10:09 مساءً / 21 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

” صوت الذات وسط ضجيج الآخرين “بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

” صوت الذات وسط ضجيج الآخرين “بقلم : د. تهاني رفعت بشارات


لا شك أن التأثر بكلام الآخرين يمثل تحديًا كبيرًا للعديد منا، خاصةً في ظل حياتنا الاجتماعية المعقدة والمتشابكة. تبدأ عملية التحرر من هذا التأثير عبر فهمٍ عميقٍ لمصادره وأسبابه، وتنمية قوة داخلية تتيح لنا تجاوز الحواجز النفسية التي يفرضها نقد الآخرين.

النصيحة الأولى تكمن في الاستماع للآخرين دون الانغماس في الدفاع عن الذات. عند الدفاع، يصبح الحوار معركة، تدخل فيها العواطف وتسيطر على التفكير، مما يجعلنا أسرى للأفكار الخارجية. الأفضل أن تستمع بانتباه ثم تقول ببساطة “حسنًا”. هذا الرد البسيط يكبح النزاع ويمنحك الفرصة للتفكير بروية فيما قيل بعد ذلك.

عندما تكون بمفردك، يمكن أن تعيد النظر في ما سمعته بتمعن. ليس كل ما يقال يستحق التمسك به، فتجربة الحياة تعلمنا أن ننتقي ما يناسبنا ونترك الباقي. عندما تمارس هذه التصفية بعقل واعٍ، ستجد أن كلام الآخرين قد أصبح أداة بناء بدلاً من أن يكون عقبة.

في حال استمر الآخرون في تكرار انتقاداتهم، فالحل يكمن في الحزم اللطيف. قولك “لقد قلت هذا من قبل، شكرًا” ينهي الحديث بطريقة لبقة، ومن ثم توجه الحوار إلى موضوع آخر، لتخرج من دائرة الانتقادات المكررة.

كذلك، فإن التفكير اليومي لبضع دقائق قبل النوم فيما تخطط له وما قمت به من تصرفات، يمكن أن يعزز مناعتك ضد تأثير كلام الآخرين السلبي. هذا التفكير الهادئ يوفر لك فرصة لتصحيح أي خطأ قد تكون ارتكبته، دون أن تقع تحت وطأة آراء الآخرين.

وتذكر دائمًا أن الشخصيات العظيمة في التاريخ، لو استمعت لكل انتقاد، لما أنجزت شيئًا. أديسون مثلًا، تعرض للكثير من الانتقادات، لكن لو استسلم لها، لما أضاء لنا العالم. التفكير بهذه الطريقة يجعلك تدرك أن الانتقاد ليس دائمًا على حق.

حتى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يسلم من الانتقاد وأذى الكفار. ورغم مكانته الجليلة ورسالته العظيمة، فقد تعرض صلى الله عليه وسلم للتجريح والتشكيك من أعدائه. ومع ذلك، لم يتأثر بهذه الأقوال، بل واجهها بالصبر والثبات، موقنًا بأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه. لقد كان نموذجًا في التعامل مع النقد والعداوة، مما يمنحنا درسًا عظيمًا في كيفية تجاوز الكلام الجارح والسير بثقة نحو الأهداف النبيلة.

التجنب هو أيضًا من الأدوات الفعالة للتعامل مع الأشخاص السلبيين. تقليل الجلوس معهم وعدم الانفراد بهم يعزز من طاقتك الإيجابية ويحافظ على توازنك النفسي. وإن وجدت نفسك مضطرًا للتعامل معهم، اجعل من حولك أشخاصًا إيجابيين يدعمونك.

حينما تتساقط الكلمات عليك، تذكر أن لكل إنسان طريقة تفكير خاصة، ولكلٍ وجهة نظر. بإمكانك ببساطة الرد بقول “هذه وجهة نظرك”، وبهذا تفقد الانتقادات سيطرتها عليك.

وأخيرًا، قاعدة الثلث تبين لنا أن ثلث الناس قد يكونون معك، وثلث ضدك، وثلث محايد، مما يجعل وجود المعارضين أمرًا طبيعيًا. لذلك، عليك التركيز على نفسك وعلى من يشاركك الرؤية.

في ختام الأمر، القناعة الحقيقية بأنك لن ترضي الجميع هي المفتاح لتجاوز تأثير كلامهم. ارضِ نفسك، وكن أنت، ولا تتأثر بالطاقة السلبية التي تحيط بك. تذكر أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، ولكن الأثر الجميل الذي تتركه في الحياة، هو الذي يبقى.

شاهد أيضاً

حزب الشعب يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

حزب الشعب يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

شفا – رحب حزب الشعب الفلسطيني بقرار محكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرتي اعتقال ضد رئيس …