12:48 صباحًا / 22 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

عام على طوفان الأقصى .. الصباح الذي وجّهت فيه المقاومة صفعةً مدّوية لـ إسرائيل

عام على طوفان الأقصى .. الصباح الذي وجّهت فيه المقاومة صفعةً مدّوية لـ إسرائيل

شفا – لم يكن فجر السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 عاديًا، استيقظ الفلسطينيون والعالم أجمع على مشاهد غير مسبوقة تحبس الأنفاس وتثير الدهشة، فقد نجحت “كتائب القسام” الذراع العسكري لحركة “حماس” في مباغتة المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، برًا وجوًا وبحرًا.

وبينما كانت آلاف الصواريخ تدك مستوطنات ومدن الاحتلال بينها تل أبيب وأخرى في الداخل الفلسطيني المحتل، خرج القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في تسجيلٍ صوتي معلنًا البدء بمعركة “طوفان الأقصى”، في هجومٍ مفاجئ هو الأكبر على “إسرائيل” منذ عقودٍ طويلة.

وأشار الضيف في كلمته إلى أنّ العملية تأتي في ظل “الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني”، مؤكدًا أنّ “كتائب القسام” قررت وضع حدٍ لكل جرائم الاحتلال فالوقت الذي تُعربد فيه “إسرائيل” دون محاسب قد انتهى.
مئات القتلى ومشاهد عزٍ لا تُنسى..

المعركة التي أعلن عنها الضيف بدأت ساعاتها الأولى بإطلاق 5 آلاف صاروخ في أول 20 دقيقة وصل بعضها تل أبيب واللد والقدس وعسقلان وبئر السبع، رافقها عمليات تسلل واقتحام لمستوطنات غلاف قطاع غزة لبعض المدن في عمق كيان الاحتلال، وإنزال بطائرات شراعية.

وتمكن المقاومون خلال العملية من السيطرة على قاعدة “رعيم” ومركز شرطة سديروت ومستوطنات أخرى، تخللها اشتباكات مسلحة ضارية بين عناصر وحدة النخبة التابعة لـ “القسام” وجنود الاحتلال استمر لساعات طويلة في بعض المناطق.

وأدت معركة “طوفان الأقصى” في ساعاتها الأولى لمقتل وجرح مئات الإسرائيليين بين جنود ومستوطنين وأسر نحو 250 إسرائيليًا بينهم ضباط وجنود، وفق ما صرّح به لاحقًا الناطق العسكري باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة.
“صباح عزٍ لا يُنسى والأفعال هي ما تُعطي الصباحات والأيام معانيها”، عبّر الفلسطينيون على منصات التواصل الاجتماعي عن فرحتهم العارمة،بالمشاهد المُدهشة التي وثقتها العدسات لـ “أبطال العبور” وهم يتجولون في الأراضي المحتلة بأريحية وبثبات، وكأنها اقتباسات من “فيلم أكشن”، والحقيقة أنهم أصحاب الأرض الذين أحيّوا حلم التحرير في النفوس من جديد.

ومن المشاهد التي لا تُنسى من ذاكرة الفلسطينيين، سحل مقاتلو القسام لجنود الاحتلال من دباباتهم وأسرهم، وسط تكبيرات المقاومين وعشرات المواطنين الذين وصلوا لمستوطنات ومعسكرات الاحتلال بعد علمهم بما جرى صبيحة ذلك اليوم.

وعند استحضار أحداث صبيحة “طوفان الأقصى” يتبادر للأذهان سريعًا صور مقاتلي القسام وهم ينزلون من السماء بطائرات شراعية إلى معسكرات ومستوطنات الاحتلال في مشهد أسطوري أشعل حينها منصات التواصل فرحًا وفخرًا بصنيع المقاومة.


كما لاقت صور الدراجات النارية التي عبر بها مقاتلو القسام، السياج الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة، حاملين أسلحتهم ومندفعين صوب المستوطنات وسط حالة من الذهول: “من أين جاؤوا بهذه القوة والثبات؟”

وفي شهادة أحد الصحفيين الفلسطينيين الذين تمكنوا من اجتياز الشريط الفاصل صبيحة ذلك اليوم، قال إنّ مستوطنات الغلاف كانت ساحة لتجول رجال المقاومة الذين نقلتهم السيارات والدراجات النارية، مشيرًا إلى أنّه التقط العديد من مقاطع الفيديو والصور للآليات الإسرائيلية والمدرعات العسكرية المحترقة، وكذلك لحظات هروب المستوطنين على وقع ضربات المقاومة.


