شفا – نظمت جمعية بذور للتنمية والثقافة في نابلس حفل اشهار ومناقشة ديوان ” سديم الحياة ” للشاعر نسيم خطاطبة من بيت فوريك – نابلس
حيث تحدث فيها كل من :
- الدكتور رائد الدبعي – امين سر جمعية بذور للتنمية والثقافة
- والدكتورة منى ابوحمدية – اكاديمية وباحثة في الاداب والتراث والاثار
- والناقد الكاتب رائد الحواري
وذلك في حضرة عدد من الشعراء والأدباء والاكاديميين والمهتمين بالشأن الثقافي على مستوى المحافظة.
وفي كلمته الترحيبية اكد د. الدبعي على دعم الأنشطة الثقافية والفعاليات لما لها من دور في إبقاء الذاكرة الفلسطينية حية تجاه الموروث الثقافي ، كما واستذكر دور العظماء امثال غسان كنفاني و محمود درويش و سميح القاسم وابراهيم طوقان واشاد بدور المثقفين والادب المقاوم بالكتابة والقلم والريشة .
كما واعلن د. الدبعي عن ولادة هذا الديوان الشعري الجديد ( سديم الحياة ) للشاعر خطاطبة في حضرة الحضور الكريم .
من جانبها قدمت الدكتورة منى ابو حمدية ، نبذة عن حياة الشاعر نسيم خطاطبة.
حيث انه عاش حياته معانيا من الاحتلال منذ نعومة اظافره حيث اسر والدهُ وهو في عمر ال13 عشر ربيعا، كما انه ترعرع على حب الشعر وكتب اول قصيدة له على قبور الشهداء في ذاك الزمان سنه 1991 .
كان اول الجرحى في سياسة تكسير العظام وشظايا الرصاص من العدو ، ثم التحق في صفوف قوات ال17 امن الرأسة وحصل على دورات حماية كبار الشخصيات .
لاحقا تم اسر الشاعر في الانتفاضة الثانية سنة 2002 ، و انجبت زوجته ابنته ثاني يوم من اعتقالة ، 3 سنوات لم يحضنها حتى خرج من سجنه.
خرج من السجن يحمل دورات تلقاها داخل السجن منها (علم التجويد وقصص الانبياء وفقه السنه والعقيدة واعداد الكادر)
هذا ما عزز لديه الابداع في نظم الشعر .
ودولياً : خاض مسابقة دولية بعنوان شاعر الوطن العربي تحت اشراف الدكتور الناقد اليمني ابو عمار مدفعفي وحصل على المرتبة الثالثة بشاعر الوطن العربي .
له عدة اصدارات و منها ما تم توقيعه في معرض الكتاب في رام الله ٢٠٢٣ م
والتحق ليوقعه ايضا بمعرض الكتاب في الاردن تحت رعاية الدكتوره رانيا ابو عليان .
صدر مولفات شعرية بعنوان، (اهازيج شاعر متمرد) (ثم حب ثم حرب) (وسديم الحياة) .
ابدع في الاغاني الوطنية و منها :
قصيدة (صرخة الم) وغناها الفنان التونسي (قاسم بوغزو)
وقصيدة غنائية بعنوان (ياميمتي غزة ) غناها الاستاذ الفلسطيني المغترب في سوريا الفنان (تميم مشهراوي )
وفي ذكرى الاسراء والمعراج كتب الشاعر قصيدة غنائية بعنوان (سيدُ الخلق ) فانشدها الفنان القدير بن غزة هاشم فنان البادية صقر ابو ضريخم
وهناك الكثير من قصائده الغنائية اوعز فيها الكثير من الفنانون غناهن منها (آيا قدسُ) (والله معاك يا غزة)
ثم قدمت الكاتبة الدكتورة منى ابو حمدية مداخلة حول اهمية الادب المقاوم ، فقد نوهت بأنه ” تتجلى أهمية الشعر المقاوم في عدة جوانب:
- التعبير عن الهوية : فقد يعكس الشعر المقاوم الهوية الثقافية والوطنية للشعوب، ويعبر عن معاناتهم وآمالهم في مواجهة الظلم والاحتلال.
- ان الشعر المقاوم يعمل على زيادة الوعي حول القضايا الاجتماعية والسياسية، ويحفز الناس على التفكير والتحرك نحو التغيير.
