نهاية السنوار هل تعني بداية عهد جديد ؟ بقلم : فاضل المناصفة
بمقتل زعيم حركة حماس يحي السنوار يمكن القول أن إسرائيل قد حققت أحد أهم الأهداف الرئيسية لحربها في قطاع غزة بتصفيتها للعقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر 2023 ومع أن العديد من المتابعين والخبراء والقادة الغربيين قد إعتبرو أن هذا الحدث سيكون له أثره الكبير على مجريات الحرب من منطلق أن التغيير الجديد على رأس قيادة حماس الداخلية قد يدفع بمسار المفاوضات إلى منحى مغاير يجلب معه تسوية تنهي الحرب الدائرة إلا أن الواقع وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي وردود فعل حركة حماس على لسان القيادي خليل الحية تكشف أنه ما يزال هنالك شوط طويل في هذه الحرب .
من المرجح ان تكون إسرائيل قد اقتفت أثر السنوار منذ أسابيع لكنها إكتفت بحصاره وتضييق الخناق على تحركاته حتى بات مكشوفا ومضطرا الى ترك الأنفاق و الإنضمام الى قتال الشوارع، وبالموازاة مع ذلك قدمت عرض الخروج الآمن التي كشفت عن تفاصيلها صحيفة هآرتس العبرية وقد يفهم من هذا العرض أن إسرائيل أرادت أولا أن هز صورة القيادة العسكرية في حماس المثمثلة في شخص السنوار في حال وافق على الخروج الآمن و ربما يساهم هذا الى إحداث إنقسام داخل القيادة المتبقية في أنفاق غزة بعد إنسحاب الرجل الأول من الميدان مايدفعها الى المضي قدما في مقايضة ما تبقى من الرهائن مقابل صفقة تنتهي بوقف العمليات العسكرية في إنتظار الترتيب لخروجهم الآمن أيضا .
صحيح أن السنوار تمكن من تنفيد عملية كبيرة كسرت صورة الردع الإسرائيلي وألحقت ضررا بالغا في صورة المنظومة الأمنية الإسرائيلية و كلف دولة الإحتلال 375 يوما من حرب لها فاتورتها الباهضة على الصعيدين السياسي والإقتصادي لكنه في المقابل منح نتنياهو الوقت الكافي للخروج من أزمة سياسية كانت لتقوده الى الخروج من الباب الضيق، ومنحه فرصة لضرب شعار وحدة الساحات الذي تطلقه إيران بعمق .
حماس اليوم في معضلة كبيرة بعد فقدان السنوار الذي يمتلك شيفرة التنسيق و تنظيم الإتصال ما بين عناصرها الميدانية وقد تصبح تحركات ما تبقى من عناصرها أكثر صعوبة وأكثر تعقيدا وتتحول من جماعية الى فردية وهو ما سيضعفها أكثر ويجعل ضربات الإحتلال أكثر فاعلية مستغلة وجود خلل في البنية التنظيمية للإتصال على الأرض ، لذلك فحماس مضطرة لإيجاد بديل يعوض ثقل السنوار بسرعة ومن المحتمل أن يكون من الحلقة الضيقة المحيطة به وله إضطلاع على سير أنظمة الإتصال التي كان السنوار يدير بها المعركة منذ عام .
تصريحات القادة الغربيين التي أعقبت تأكيد خبر مقتل السنوار جاء فيها الكثير من عبارات التفاؤل حول مستقبل الحرب ونهاية الكارثة الإنسانية منذ عام، لكن في الحقيقة لا يمكن تصور أن نهاية السنوار تعني نهاية أيديولوجية حماس أو بداية عهد جديد بقيادة أكثر إعتدالا وأقل إندفاعا للحروب، وبالنسبة لنتنياهو أيضا فالواضح أن إزاحة السنوار عن المشهد لا تحد من عزيمته على مواصلة الحرب وتنفيذ أهدافها المتمثلة في استرجاع الرهائن والقضاء على حركة حماس واسقاط حكمها في قطاع غزة، وحتى إذا تباينت آراء الغزيين حول ما تمثله نهاية السنوار إلا أن الجميع في إنتظار أن ينتهي كابوس الحرب الطويلة وتنهي معها معاناتهم و التوصل الى صفقة تقدم فرصة حاسمة لإعادة بناء حياتهم و تنتهي بتشكيل مشهد سياسي فلسطيني جديد في قطاع غزة يمهد لبيئة أكثر استقرارا ويعزز حظوظ قيام دولة فلسطينية.