صدمة إسرائيلية وإقرار بفشل استخباراتي..

على الجهة المقابلة، عاشت “إسرائيل” صدمة كبيرة جعلتها تلتزم الصمت لساعات، قبل أن تُعلن حالة الاستنفار تبعها شن حرب إبادة هي الأشرس على قطاع غزة منذ عقود، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

وقد وصف مسؤولون سياسيون وأمنيون ووسائل إعلامية إسرائيلية الحدث بـ “صادم وصعب ذات خصائص لم يعرفها الكيان من قبل” ويُعبّر عن فشل استخباراتي فاضح ويؤكد فقدان “إسرائيل” القدرة على الردع.

وعلى إثر هذا الفشل والإخفاق بالتنبؤ بالعملية قبل حدوثها، شهدت الأشهر الماضية جملة استقالات غير مسبوقة في صفوف جيش الاحتلال أبرزهم قائد القوات البرية ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وقائد المنطقة الوسطى، وقائد فرقة غزة.

ترافق ذلك، مع تراشق إعلامي كبير ومتواصل بين القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية، حيث يحاول كل طرف إلقاء مسؤولية الفشل في التصدي لعملية “طوفان الأقصى” على الطرف الآخر.


حرب هدفها إبادة كل ما هو فلسطيني..

ما الذي يُمكن أن يُعيد للأذهان “هيبة” الجيش “الذي لا يقهر” وقد قهرته غزة؟ كانت إبادة الفلسطينيين وكل ما قد يُعينهم على الحياة، هي الإجابة، فمنذ السابع من أكتوبر تشن حكومة الاحتلال حربًا هي الأشرس على قطاع غزة، مارست خلالها أعمال إبادة جماعية وارتكبت آلاف المجازر.

وخلّفت الحرب أكثر من 41 ألف شهيد منهم 17 ألف طفل وأكثر من 11 ألف امرأة فضلًا عن أكثر من 97 ألف مصاب و10 آلاف مفقود، وقرابة 2 مليون نازح، بالإضافة لتدمير ممنهج يفوق الوصف طال كافة القطاعات الحيوية، ما أفرز أزمة إنسانية غير مسبوقة.


ويرى محللون أنّ “إسرائيل” لم تضع احتمالية أن تستمر الحرب سنة كاملة، إذ افترضت الخطط أن تنتهي المعركة خلال أشهر قليلة بتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية المعلنة بالقضاء على حركة “حماس” وتحرير الأسرى، وإعادة بناء قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة.

لكن صمود المقاومة والتكتيكات الفعالة التي انتهجتها طوال أشهر الحرب قلب المعادلة وأثبت إخفاق الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، إذ يؤكد محللون أن الاحتلال حقق نجاحات تكتيكية في حربه على غزة من خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة، لكنهعجزعن تحقيق أهداف حاسمة.

وبالعودة إلى أهداف الحرب على أرض الواقع، نجد أنّه “لم يتم القضاء على حماس والمقاومة بغزة، ولم يتم تحرير الأسرى إلا بعضهم عبر اتفاقات هدنة، كما لم يتم إعادة سكان الشمال إلى مستوطناتهم، وأنّ مؤشرات الثقة بالجيش والحكومة تشهد تراجعًا تصاعديًا، وبالنسبة لقدرة الردع الإسرائيلية فقد تقوضت تماما وزادت نسبة الخلافات الداخلية”، وفق محللين.


بل وتجد حكومة الاحتلال نفسها بعد عامٍ من حرب الإبادة متورطة بجرائم إبادة وضد الإنسانية من منظور القانون لدى محكمة العدل الدولية، يرافقها تغيّر سلبي كبير في الرأي العام العالمي تجاه “إسرائيل”.

ولا تزال المقاومة حتى يومنا هذا تتصدى بالاشتباكات والكمائن النوعية لمحاور توغل جيش الاحتلال الذي يعاني الإرهاق والخسائر غير المسبوقة بشريًا ونفسيًا وفي المعدات.

