثانيه ، تتطلب حشد المواطنين لحمل السلام - وزير الدفاع الألماني تحذر من أن بوتن قد يهاجم حلف شمال الأطلسي في أقل من عشرة سنوات ، ويجب أن نستعد
- رئيس اللجنة العسكرية لرؤساء أركان جيش حلف الناتو ، يحذر دول الناتو أن يكون الجميع في حاله تأهب قصوى للحرب
- وزير خارجيه تركيا الحالي ورئيس مخابراتها سابقاً ، حذر من اندلاع حرب عالميه ثلاثة منذ أسابيع قليله
- في سبتمبر الماضي أصدر تقرير عن لجنه إستراتيجيه الدفاع الوطني في الولايات المتحدة الذى اكد أن أمريكا تواجهه أطر التهديدات منذ عام 1940 بما في ذلك الدخول في حرب كبرى قريباً ، مؤشر الى أن الشراكة بين الصين وروسيا مؤخراً قد توسعت وتعمقت لتصل الى شراكه عسكريه واقتصاديه مع إيران وكرويا الشمالية ، هذا التحالف مع الدول المعادية الى أمريكا يخلق خطراً وقد يتحول الى صراع وحرب متعددة المسارح
يبقى السؤال لماذا يعانى العالم من الاضطرابات والخوف ؟؟؟
الإجابة المباشرة بسبب عجز النظام الدولي ” القانون الدولي ،الأمم المتحدة ” عن حل الصراعات بين أعضائها “تأكل القانون الدولي ” وذلك بسبب دعم الولايات المتحدة الأمريكية المباشرة الى إسرائيل