نهر الكلب ، بقلم : د. ناصر اللحام
اتخذ الحزب الديموقراطي الأمريكي الحمار رمزا له ، بينما اتخذ الحزب الجمهوري الأكثر يمينية الفيل شعارا له.
ويحاول السياسيون أحيانا التشبه بالحيوانات والوحوش والطيور في دلالة على صفات يتمنونها في أنفسهم ، ولكن يبدو ان محاولة تمثلهم بالحيوانات غالبا ما تفشل . فالحيوان له صفات طبيعية اصيلة بينما السياسي يخلو من أي صفات اصيلة باستثناء الانتهازية التي تواصل انتاج نفسها بداخله .
في احدى مدن إيطاليا كنت في زيارة رسمية عند رئيس بلدية مهمة في إيطاليا ، فقال بكل فخر وزهو : هذا تمثال نفتخر به للقائد الفرنسي نابليون بونابرت .
سالته : ولماذا انتم في إيطاليا فخورون لهذه الدرجة بقائد فرنسي عسكري احتل بلادكم لهذه الدرجة ؟
فواصل رئيس البلدية كلامه بكل فخر : لان نابليون العظيم اختار مدينتنا ليحتلها دونا عن باقي مدن إيطاليا وهذا تشريف يثبت اننا اهم من باقي مدن إيطاليا !!! وقبل ان اهنأ بصدمتي عزمنا على لحم خيل !!
في غرفة التحرير في معا وكنا في الاجتماع الصباحي مع الزملاء بغرفة التحرير ، نتبادل الأفكار والعناوين . وحين قلت نهر الكلب شعرت ان الزملاء ينظرون بريبة الى الاسم .
قلت نهر الكلب نهر جميل ويقع في بيروت عاصمة لبنان وهو من اجمل الأنهار التي رأيتها ، ينبع من الجبال الغربية ويصب في المتوسط عند جونية . نهر جميل ونادر وفيه مغارة تسلب العقل من شدة جمالها ، كما ان وادي الجماجم حاد الصخور وخطير ويصلح للاختباء واعتقد انه كذلك منذ مئات السنين .
الاهتمام بتسمية الكلب كان يغلب عند الزملاء على أهمية النهر نفسه .وبالفعل أرى ان بداخل الانسان فضول كبير للحيوانات ومحاكاة السلوك البشري .
حسنا . جاء الاتراك فترة الحكم العثماني الى بلاد الشام ، وحين وصلوا بيروت في القرن السابع عشر وجدوا عند الجبال الغربية تمثال صخري كبير وجميل لكلب . فقام الاتراك بقطع رأس الكلب ورموه في البحر حتى يمحوا اثره مرة والى الابد . وكانت النتيجة عكسية حيث اصبح اسم النهر ( نهر الكلب ) ولا يزال رأس الكلب الصخري الكبير يظهر للصيادين كلما كانت مياه البحر صافية . فتخلد اسم الكلب بدلا من التخلص منه .
وكنت تابعت قبل نحو عشر سنوات كيف تبحث إسرائيل عن حيوان او طير يصبح رمزا لها ولجمال ارض فلسطين ، فلم ينفعها ان تسرق الجمل ولا عندها كنغر ولم يستحضر المستعمرون معهم الدب او التمساح او اللاما من حيوانات أوروبا او روسيا من بلاد الغرب . وبالفعل دارت نقاشات وفتحت أبواب الاقتراحات للبحث عن حيوان او طير يصبح رمزا لإسرائيل .
والعجيب انهم فشلوا ولم يجدوا سوى عصفور فلسطين وهو عصفور صغير مسالم يطلق عليه الفلسطينيون اسم ( حسون ) وقالوا هذا هو شعار إسرائيل من اليوم فصاعدا .
كان الامر مضحكا اذا انه لا يوجد أي شبه بين إسرائيل ومفاعل ديمونا والقنابل والصواريخ والبنادق والقتل والتطرف والعنصرية وما بين عصفور جميل وديع اسمه الحسون !!
واعتقد اننا لو سألنا أي انسان عاقل في العالم أي حيوان يشبه إسرائيل لحصلنا على إجابات تدعو طلبة الجامعات لكتابة أبحاث وتقارير عنها .
قال لي أكثر من مصدر ان المستوطنين يشترون الحمير ” وغالبا يصادرونها ” من الفلاحين في الضفة الغربية .
بحيث اصبح المستوطنون بشعرهم الأشقر وسحنتهم الأوروبية يسوقون الحمير والبغال في جبال الضفة الغربية لقطع الطرق وترهيب السكان بينما يدعو بن غفير الى اصدار قرار يمنع الفلسطينيين من قطاف ثمار الزيتون هذا العام .