إذ وصل عدد قتلى الاحتلال منذ بداية الحرب على جبهات القتال المختلفة إلى 726 ضابطًا وجنديًا، بينهم 346 قُتلوا منذ بداية العملية البرية في 27 أكتوبر من العام الماضي، بالإضافة لـ 4 آلاف و576 مصابًا بينهم 696 أُصيبوا بجراحٍ خطيرة، فيما أُصيب 2299 في المعارك البرية بينهم 442 حالتهم خطيرة. استنادًا لإحصائية جيش الاحتلال الذي يواجه اتهامات بإخفاء حصيلة أكبر لعدد قتلاه وجرحاه.


عملية سريّة وتدريب شاق..

وفي قراءته أكد المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر، أن عملية “طوفان الأقصى” الكبرى تم التحضير لها بعناية ودقة وسرية تامة منذ فترات طويلة على يد مجموعة عسكرية صغيرة مختصة وموثوقة.

ووصف “الأسمر” في حديثٍه العملية بأنها إغارة عسكرية نوعية مباغتة، تم التدريب الشاق والمكثف عليها لعدة أشهر في ظروف مشابهة لطبيعة الهدف المراد اقتحامه.

ولفت أنّ كل مجموعة مقاتلة تم تدريبها حسب دورها واختصاصها في العملية، مثل مجموعة فتح ثغرة أو مجموعة اقتحام أو مجموعة تغطية، مشيرًا إلى أنها جاءت نتيجة طبيعية تعكس حالة الضغط والاحتقان والغضب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، الناتج عن الحصار والتهميش والممارسات الإسرائيلية اللاأخلاقية.

ويبرز ضيفنا الدافع العسكري الأهم الذي جعل يوم 7 أكتوبر يشكّل نقطة تحول في الصراع، وهو تأكيد “حماس” على أن الصبر الهادف والروح المعنوية والإيمان بالهدف والسرية في التحضير والتخطيط والتدريب الجاد ستتفوق على ما يعتبر أقوى قوة في الشرق الأوسط.

وذكر أن أهم عامل لنجاح هذه العملية هو السرية الكبيرة في التحضير والتنفيذ، بالإضافة إلى الإرادة والعزيمة الصلبة من مقاتلي حماس، الذين لقنوا “إسرائيل” درسًا لن تنساه لسنوات عديدة.


هجوم صادم..

من جانبه، وصف المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، ما حدث في 7 أكتوبر كان صادمًا للغاية، متفوقًا على كل الصور النمطية عن “إسرائيل” وقوتها ودفاعاتها ومنظماتها التكنولوجية.

وأضاف ، أن الصورة المعهودة عن المقاتل الفلسطيني، الذي يُعتبر محدود الإمكانيات، قد تغيرت بشكل مفاجئ، مؤكدًا أن العملية كانت مفاجئة استخباراتيًّا وعسكريًّا، مع تخطيط طويل المدى، مما كشف عن أشياء لم نألفها في الحالة الفلسطينية.

ويعتقد “منصور” أن هذه العملية العسكرية جاءت لكسر حصار عمره 17 عامًا، معبرًا عن حالة الاختناق التي يعيشها قطاع غزة، موضحًا أن العملية جاءت في ذروة حالة التراجع التي شهدتها القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة، مؤكدًا أنها أعادت إحياء القضية الفلسطينية واعتبارها.


وأكد أن “إسرائيل” لم يسبق لها أن فقدت عددًا كبيرًا من القتلى، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، في عملية واحدة كما حصل في هذه الحالة، مبيّنًا أن هذا العدد الكبير من الخسائر كان خارج توقعاتهم، ولم تكن إسرائيل مهيأة لمواجهة مثل هذه العملية.

وأفاد “منصور” أن هناك معطيات وتحذيرات إسرائيلية كانت تشير إلى احتمال حدوث هذا النوع من العمليات، لكن الفكرة التي سيطرت على الاحتلال هي اعتقاده بأن لا أحد يستطيع اختراق دفاعاته.

ويعتبر، أن هذا الغرور والاستخفاف بالآخرين هما ما منع “إسرائيل “من التحضير لمواجهة هذه العملية، لافتًا أن تأثير هذا الحدث لم يتضح بعد، لكنه غير شكل المنطقة بشكل كبير، وأن الاتجاه الذي ستسير فيه الأمور لا يزال غير واضح.

شاهد أيضاً

كتائب القسام تجهز على قوة إسرائيلية في بيت لاهيا وتفجر دبابة ميركفاه في جباليا

كتائب القسام تجهز على قوة إسرائيلية في بيت لاهيا وتفجر دبابة ميركفاه في جباليا

شفا – قالت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في بيان صدر عنها اليوم إن …