شفا – تشهد الساحة الأوروبية حراكا رسميا من عدة حكومات داخل الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات عقابية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي على خلفية ما ترتكبه من جرائم ومجازر بحق في قطاع غزة ولبنان.
ويتعلق الحراك الأوروبي الأبرز في مبادرة تقودها عدة أوروبية معروفة بتأييدها التاريخي للقضية الفلسطينية، في سبيل تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال.
ويتصدر هذا الحراك رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي دعا علنا المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ موقف بشأن تعليق اتفاقية الشراكة مع دولة الاحتلال بعد أيام فقط من حثه على وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وقال سانشيز في فعالية أقيمت يوم الاثنين في برشلونة: “يجب على المفوضية الأوروبية أن تستجيب بشكل نهائي للطلب الرسمي الذي قدمته دولتان أوروبيتان بتعليق اتفاقية الشراكة مع (إسرائيل) إذا تبين، كما يشير كل شيء، أن حقوق الإنسان تنتهك”.
وتشير التعليقات إلى الطلبات التي قدمتها إسبانيا وأيرلندا في فبراير/شباط لمراجعة عاجلة لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و(إسرائيل)، وسط انتهاك دولة الاحتلال التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقية.
وتزيد دعوة سانشيز من التنافر المتزايد بين الدول الأعضاء بشأن الموقف الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يتخذه بشأن علاقاته التجارية مع دولة الاحتلال.
ففي حين تريد إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا إعادة فتح الاتفاق وممارسة الضغوط على (إسرائيل) من خلال العقوبات التجارية، فإن دولاً مثل فنلندا والنمسا وألمانيا أكثر تشككا.
وكان رئيس الوزراء الإسباني قد دعا المجتمع الدولي يوم الجمعة الماضي إلى وقف صادرات الأسلحة إلى (إسرائيل).
بداية تحرك ألماني
على جبهة أخرى قال مصدر مطلع لصحيفة بوليتيكو إن كبار القادة الألمان منعوا بيع أسلحة لإسرائيل على الرغم من إصرار برلين على أن البلاد لا تخضع لحظر على الأسلحة.
وقالت الصحيفة إن قرارات تصدير الأسلحة تتم الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن الاتحادي الذي يتألف من كبار الوزراء.
وذكرت صحيفة بيلد أن نائب المستشار روبرت هابيك ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك ـ وهما سياسيان من حزب الخضر في الائتلاف الحاكم مع الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة المستشار أولاف شولتز ـ امتنعا عن الموافقة على صادرات الأسلحة في المجلس في انتظار تأكيدات من (إسرائيل) بأنها لن تستخدم الأسلحة الألمانية في الإبادة الجماعية.
وقال مسئول مطلع على الأمر: “إن تسليم الأسلحة إلى (إسرائيل) يتعلق بالامتثال لقواعد القانون الإنساني الدولي. والسبب وراء طلب مثل هذا الالتزام هو أن المحكمة الإدارية الألمانية قد توقفه لولا ذلك”.
وبموجب قانون مراقبة الأسلحة الحربية الألماني، يتعين على الحكومة ضمان عدم استخدام الأسلحة المسلمة لضرب أهداف مدنية؛ وقد تم بالفعل رفع عدد من الدعاوى القضائية ضد ألمانيا لوقف صادرات الأسلحة.
وعلى الرغم من تأكيد الحكومة الألمانية أنه لا يوجد حظر على بيع الأسلحة لإسرائيل، فإن الموافقات على مبيعات الأسلحة تراجعت بشكل كبير هذا العام.
في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى 21 أغسطس/آب، وافقت ألمانيا على صادرات أسلحة بقيمة 14.5 مليون يورو فقط؛ وكان 2% فقط من تلك الصادرات “أسلحة حربية”، بينما كان 98% منها “معدات عسكرية أخرى” مثل الخوذات والسترات الواقية ومعدات الاتصالات.
ولم توافق برلين على أي تصدير للأسلحة الحربية إلى (إسرائيل) منذ شهر مارس/آذار الماضي.
وفي عام 2023، بلغت الموافقات الألمانية على تصدير الأسلحة 326.5 مليون يورو، أي عشرة أضعاف ما كانت عليه في العام السابق. وقد تمت الموافقة على جزء كبير من هذا المبلغ بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويأتي تحذير برلين بعدما واجهت عدد من الحكومات الأوروبية تحديات قانونية بشأن تسليم الأسلحة لإسرائيل، أو اتخذت قرارات بتقييد الشحنات.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي إلى وقف تسليم الأسلحة التي سيتم استخدامها في غزة.
وعلقت المملكة المتحدة بعض مبيعات الأسلحة إلى (إسرائيل)، في حين أوقفت الولايات المتحدة تسليم نوع واحد من القنابل الثقيلة.
وفي وقت سابق من هذا العام، منعت محكمة هولندية تصدير مكونات طائرات إف-35 المقاتلة إلى (إسرائيل) وسط مخاوف من استخدام هذه الطائرات في ضرب أهداف مدنية.
التلويح بعقوبات بريطانية
في السياق كشف وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون أنه كان يخطط لفرض عقوبات على اثنين من الأعضاء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية بسبب دعمهما للمستوطنين العنيفين ودعواتهما لمنع دخول المساعدات إلى غزة.
وقال كاميرون في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنه يشعر بالقلق من عدم اعتماد حكومة حزب العمال لهذا الإجراء، وإنه تراجع عن اتخاذ هذه الخطوة في الربيع الماضي فقط لأنه تلقى نصيحة بأنها ستكون ذات طابع سياسي للغاية خلال الانتخابات العامة.
ومن المرجح أن تشكل تصريحاته الأولى بشأن الشرق الأوسط منذ مغادرته وزارة الخارجية ضغوطا على وزير الخارجية ديفيد لامي لشرح ما إذا كان قد تخلى عن خطة إجراءات ضد دولة الاحتلال.
وكان من المقرر فرض العقوبات – تجميد الأصول وحظر السفر – على وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن جفير.
وقال كاميرون “لقد قال سموتريتش وجفير أشياء مثل تشجيع الناس على وقف قوافل المساعدات التي تصل إلى غزة وتشجيع المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية بالأشياء المروعة التي يقومون بها”.
وأضاف أنه من الضروري أن نقول لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “عندما يتصرف وزراء في حكومتك متطرفون بهذه الطريقة، فنحن مستعدون لاستخدام نظام العقوبات لدينا لنقول إن هذا ببساطة ليس جيدا بما فيه الكفاية ويجب أن يتوقف ببساطة”.
وفي اجتماع على هامش المؤتمر السنوي لحزب العمال الشهر الماضي، ألمح لامي إلى فرض عقوبات جديدة ضد المستوطنين المتطرفين، قائلا إن القضية قيد النظر من جانب مجموعة الدول السبع الكبرى.