الطفولة واحة الذكريات ، بقلم : د. تهاني المطيري
الطفولة هي مسرح الذكريات الجميلة التي لا تُمحى، وربيع العمر الذهبي ورحلة الحياة الأولى قبل الوعي والإدراك، التي نعيشها بتفاصيلها السارة المبهجة، وما يحدث في الطفولة يؤثر بالضرورة على مستقبلنا فحياتنا الراهنة ما هي إلا امتداد طبيعي لما حدث في طفولتنا، وبمقدار ما تكون الطفولة سعيدة نابضة بالحياة السوية في ظل عائلة ناجحة، بمقدار ما يكون المستقبل أكثر نجاحاً، استقراراً وأماناً، فالطفولة المضطربة التعيسة لا تنتج بشراً أسوياء، وفي غمار معايشتنا للحياة ومجريات أحداثها المتجددة كل يوم وما تحمله لنا من مفاجآت سارة ومكافآت سخية وأحداث مؤلمة في المقابل، تسعفنا الذكريات الصادقة التي عشناها في الطفولة لتحمل أقدار الحياة وتبعات أحداثها وتقلباتها.
تنبعث الذكريات من أعماق القلب، ندية، عطرة، آتية من مكان ما في الذاكرة و الوجدان، ولكل منا مخزون من الذكريات الخاصة أي إن كان توصيفها، سعيدة هانئة مستقرة أم مضطربة شقية، يلجأ كل منا لذكريات طفولته
وحياته الماضية، فتأخذنا إلى عوالم جميلة غادرناها وأصبحت من الماضي، فطبيعة العقل البشري يحب التوقف عند اللحظات التي افتقدها، فضلا ًعن ذلك فالطفولة عالم بريء جميل مليء بالعفوية والتلقائية، ترافقنا ذكريات طفولتنا الحلوة حتى عتبة حياة الوعي والعقل وسنوات الدراسة وما بعدها، فهي تأخذنا ببساطة إلى عوالم بهيجة محتشدة بالفرح الطفولي.
عندما تأخذنا الذكرى إلى عالم الطفولة، وحين نجد أنفسنا أمام واقع ومسؤوليات الحياة ودوامة العمل الوظيفي، حينها نلجأ لمخزون الطفولة المدهش البريء، إلى عالم الذكريات الجميلة، إلى الأيام التي عشناها ولم نكن نبالي بأي شيء ولا ينتابنا القلق والهم من شيء، فهمومنا وصعوبات الدراسة والواجبات المنزلية يساعدنا الكبار في تجاوزها، أحداث الطفولة التي تشاركناها مع رفاق المدرسة وخضنا معاً تحدياتها الصغيرة، كل هذه الذكريات اللطيفة تذوقناها وعشنا معاً أفراحها المزدانة باللهو البريء، كم لهونا وتشاركنا الطعام والأنشطة في الصفوف ومشاغبات ما بعد انتهاء اليوم الدراسي.
كن طفلاً مرة أخرى لأنك مع الطفولة تستطيع ان تكسب عفويتك، تضحك بفرح طفولي، تبكي هكذا دون سبب ظاهر، وثمة أشياء في مراحل الطفولة لا تعوّض مهما طال بنا العمر كصداقات الطفولة، فهي عفوية لا تعرف لغة المصالح الشخصية، صفحات بيضاء تحمل البراءة والحب الطاهر، وصفاء السريرة ونقاء القلوب.
استمتع بحياتك وتذكر دوماً كل ما هو جميل في ما مضي من سنوات، عيش حاضرك بكل ما يعني العيش في عالم اليوم من اندماج واعٍ في تيار الحياة العصرية وأدواتها وعوالمها، تفاعل بإيجابية مع أحداث حياتك، ابتعد بقوة عن السلبية والسلبيين وما يمت إليهم بصلة، عش حياتك كما أنت.