- يوثق الشعر المقاوم الأحداث التاريخية والتجارب الشخصية، مما يجعله شاهداً على الحقائق التي قد تُنسى أو تُهمش في السرد التاريخي الرسمي.
- يقدم الشعر المقاوم أسلوباً فنياً مميزاً يجمع بين الجمالية والرسالة، مما يجعله وسيلة فعالة للتواصل مع الجمهور.
- يلهم الشعر المقاوم الأمل والقوة لدى الناس، ويشجعهم على الاستمرار في النضال من أجل حقوقهم وحرياتهم.
- يعزز من الروابط بين الأفراد والمجتمعات، حيث يجمع الشعر المقاوم الناس حول قضايا مشتركة وأهداف موحدة.
واختتمت الدكتورة منى ابو حمدية مداخلتها بالقول ، بانه باختصار، يمثل الشعر المقاوم أداة قوية للتغيير الاجتماعي والسياسي، ويعكس التحديات والصراعات التي يواجهها الأفراد والمجتمعات.”
وقد تحدث الناقد رائد الحواري في دراسته النقدية للديوان:
“سنحاول التوقف قليلا عند ما جاء في الديوان، ونبدأ من الأداة الأهم بالنسبة للشاعر، فبها يوصل ما يريد طرحه، وبها يكون شاعرا، لهذا نجده يستحضر الكتابة في أكثر من قصيدة، منها ما جاء في “مولد جديد” التي جاء فيها:
هذه حروفي فاقرأ القوافي ترى في كل حرف ما تريد
وكتابي لكل وقت زمان يتبدى كمولد باسم جديد” ص10.
اللافت في هاذين البيتين أنهما يلخصان ما جاء في المقدمة، فهناك مجموعة قضايا يطرحها الشاعر في الديوان، وبما أن فيها الهموم الوطنية وهذا يجعلها تخترق الزمن والمكان، ليطلع عليها الآخرين، إن كانوا في فلسطين أو خارجها، أو كان في هذا الزمن أو في المستقبل.
ونلاحظ أن الشاعر يستخدم مجموعة ألفاظ لها علاقة بالكتابة: “حروفي/حرف، فاقرأ، كتابي” وهذا ما يجعل الفكرة تصل إلى المتلقي من خلال المعنى العام للقصيدة وأيضا من خلال الألفاظ المستخدمة.
وفي قصيدة “تبيان المشاعر” يؤكد الشاعر انتماءه لرفاقه الشعراء من خلال قوله:
“يا صفوة البيان والتبيان أنا فيكم الأخ والخلان
الشعر يسعف في فحواه عبر وعبير معتق بإحسان” ص113.
نلاحظ تماهي الشاعر في ما يكتبه من خلال: “البيان والتبيان، وبين الأخ والخلان” فمن خلال البيان والتبيان، أكد انتمائه للأدب/ للشعر، وفي الأخ والخلان أكد اجتماعيته ووجوده ضمن أسرة متآلفة ومتحابة، وهذا ما يجعل صورة الشاعر مثالية إن كانت على صعيد الأدب أم على صعيد العلاقات الاجتماعية.
المرأة :
المرأة أحد أهم عناصر الفرح التي يلجأ إليها الشعراء، فهي تمنحهم الفرح المطلق الذي يتمثل في “الكتابة، الطبيعة، التمرد، في قصيدة “شذرات محب” نجد أثر حضور المرأة على الشعر، بحيث أصبح يحلق في فضاء رحب، متحررا من الواقع، مما جعل القصيدة مطلقة البياض، يجتمع المضمون واللفظ لخدمة المعنى:
“مهما كتبت القوافي لها اسما تعجر الأقلام وصفا بها ورقا
تسير على الأرض وثاقا في النفس كأنها شمسا
فالصبح عليل مع نسائمها وصوت الطير عذبا مبهجا” ص64.
فكرة المقطع متعلقة بالأثر الإيجابي الذي تتركه المرأة/الحبية على الشاعر، وهذا واضح من خلال مضمون الأبيات، لكننا نلاحظ وجود ألفاظ متعلق ببقية عناصر الفرح، الكتابة التي نجدها في: “كتبت، القوافي، الأقلام” ونجد كذلك الطبيعة: “الأرض، شمسا، فالصبح، نسائمها، الطير” ونجد التمرد/الثورة حاضرة من خلال قوة وأثر المرأة على الطبيعة، فأمست شمسا يلغي وجودها الشمس الحقيقية.
