إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية ضررورة ملحة يفرضها واقع التطور، وتحتمها الحاجة إلى الدعم والحفاظ على مصداقية النهج الديموقراطي الذي تسعى الدول إلى تحقيقه خاصة وأن هذا التوجه أصبح حقيقة وفي الوقت نفسه إنشغالا عالميا يتصدر رزنامة نشاطات المجتمع الدولي وخاصة خلال العشريتين الأخيرتين، كما أصبح من غير الممكن تعزيز دولة القانون أو تحقيق أي تطور على صعيد إرساء قواعد الممارسة الديموقراطية في مجتمعاتنا بعيدا عن مشاركة نصف المجتمعع، الذي تمثله المرأة من خلال مشاركتها في التنمية ومشاركتها بالرأي في مراكز صنع إتخاذ القرار.
خاصة وأن كل الجهود التي بذلت للدفاع عن حقوق المرأة قد تكرست ضمن المواثيق الدولية والإقليمية وفي الدساتير والقوانين الوطنية في عدد من الدول، وكانت الجزائر واحدة منها.
حيث أن الدستور و القوانين كلها تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين.
وعرفت الجزائر منذ إستقلالها، تحولات إجتماعية وإقتصادية عميقة كان لها تأثير على وضع المرأة في الأسرة والمجتمع، وكنتيجة لذلك شهدت التشريعات القانونية تحسنا مطردا لفائدة المرأة في كل المجالات خاصة في مجال الحياة العامة، حيث تؤكد كل القوانين على تساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط، كمامُنحت حق الانتخاب والترشح منذ الإستقلال.
كماأحيطت المشاركة السياسية للمرأة الجزائرية بإلتزامات دولية؛ حيث صادقت الجزائر على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان عامة وتلك المتعلقة بحقوق المرأة.
أدى هذا كله إلى حضور متزايد للمرأة في مختلف القطاعات كالصحة، والتعليم، والقضاء، و….
وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة للمرأة الجزائرية في مختلف المجالات، تكريس الدولة الجزائرية مبدأ المساواة بين الجنسين في الدستور والقوانين كلها، خاصة المساواة بحق الانتخاب والترشح وممارسة العمل السياسي، إلا أن نسبة تمثيلها في البرلمان ظلت ضعيفة و لا تتوافق مع حجم الحضور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمرأة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة، وهي إشكالية قائمة تحتاج لمعالجة جادة وإيجاد آليات كفيلة بفكها.
دخلت المرأة الجزائرية المجلس التأسيسي سنة 1962 حيث أُنتخبت حينها 10 نساء من بين 194 نائبا بما يمثل %5 من مجمل أعضاء المجلس، وتعتبر هذه النسبة نسبة جيدة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حداثة إستقلال الجزائر، أما في المجلس الشعبي الوطني لسنة 1976 فكان عدد النساء 10، وتراجع العدد بعد ذلك إذا ما إستثنينا المجلسين التشريعين لسنتي1991 و 1997 الذين بلغ عدد النساء فيهما6 و 12على التوالي، أما في مجلس 2002 فقد وقع إنتخاب 27 إمرأة .
والجدير بالذكر هنا ان الزيادة الفعلية الوحيدة في العدد وقع تسجيلها في البرلمان الحالي المنتخب سنة 2007والذي يعد34 امرأة أي بنسبة 5.32%، إلا أن هذه الزيادة في العدد لم يقابلها زيادة في النسبة بل بقيت 5.32% سنة2007، مقابل% 5 سنة 1962 .
أما في مجلس الأمة وهو الهيئة البرلمانية الثانية التي أقرتها مراجعة الدستور لسنة1996 ؛ ويتكون من 136 مستشارا ينتخب 98 من بينهم عبر التصويت غير المباشر بالأغلبية من قبل الأعضاء المنتخبين المحليين أعضاء المجالس الشعبية المحلية ومجالس الولايات؛ ويعين رئيس الجمهورية الأعضاء 48 المتبقين.
بلغت مشاركة المرأة في هذه الغرفة بموجب إنتخاب ثلثي أعضاء مجلس الأمة لسنة 1997 بفوزهن بـ 3 مقاعد من بين 98 مقعدا، مما يشكل نسبة مقدرة بـ3.25 %، في نفس الوقت تحصلت النساء المُعينات على 5 مقاعد من 48مقعدا بنسبة مشاركة تقدر بـ 10,41%.
أما في انتخابات تحديد نصف أعضاء المُجرى بتاريخ 28 ديسمبر2000 فنها أفرزت عن عدم فوز النساء بأي مقعد من بين 48 مقعدا، أما من خلال التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة فقد تم تعيين 3 نساء من بين 24مقعدا بنسبة مشاركة مقدرة 12.25 % .
أما التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين المجرى يوم 30ديسمبر2003 لم يؤدى إلى فوز أي إمرأة من 45مقعدا المتنافس عليها، أما عملية تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة المعينين لنفس الفترة أظهرت تعيين إمرأتين من بين 22 مقعدا أي بنسبة 9.09% .
وبهدف توسيع حجم مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة تم تعديل الدستور في نوفمبر 2008، حيث تنص المادة 31 مكرر على أن” تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة.”
وتطبيقا لأحكام المادة 31 مكرّر من الدستور صدر قانون عضوي رقم 12 – 03 مؤرّخ في 12 جانفي سنة 2012، و الذي يحدد كيفيات توسيع حظوظ تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة .
وينص هذا القانون العضوي على أن ألاّ يقل عدد النساء في كل قائمة ترشيحات، حرّة أو مقدمة من حزب أو عدة أحزاب سياسية، عن النسب المحددة بـ: في انتخابات المجلس الشعبي الوطني 20% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أربعة مقاعد، و 30% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق خمسة مقاعد، و 35% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق أربعة عشر مقعدا، و40% عندما يكون عدد المقاعد يساوي أو يفوق اثنين وثلاثين مقعدا، و 50% بالنسبة لمقاعد الجالية الوطنية في الخارج•
وحسب ذات القانون يؤدي عدم الالتزام بهذا الشرط إلى رفض القائمة بكاملها، من ناحية أخرى ينص القانون على أن يستخلف المترشح أو المنتخب بمترشح أو منتخب من نفس الجنس، وفي محاولة من السلطات لتحفيز الأحزاب السياسية على منح المزيد من الفرص للنساء، وعدت الدولة بمساعدة مالية خاصة للأحزاب السياسي بحسب عدد مرشحاته المنتخبات في المجالس الشعبية البلدية والولائية وفي البرلمان.
مما سبق نلاحظ أن تواجد المرأة الجزائرية في البرلمان كان مبكرا لكن سرعان ما تراجع دور المرأة في البرلمان خاصة في الفترة بين 1976/1997، لتشهد بعض الارتفاع في دورة 2007؛ إلا أن هذه الزيادة في العدد لم يقابلها زيادة في النسبة بل بقيت ها (5%).
ويمكن تفسير ضعف تمثيل النساء في البرلمان إلى ضعف حضورهن في القائمات الانتخابية للأحزاب السياسية، وكذلك إلى ضعف الإرداة السياسية للسلطات العليا للدولة الجزائرية، إلا أنه يبقى
القانون العضوي رقم 12 – 03 مؤرّخ في 12 جانفي سنة 2012 والذي يقضي بتوسيع تمثيل المرأة الجزائرية في المجالس المنتخبة أحد آليات تمكين المرأة الجزائرية من الوصول إلى مواقع صنع القرار خاصة بالبرلمان الذي ظل شبه خالي من النساء طيلة الخمسين سنة الماضية.