شفا – خيام لا تُسمن ولا تغني من جوع، اشتعلت فيها النيران وتطاير اللهب حولها عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وتعالت صرخات المكلومين بين ألسنة النيران دون أن يقوى على إنقاذهم أحد، ليرتقوا شهداء الحرق في مجزرة إسرائيلية مروعة جديدة.
“حرقوهم وهم أحياء”، مجزرة جديدة وانتهاك إنساني صارخ قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات قليلة، بعد أن قصفت طائراته خيام النازحين في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة وهم نيام.
وتقف “شفا”، على بعض الألم الذي ألَمَّ بساكني خيام النازحين في محيط مستشفى شهداء الأقصى، الذي راح ضحيته 4 شهداء وأكثر من 40 مصاباً.
وتروي إحدى السيدات من شهود العيان على المحرقة المروعة، تفاصيل بعض ما حدث الليلة الماضية قائلةً:” كنا نايمين في خيامنا آمنين ماعملنا أي شيء، استيقظنا والنيران فوقنا من كل مكان وأولادي حُرقوا وهم نائمون، والمستشفى ممتلئ بالإصابات والمحروقين والشهداء”.
وفي إطار ذلك، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن جيش الاحتلال ارتكب محرقة مروعة داخل أسوار المستشفى راح ضحيتها ٤ شهداء و٤٠جريحاً، حُرقوا أحياءً.
وأكد أن هذه ليست المرة الأولى لاستهداف خيام النازحين داخل أسوار المستشفى، فقد نفذت طائرات جرائم قصف لخيام النازحين في كلمن شهر يناير، مارس، يوليو، أغسطس، ومرتين في شهر سبتمبر، حتى المحرقة الأخيرة أمس.
وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية بالضغط على الاحتلال؛ لوقف هذه المحرقة التي تأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد المدنيين والنازحين في قطاع غزة.
أهوال..
والتهمت ألسنة النيران عشرات خيام النازحين بمن فيها من أطفال ونساء ورجال وهُم نيام، منهم من استيقظ على أهوال عِظام، ومنهم من غفى إلى الأبد(..)
وروى شهود عيان أنهم لم يتمكنوا من مساعدة النازحين الذين أُضرمت النار في خيامهم ما أدى إلى “احتراقهم أحياء حتى الموت.”
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حجم المحرقة البشعة، ومشاهد المستغيثين تحت ألسنة اللهب الذين ارتقوا حرقاً وهُم أحياء.
مجازر متواصلة..
وليست هذه المرة الأولى التي يحرق فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي النازحين وخيامهم وهم أحياء، فلا يخفى على أحدنا مجزرة رفح “محرقة الخيام”، في ٢٦ مايو/ أيار الماضي، والتي ارتقى فيها أكثر من ٤٥ شهيداً، وعشرات الجرحى.
كذلك محرقة مواصي خانيونس التي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، وقال فيها محمد الوحيدي أحد شهود العيان:
“مجزرة شاهدتها بأم عيني وكنت وسطها صواريخ وانفجارات، ذراع وقعت بجانبي وساق ارتطمت بي، وبنطالي كله ملطخ بالدم، من رآني اعتقد أني أصبت، صديقي كان بجانبي لم أجده ولكن الساق التي ارتطمت بي نفس البنطال الذي كان يرتديه، لقد نجوت من الموت، كنت داخل الموت نفسه، لحظات لم أستطع التجميع والتفكير ولم أكن اتوقع، قلبي ما زال يصرخ ولا أستطيع ان ألملم شتات خوفي، جثث محروقة بالشارع، لم ينجُ أحد العدد كبير، رائحة الموت في كل مكان، طفل بدون يدين قطعت أطرافه يصرخ ولا أحد بجانبه، سيارات الإسعاف والكارات والتكاتك وكل وسيلة نقل تساعد الجرحى، لقد نجوت الحمد لله”(..)
كما لا ننسى المجزرة الأبشع بحق النازحين في المستشفى المعمداني، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣، إذا أغارت طائرات الاحتلال على خيام النازحين في ساحة المستشفى، مخلفةً ٥٠٠ شهيدٍ وعشرات الجرحى.
وما هذه إلا حلقات من سلسلة جرائم فظيعة ومجازر مروعة ارتكبتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي طيلة عام من حرب الإبادة على قطاع غزة.