من هنا يمكننا فهم وجود العديد من القصائد المتعلقة بالمرأة، بالحبية، فهي من سهلت وأوجدت البياض، الفرح في الديوان.
الصور الشعرية
أهمية الأدب لا تكمن في الأفكار/المضمون الذي يحمله فحسب، بل في الشكل الذي جاءت به، لهذا لا يمكن أن يكون للشعر أثر على المتلقي دون وجود صور شعرية، وما الصورة السابقة التي شبهة حضور الحبية بالشمس إلا صورة من تلك الصور’ في قصيدة “أصحاب الأرض” يعطنا الشاعر صورة رائعة عن فلسطين وأهلها:
“أخبر الزيتون أن ينيرا يوقد بدمنا قنديلا” ص197.
فالشاعر هنا اختزل حالة الفلسطيني وفلسطيني من خلال “الزيتون” وأكد البعد الوطني والقومي والديني من خلال “يوقد بدمنا قنديلا” فكل من يقرأ هذا البيت سيُقاد إلى فلسطين وشعبها، واللافت في هذا البيت أنه يلبي رغبات كل المتلقين، إن كانوا فلسطينيين، أو عرب أو مسلمين، فكل من يقرأ هذا البيت يجد فيه شيئا من رؤيته/أفكاره عن فلسطين وشعبها.
غزة وطوفان الأقصى
قلنا في المقدمة إن الأدب الفلسطيني يواكب الأحداث، من هنا نجد الشاعر يتحدث في أكثر من قصيدة عن غزة، وما أحدثه “طوفان الأقصى” في زعزعة للدولة الاحتلال، فلم يعد الكيان هو القوى، وأمسى مجرد كيان هزيل/ ضعيف، يمكن خلعه إذا ما وجدت الإرادة والقوة، يقول في قصيدة: “طوفان الأقصى”:
طوفان يغرق العصيان وغزة المجد رجال شجعان
يحيلون ساحات الوغى دخان وعبير المعارك يكسر القضبان
اليوم نغزوهم يا غزة العدنان ونقلب الآفاق عليهم والميزان
جحافل الزحف تجتاح الجدران وتقتحم مغتصبات وتدق الخزان
سبعة أكتوبر عصي النسيان تاريخ لا زيف فيه ولا هذيان” ص126و127.
نجد في هذه الأبيات حقيقة موضوعية عما أحدثه “طوفان الأقصى” في الفكر والمسلمات المتعلقة بدولة الاحتلال، فلأول مرة بعد حرب تشرين عام 1973 يتم الهجوم على دولة الاحتلال، ولأول مرة يقوم الفلسطيني بالهجوم، فكان دائما يقاوم/يدافع، يصد المحتل، لكنه في طوفان الأقصى كان المبادر للهجوم، وفعلا أحدث هزة ليس في دولة الاحتلال فحسب، في المنطقة العربية وفي العالم.
واللافت فيما جاء به الشاعر أن يقربنا من طرح غسان كنفاني وضرورة (دق الجدران)، وهذا ما جعل المقطع يأخذ بعدا واقعيا بعد أن كان رمزيا، بمعنى أن طوفان الأقصى هو التطبيق الحقيقي لما طرحه كنفاني في رواية ” رجال في الشمس”
تنوع اللغة في الديوان
نلاحظ أن الشاعر يستخدم بعض الآيات القرآنية في بعض القصائد، وأيضا يستخدم اللهجة المحكية، وهذا ما يجعل الديوان قريب من المتلقي، فالعديد من المتلقين يستمتعون بالشعر الشعبي، يقول في قصيدة “آلام الوغى”:
“يما وهي صغارنا
تحت ردم دارنا
يما ماحلى الشاهدة
بين أدين جارنا” ص190.
تنوع أشكال القصائد :
هناك قصائد قدمها الشاعر تقرأ قراءة أفقية/عادية، وقراءة عمودية، وأعتقد أن مثل هذه القصائد تحتاج إلى وقفة وتأمل من القارئ، لكي يتم الحكم عليها.
وفي الختام تم فتح باب النقاش والمداخلات أمام الحضور الكريم الذين حضروا لاثراء هذا الاشهار بالكثير من الملاحظات الهامة والمميزة.
كما و وقع الشاعر العديد من النسخ من ديوانه سديم الحياة للحضور الكريم.