حان الوقت لـ «حل الدولتين».. ولكن! بقلم : أحمد عبدالوهاب
مع تصاعد حدة الصراع في الشرق الأوسط، يزداد المشهد السياسي تعقيدًا، في ظل رفض حكومة نتنياهو «المتطرفة»، أي محاولات لرأب الصدع، وإيقاف الحرب والمجازر الوحشية، تجاه الفلسطينيين في قطاع غزة، ما يعكس نوايا إسرائيل الخبيثة، لتصفية القضية الفلسطينية، والاستيلاء على الأرض، في ظل الاستمرار في بناء المستوطنات.
الوضع الراهن لا ينذر بانفراجة، بعد الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، واستمرار أعمال القصف على الجبهة الجنوبية في لبنان، بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهنا تكمن أسباب تفاقم الأزمة، فما تقوم به إيران، الداعم الرئيس لحركة حماس وحزب الله، أحد الأسباب الرئيسية في إعاقة السلام بالمنطقة.
ومن قرأة المشهد، نرى أن إيران تدعم المقاومة، على مدار سنوات في حرب «الوكالة» – كما يطلق عليها – دون الدخول في حرب مباشرة مع العدو الإسرائيلي، وهو ما قد ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة بأثرها.
إن الحديث عن مفاوضات لوقف إطلاق النار، أصبح بمثابة «فقاعات»، يتم الحديث عنها بين الحين والآخر، دون أن تدخل في حيز التنفيذ. إيران تدعم بقاء حكم قطاع غزة في قبضة «حماس»، في الوقت الذي تنادي فيه أصوات، بعودة حكم القطاع للسلطة الفلسطينية، وهو خطوة مضيئة نحو وقف الحرب.
في نهاية مارس 2002، انعقدت القمة العربية في بيروت، على خلفية أحداث «انتفاضة الأقصى»، التي شهدت اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدن الفلسطينية وتدمير البنية التحتية وقتل وأسر الآلاف من الفلسطينيين.
في تلك القمة أطلق العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، مبادرة سلام لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحيث تهدف المبادرة لإنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ومقابل ذلك سوف يتم اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيًا ، وتتمكن إسرائيل من إنشاء علاقات طبيعية مع نحو 57 دولة عربية وإسلامية، وتم إقرار مبادرة السلام من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأصبحت هي الإطار الناظم للموقف العربي والإسلامي اتجاه العلاقة مع إسرائيل وحل القضية الفلسطينية.
ومنذ ذلك الحين والفلسطينيون يتمسكون بمبادرة السلام العربية كخطة لا بديل لها لإنهاء الصراع مع إسرائيل. ومع قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإعاد التذكير بالمبادرة والتمسك بها مجددًا، لشعوره بأن هناك خطة أمريكية بديلة يتم تداولها، تقوم بقلب المبادرة العربية، بحيث تبدأ بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومن ثم يتم التباحث في سبل حل القضية الفلسطينية، وهذا يشعر الرئيس الفلسطيني بخطر شديد، إذ إن إسرائيل لن تجد ما يجبرها على حل للقضية الفلسطينية ما دامت أبواب المنطقة سوف تفتح أمامها.
ويسعى الرئيس عباس الآن للحفاظ على الوحدة في الموقفين العربي والإسلامي، الأمر الذي سيوفر الدعم للموقف الفلسطيني الرافض لترويج إسرائيل في المنطقة على حساب الحقوق الفلسطينية.
ولا يريد عباس فتح مبادرة السلام العربية كما ترغب الولايات المتحدة، وإنما يتمسك بها مثلما أقرت، وقال «تطبيقها كما هي من الألف إلى الياء»، فالمواقف الأمريكة واضحة، لا سيما في إخراج القدس من قضية المفاوضات وإنهاء قضية اللاجئين، وهاتان القضيتان تندرجان تحت إطار الرؤيا الأميركية للسلام الإقليمي والذي يبدأ بالتطبيع ومن ثم يتجاهل قضايا فلسطينية مركزية، على ما يرى شاهين.
حركة حماس لا تنتمي إلى منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي تفتقر إلى الشرعية، والتدخل إيراني وحلفاؤها كان السبب في إفشال عملية السلام، وأي محادثات إسرائيلية فلسطينية يجب أن تكون دون تواجد حركة حماس، التي تسببت في الحرب المدمرة الآن، ويتطلع الجميع إلى تحقيق معاهدة سلام بين إسرائيل وفلسطين.
أصبح الوضع الأمريكي اليوم في مأزق كبير أمام الدول العربية وخاصة أمام المملكة العربية السعودية، التي تجري معها مفاوضات، وأمام استمرار التوتر مع إسرائيل الموقف السعودي خلال مؤتمر ميونخ كان واضحا بعدم التفاوض مع إسرائيل.
وجود عمل عربي منسق تقوم به السعودية بالتعاون مع مصر والإمارات وقطر والأردن، والهدف منه هو التعامل مع تداعيات توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتأكيد الموقف العربي والأمريكي والدولي على الاستمرار في الدعوة لحل الدولتين. عجز إيران الدخول في صراع مع إسرائيل، رغم تلقي حماس دعم مالي من إيران، إلا أنها لا تُعتبر فصيلًا إيرانيًا بسبب اختلاف الأيديولوجيا بينهما.
حل الدولتين ينهي الصراع المرير الذي عانت منه المنطقة، منذ ما يقرب من قرن من الزمان والذي يقضي بتقسيم الأرض بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط لإقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية مستقلتين وذواتي سيادة تعيشان جنبًا إلى جنب، قد حظي مرارًا وتكرارًا بتأييد قادة العالم.
غزة لا يمكن استبعادها من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وإقرار السلام الشامل العادل وحل الدولتين، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي القيام بدوره، واتخاذ موقف حاسم لإنهاء الصراع وحل الدولتين.