من آخر المعجزات..لآخر الممنوعات!! بقلم : نور فهمي
“يجدر به منذ الساعة أن يولي نفسه ما يستحق من الاحترام، أن يتعجَّب ويتساءل، أن يحكي الحكاية لكل مَن هبَّ ودَب، أن يبحث لها عن تفسير. لقد وقَعَت معجزة، وقَعَت ببساطة بين جدران حانة، وسط السكارى والمُعربِدين من الجنسَيْن”
” هناك أمل، عند الأفق، وراء حياته الذابلة التافهة الجدباء، أمل يَعِده بالقوَّة والنور والامتياز، سيَتحوَّل الرجل المسكين إلى شخصٍ نوراني باهر يأتي بالمعجزات، وسوف يُوارى بعد عمرٍ طويل في ضريحٍ مُبارَك”
من قصة (معجزة) لنجيب محفوظ
هل يمكن أن تصبح المعجزة مجرد خديعة بصرية..أو مؤامرة بشرية أو ربما نتيجة لخلل فى كيميا المخ!!
هل يقع الإنسان فريسة سهلة للتصديق، إن كان فى حالة مادية ونفسية يرثى لها..كأن يتمسك حينها بقشة يخيل إليه فى لحظة العجز التام، بقدرتها الاستثنائية رغم استحالة الأسباب!!
فهو الذى يشعر طوال حياته بعبثية وجوده، وهامشية دوره وانعدام قيمته!!
فيلتقط ذهنه شيئا، ويصدقه، ويفني فيه طاقته ووقته وماله، كى يتشبث بوهم ..يبدو له كأنه “الحقيقة المطلقة”..
وإلا فما الدافع لحياته..إن كان العدم مآله والغرض من وجوده فراغ وعبث؟!
هذا هو المبحث الذى تدور حوله قصة (معجزة) لنجيب محفوظ ويمكنكم الاطلاع عليها وقراءتها على موقع (هنداوى)
القصة متاحة للجميع ..أما الفيلم المأخوذ عنها.. فمحجوب وممنوع!!
كان من المقرر عرض فيلم (آخر المعجزات)للمخرج (عبد الوهاب شوقى) يوم الخميس الموافق ٢٤ اكتوبر ..فى مهرجان الجونة، ولكنه منع قبل ساعات من عرضه!!
هذا المهرجان يضم العديد من الأفلام من مختلف دول العالم بكل ثقافاتها وفكرها وجنونها وجموحها وتناقضاتها!!
كيف يمنع إذا فيلم مصرى من المشاركة أمام العالم..أمام المتخصصين من ذوى الفكر الخاص والحر ..كيف يمنع أمام من هم أكثر جرأة من الجموع!!
هل هذا منطقى؟! ماذا تحاول الرقابة المصرية أن تصدر للعالم عن الفن والإبداع المصرى؟!
سبق ومنع فيلم الملحد فى (أغسطس) الماضى قبل ساعات من عرضه أيضا، واستجابة لهوجة عشواء من جهلاء لا يفهمون طبيعة الإبداع..ومحاولة لتسكين الرأي العام آنذاك ..
فما هو مبرر المسؤولين الآن من منع فيلم (آخر المعجزات) أمام مبدعين ومتخصصين من كافة أنحاء العالم؟! هل هم أيضا فى حاجة لرقابة على عقولهم من الانحراف؟! هل من المنطقى منع فيلم مصرى وهو الذى مهما بلغت جرأته لن تفوق أبدا جرأة التناول والطرح للأفلام الغربية؛
والتى ستعرض أيضا فى نفس المهرجان؟!!
هل وصل للرقابة نبأ الانترنت والعالم المفتوح وإمكانية مشاهدة أى فيلم حتى ولو كان ممنوعا!!
هل أتاها نبأ اختراع(المنصات العالمية) ؟! وما تعرضه من أفكار متاحة للجميع وفى أى وقت وبقعة أرض؟!
هل الرقابة موطنها مكان معزول عن العالم ..محجوب عن الدنيا والناس والأفكار والعلم والفن!!
هل سيتضاءل حجم الإبداع أكثر مثلما تضاءل فى آخر عشر سنوات ولنفس السبب؟! هل نتجه نحو الهاوية بمخطط مدروس؟
هل هو حقا قرار رقابى؟
أم أن هناك سلطة آخرى وراء الرقابة..تحركها وتقيد مبدعيها؟!
وهل تستمر هذه السلطة فى التوغل حتى يعلنوها يوما جمهورية إسلامية كإيران وأفغانستان؟ !!
لماذا لا يتم اتخاذ إجراءات حاسمة بخصوص ما يحدث تحديدا منذ شهرين، وبشكل مكثف وملحوظ ومتعنت؟!
هل هذا يتوافق مع ما يريده المسؤولون لمستقبل الفن والفنانيين بمصر ؟!
أسئلة لا تنتهى!!
فهل من مجيب؟!