تعرف الشخصية الاتكالية بأنها حالة طلب الفرد مساعدة الآخرين أو طلب الدعم المادي منهم . وأنها حالة تعبر عن ضعف الثقة بالنفس, والميل إلى مساعدة الاخرين.
وتعرف الاتكالية في معجم علم النفس: الحالة التي يتوقع فيها الفرد المساعدة من الآخرين أو يبحث بنشاط من الدعم العاطفي والمادي وكذلك الحماية والرعاية اليومية. والشخص الاتكالي يعتمد على الآخرين بالتوجيه وفي اتخاذ القرار وفي الإعالة.
خصائص الشخصية الاتكالية :ـ
يتصف الفرد الاتكالي بالسلبية والتشاؤم والخمول والاستسلام , وعادة ما يقوم الآخرون بأدارة شؤون حياته الشخصية بسبب عدم قدرته على ذلك.
كما ويتميز بضعف الثقة بالنفس وينظر الى نفسه كأنسان عاجز ويضع حاجاته ورغباته بالمرتبة الثانية بعد حاجات ورغبات الفرد الذي يعتمد عليه في توجيه أموره الخاصة والعامة.
يشخص اضطراب الشخصية الاتكالية في النساء اكثر منه في الرجال ويحدث هذا الاضطراب في الشخصية عند الافراد الذين يعانون من مرض بدني مزمن في فترة الطفولة او في الاطفال الذين يعانون من قلق الافتراق.
يتم تشخيص هذه الحالات عند ظهور ما لا يقل عن خمسة من الاعراض هي:
1ـ لا يستطيع الفرد اتخاذ القرارات المناسبة حول مفردات الحياة اليومية بدون الحاجة الى الكثير من التطمين في حين ان القرارات المهمة والتي تمثل الجوانب الأساسية والرئيسية في حياته فأنها تتخذ من قبل الاخرين وعادة ما يقوم بها أحد الزوجين او الوالدين بأتخاذ القرارات المهمة والحاسمة كأختيار المهنة المناسبة او اختيار محل السكن او نوعية مجال الدراسة وغير ذلك.
2 ـ يوافق على اراء وافكار الاخرين حتى في حالة قناعته بأنهم على خطأ .
3ـ غير قادر على المبادرة.
4ـ يقبل تنفيذ طلبات الاخرين وان كانت هذه الطلبات مزعجة له او مطلبية وذلك لارضاء الاخرين او لكي يكون محبوباً من قبلهم .
5 ـ لا يتحمل الوحدة ويحاول بكل جهده ان يتجنبها ويشعر بالحاجة الى رفقة الاخرين ويعبر عن هذه الحاجة بطريقة تمثيلية مؤثرة .
6ـ تكون ردود فعله عنيفة وشديدة عندما تصل علاقاته بالاخرين الى القطيعة النهائية.
7 ـ يشعر بالقلق عند شعوره بأنه مهجور .
8ـ يتألم بسهولة عند تعرضه الى النقد او الاهمال .
ويرى فرويد ان خبرات الطفل مع امه التي اكتسبها خلال تغذيته تعد عاملاً مهماً في السلوك الاتكالي لما لهذه الخبرات من تأثير كبير في حياة الطفل التالية , فحدوث أي حرمان في المرحلة الفمية يصبح اشارة للتثبيت ( Fixation) على هذه المرحلة , وتكون دليلاً على الاعتمادية .
ويرى ادلر ان الترتيب الولادي يؤثر في شخصية الطفل , فالطفل الاول يحظى بقدر كبير من الاهتمام حيى يولد الطفل الثاني .
فيشاركه في حب والديه ويفقده وضعه الخاص ويكون أتكالياً ويطلب مساعدة الاخرين له.
وكذلك الطفل الاصغر سناً يكون معتمداً على الاخرين غير قادر على اساليب المبادأة والاخذ والعطاء , ويتميز بأعتمادة على الاخرين.
وترى هورني ان الفرد حينما يتحرك نحو الناس فأن ذلك يمثل جزءاً من اعتماده الشامل على الاخرين , فأنه يتقبل عجزه الشخصي . ولكي يشعر بالامان فأنه يميل الى نيل الاستحسان من الاخرين . وهو يشعر بالضعف ان ابتعد عن الاخرين . لانه يعتقد ان الشعور بالامن والطمأنينة تعتمد كلياً على الاخرين من خلال اتجاهاتهم وسلوكهم نحوه . فالفرد نتيجة لهذا الاعتماد يصبح معتمداً على الاخرين .
ومن ذلك نستنتج ان الاتكالية تظهر عند الاطفال الذين يعانون من مشكلات تعليمية وسلوكية اكثر مما تظهر عند غيرهم .
وتتجلى هذه الاتكالية في اشكال متعددة كالعجز عن القيام بأعمال منتجة دون الاعتماد على الاخرين, وعدم قدرة الطفل على النوم الا مع احد والديه, ورغبة التلميذ في البقاء دائماً مع المعلم.
وتتطور الاتكالية وتدعم نتيجة ميل الاهل الى مساعدة الاطفال في كل ما يفعلونه او لدى مواجهتهم اية صعوبة في عمل شيء ما .
