نحن وأجتماع دول البريكس القادم ، الواقع والتحديات ، بقلم : مروان أميل طوباسي
يأتي اجتماع دول مجموعة ” البريكس” المزمع عقده في مدينة كازان الروسية بالأيام القريبة القادمة وسط ظروف عالمية مليئة بالتحولات المتسارعة والتحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وخاصة بما يتعلق بحرب الإبادة والتهجير والاقتلاع العرقي التي تنفذها دولة الأحتلال ضد شعبنا الفلسطيني والشعب اللبناني ، خاصة فيما يجري من محارق غير مسبوقة بحق شعبنا في شمال غزة تذكر بجرائم الهولوكوست النازية بحق الشعوب الأوروبية ، كما وفي اطار اشعال الولايات المتحدة لبؤر توتر في مناطق أخرى من العالم ولجرائمها الطويلة عبر التاريخ بحق شعوب العالم .
وتترأس روسيا هذه القمة التي ستعقد على أراضيها في اطار سعيها لأفشال الجهود الغربية لعزلها ومواجهة التحالف الغربي . وتريد موسكو من الدول الأخرى أن تعمل معها لمواجهة الهيمنة الغربية والسعي لنظام دولي متعدد الاقطاب ولإصلاح النظام المالي العالمي وإنهاء هيمنة الدولار الأميركي ومحاربة سيطرة البنك الدولي الذي يعمل لخدمة مصالح الدول الغربية .
— التحديات السياسية والأقتصادية امام البريكس .
ويتمثل المحور الرئيسي في هذا التوجه الصيني الروسي اساسا في إنشاء نظام مدفوعات جديد يقوم على شبكة من البنوك التجارية المرتبطة ببعضها البعض من خلال البنوك المركزية لمجموعة البريكس والتي يشكل مجموع دخلها القومي ما نسبته ٣٧% من ناتج المجموع العالمي. ومن اجل انشاء بورصة تجارية للحبوب تابعة لمجموعة دول البريكس لتحديد الإسعار العالمية للمنتوجات الزراعية ،خاصة وان روسيا هي اكبر مصدر للقمح بالعالم .
تواجه دول البريكس هذه التحديات في سياق تسارع محاولات القوى الغربية وتحديدا الولايات المتحدة وإسرائيل، لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد أو ما قد يسمى ايضا بإسرائيل الكبرى. إلى ذلك ، تستمر تداعيات حرب الوكالة في أوكرانيا ضد روسيا على المستوى الدولي والإقليمي ، اضافة الى التدخلات الأمريكية في شوؤن عدد من دول أمريكيا اللاتينية واستمرار حصار كوبا وفنزويلا وتدخلات الغرب بالقارة الافريقية، وهو ما يدفع لدور أكبر لدول مجموعة البريكس في مواجهة هذه الضغوط والمخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين ومبدأ حرية الشعوب ومحاولات استدامة دور الشركات الاحتكارية .
— مواجهة التدخلات والهيمنة الغربية.
يأتي هذا التوجه لتعزيز التعاون الأمني والإقتصادي اضافة الى السياسي في ظل سعي القوى الغربية للهيمنة ولزعزعة استقرار الدول ذات السيادة ، بما في ذلك “دول البريكس” ودول الجنوب العالمي . المحاولات المستمرة للتدخل في شؤون الدول عبر العقوبات، والتهديدات الإقتصادية وتحديدا ضد الصين ، ودعم الإرهاب الدولي، تدفع دول “البريكس” لتعزيز التعاون والتنسيق في هذا المجال ، حيث يمثل البريكس ركيزة أساسية في مسار السعي للوصول الى النظام العالمي المتعدد الأقطاب . وهو ما يتعارض مع مصالح القوى الغربية التي تسعى لاستمرار هيمنتها في اطار النظام الدولي أحادي القطب .
— التحديات الإقليمية وتأثيرها على الأوضاع العالمية.
تواجه منطقتنا تحديات جيوسياسية متزايدة، خاصة في ظل استمرار الأحتلال الإستعماري وتصعيد سياسة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني ، ومحاولات توسيع نفوذ دولة الأحتلال الإسرائيلي التي لا تمتلك حدود على حساب الدول المجاورة وفق ما يجري بالجنوب اللبناني والخرائط المعلنة من نتنياهو وأعضاء حكومته .
هذه التحديات تزيد من أهمية التعاون بين دول “البريكس” لدعم سيادة الدول والحد من التدخلات الغربية . كما أن دور البريكس في مواجهة هذه التحديات يبرز من خلال دعم القضايا الإقليمية مثل فلسطين ولبنان، حيث يمكن أن يقدم التحالف دعما غير مباشر لهذه الدول في مواجهتها للتدخلات الخارجية او حتى مباشرا من خلال الدعم العسكري لايران العضو بالمجموعة كما وللدولة السورية من خلال التواجد الروسي فيها .
— نحن ومجموعة البريكس .
خلال زيارة الرئيس أبو مازن لموسكو قبل شهرين ، فقد تم تقديم طلب انضمام دولة فلسطين لعضوية هذه المجموعة الدولية . وقد وجه الرئيس بوتين الدعوة للاخ الرئيس ابو مازن للمشاركة في اعمال الدورة القادمة التي تعقد بعد ايام بروسيا. ان عقد جلسة عمل خاصة حول فلسطين خلال قمة المجموعة وفق ما اعلن ، يعكس الاهتمام بدور دول المجموعة بالقضية الوطنية وحقوق شعبنا ومواقفها المعلنة من اجل ضرورة وقف حرب الإبادة وإنهاء الأحتلال الإسرائيلي وتمكين شعبنا من حقه في تقرير المصير واقامة دولته ذات السيادة المستقلة .
— الاقتصاد والتجارة العالمية ، محاولة كسر الهيمنة.
إضافة إلى الجوانب السياسية والأمنية، تسعى دول “البريكس” لاتخاذ إجراءات اقتصادية تحد من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي. هناك جهود متزايدة لاعتماد العملات المحلية في التبادلات التجارية بين دول البريكس وفق ما اعلن عن ذلك بالفترة السابقة خاصة من جانب الصين التي تخوض الولايات المتحدة والتحالف الغربي حربا اقتصادية ضدها وتحرشات عسكرية في بحر الصين ، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للنظام المالي الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. اعتماد هذه السياسات سيسهم في تقليل الاعتماد على الدولار وزيادة مرونة اقتصادات الدول الأعضاء.
في النهاية وفي الوقت الذي من المتوقع فيه أن يستمر تصاعد الدور الذي تلعبه البريكس ، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي او السياسي ، يتوجب على هذه المجموعة العالمية الناشئة كقوة صاعدة اتخاذ مزيدا من الإجراءات والعقوبات الفعالة ضد إسرائيل وبالمقدمة منها ايجاد التحالف الدولي من اجل تجميد عضوية دولة الأحتلال بهيئة الامم واعادة النظر بكل العلاقات بين دول المجموعة وإسرائيل كنظام استعماري أستيطاني وابرتهايد ومقاطعتها ، وبالمقدمة منها الصين وروسيا . ومع تزايد الضغوط الغربية المتوقعة ، ستجد دول البريكس نفسها أمام تحديات كبيرة ، لكنها تمتلك باعتقادي الأدوات الكافية لمواجهة تلك التحديات وتقديم نموذج جديد للتعاون الدولي على طريق العدالة الشعوب والمساهمة في إنهاء حذر مشكلة الشرق الاوسط المتمثلة باستمرار الأحتلال الاسرائيلي .