ان الافراد المصابين بعوائق حسيه او جسديه او معرفيه كثيراً ما يحتاجون الى مساعدة الاخرين , الا ان المبالغة في اسداء المساعدة لم تشجعهم على الاتكال على الغير حتى في للاعمال التي يستطيعون فعلاً القيام بها .
وضعت العديد من المقاييس لقياس الشخصية الاتكالية واليك نماذج من فقرات احد المقاييس التي تقيس الشخصية الاتكالية عند الاطفال:
في مجال المأكل :
1ـ عندما تريد ان تأكل أتعتمد على أحد في تحضير سندويجه .
2ـ عندما تتناول طعامك هل تطلب من امك ان تكون بقربك ؟ دائماً ؟ ولماذا ؟
3 ـ اذا وقع بعض من فتات الطعام اثناء تناولك له من يقوم بتنظيفه ؟
4 ـ اذا اعطاك احد برتقاله من يقشرها قبل ان تأكلها ؟
5 ـ اذا استعملت بعض حاجيات المطبخ من يغسلها , ورجعها لمكانها ؟
مجال النزهه والترفيه :
6 ـ اذا اصطحبك والديك لزيارة احد الاصدقاء فأين تحب ان تجلس ؟ هل تبقى
ملاصق لهم ولن تترك المكان ؟
7 ـ عندما تذهب مع اسرتك للنزهه في حديقة عامة وبدأتم التجوال ؟ هل تمسك بيد
احدهما ؟ دائماً ؟
8 ـ هل تطلب مشورة او رأي احد في شراء الحاجة التي تريدها ؟ دائماً ؟
مجال اللعب والتسلية :
9 ـ هل ترغب ان ينتبه اليك الاخرين اثناء اللعب ؟
10 ـ اذا أردت اللعب في الحديقة العامة فهل تفضل ان يكون والديك بالقرب منك ؟
11 ـ اذا انتهيت من اللعب بألعابك , او استخدمت حاجات خاصة بك من يعيدها الى
مكانها ؟
12 ـ هل ترغب ان يساعدك الاخرين اذا اصبت بأذى ؟ دائماً ؟
مجال النظافة والاستحمام :
13 ـ من يقوم بأستحمامك ؟ من يقوم بتنشيفك بالمنشفة ؟
14 ـ هل ترغب ان ينتبه لك الاخرين بعد خروجك من الحمام ؟
15 ـ من يمشط شعرك ؟
مجال النشاط المدرسي :
16 ـ هل تعتمد على احد يحضر معك دروسك التي تكلفك بها المعلمة التحضير يشمل
حفظ قصيدة او شرح مادة ؟ دائماً ؟
17 ـ هل تطلب من احد ان يجلس الى جانبك عند اداء واجباتك ؟ دائماً ؟
18 ـ هل ترغب ان ينتبه اليك احد عندما تؤدي واجباتك او يلاحظ حلولك ؟ دائماً ؟
19 ـ من يقوم بتجليد كتبك ؟
علاقة الاتكالية ببعض المتغيرات:
وجدت العديد من الدراسات الى ان هناك علاقة موجبة بين الاتكالية والعدوان , ويعود السبب في ذلك الى ان منشأ كل من السلوك العدواني والاتكالي هو في مجابهة الفرد لمواقف تعيق دوافعه من التحقق .
وفي دراسة باندورا( Bandura) توصل ان الافراط والتذبذب في الدفء والعاطفة الوالدية تثبتان الاتكالية .
فالدفء والتقبل من جانب الابوين يؤدي الى تكوين عدد من سمات الشخصية المرغوب فيها , كقوة الضمير والمشاركة , اما الرفض فيؤدي الى النزعة الاتكالية عند الاطفال
كما دلت الدراسات ان لغياب الاب اثر في زيادة السلوك الاتكالي مقارنة بالاطفال الذين لم يغيب اباؤهم .
كما ان للمستوى الاقتصادي دوراً فاعلاً ومؤثراً في السلوك الاتكالي. فقد توصلت دراسة الى ان اطفال الطبقة الفقيرة يظهرون اتكالاً قليلاً او لا يظهرون بينما يتغير اغلب اطفال الطبقتين المتوسطة والعالية بأظهاركثيرمن الاتكال .
كما وجد ان السلوك الاتكالي يرتبط ويتأثر بمتغير الجنس , وان المجتمع يتسامح مع البنت الاتكالية ولكنه لا يتسامح مع الولد الاتكالي .
كما وجد ان للترتيب الولادي للطفل اثراً كبيراً في تحديد سلوكه,فالطفل المولود اولاً
( الطفل البكر ) هو اكثر اجتماعياً واكثر قلقاً من الباقين الذين يأتون بعده , ونتيجة لهذا تتطور وتبرز اتكاليتهم عندما يتعرضون الى موقف يثير القلق , اما الاطفال المولودون بعده , الذين يتلقون عناية اقل , يكونون اقل اتكالية , ويفضلون التعامل مع مشكلاتهم وحدهم عندما يصبحون شباباً .