خرائط بنيامين نتانياهو، رئيس كيان الاحتلال الإسرائيلي ، بقلم : نعمان توفيق العابد
في خطابه الأخير في نهاية الشهر الماضي ومن على منصة الامم المتحدة، واصل رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي، شرح وتوضيح برنامج حكومة الاحتلال لما يسمى ” شرق اوسط جديد”، وفي معرض حديثه، الذي تعرض لمقاطعة العديد من الوفود الديبلوماسية في الامم المتحدة ، كان محور حديثه في نقطتين هامتان لمشروع الكيان، والدول التي تدعمها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهما:
اولا : تهديد مباشر وصريح لكل من يقف ضد هذا المشروع..
بكلمات واضحة لا تحتاج لتفسير او لتأويل قال نتنياهو ” لا يوجد مكان في ايران لا تستطيع الذراع الطويله لإسرائيل الوصول اليه، وهذا ينطبق على الشرق الاوسط بأكمله “.
ثانيا: قسم منطقة الشرق الاوسط إلى قسمين او مشروعين……
عبر عرضه ل” خرائط نتنياهو “، قسمت المنطقة إلى قسمين أو محورين او مشروعين، بنظر نتنياهو، حيث ادعى ان هناك:
” منطقة خضراء “، وفي مقدمة هذا المحور كيان الاحتلال، إضافة إلى مصر ، السودان ، الإمارات ، السعودية ، البحرين ، الأردن.
وهذا القسم او المحور او المشروع، يهدف برأي نتنياهو إلى تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي للمنطقة والعالم.
-” منطقة سوداء “، وفي مقدمة هذا المحور ايران ، اضافة الى سوريا ، العراق ، اليمن ، لبنان…
وهذا القسم او المحور او المشروع، برأي نتنياهو، ليس ضد كيان الاحتلال فقط، بل يطال ” شره “، ليستهدف المنطقة جميعها ومعظم دول العالم…..
وهناك دول في المنطقة لم تدخل ضمن خرائط وتقسيمات نتنياهو، ويبدو يعتبرها انها لا زالت تقف في “المنطقة الرمادية”، وتنتظر لترى اي من المشروعين قد ينتصر….!!!
في خرائط وتقسيمات نتنياهو لا وجود للقضية الفلسطينية أو طرف فلسطيني او حتى فلسطين بشقيها، الضفة الغربية وقطاع غزه، بمعنى ان ” الشرق الاوسط الجديد “، الذي يريده ويخطط له نتنياهو يرتكز اساساً على انهاء وشطب القضية الفلسطينية وتوسعة مناطق سيطرة الاحتلال ليشمل كل اراضي فلسطين التاريخية، وكذلك قد يتطور ليشمل مناطق ودول اخرى لتشكيل ” دولة إسرائيل الكبرى “……
السؤال الان …. امام خرائط وخطة وتقسيمات نتنياهو، ما هو الرد العربي والفلسطيني امام هذه الخطط!!!!
للأسف الشديد ابتداءا، لم يكن هناك رد قوي وصريح من قبل الدول التي ادعى نتنياهو أنها تقف خلف كيان دولة الاحتلال في هذا المحور، وكان المفترض وفي ادنى الاحتمالات ان تصرح هذه الدول وتكذب نتنياهو وادعائه، لان الصمت احيانا قد يشير إلى الموافقة او العجز عن التصدي، وكلا الاحتمالين يسيء لهذه الدول، التي بالتأكيد لا يشرفها ان تكون في محور يقوده كيان الاحتلال، لأنه لم يثبت قطعيا ان هذا الكيان ينظر الى مصلحة اية دولة غير كيانه…..ولا وجود لأي خطط مضادة لهذا المخطط او لهذا الصراع والانتظار هو سيد الموقف عند هذه الدول وهذا بصراحة لا يخدم هذه الدول ولا يخدم القضية الفلسطينية المستهدف الاول من هذا الصراع……!!!
فلسطينيا……..
هناك عدة عوامل أضعفت الموقف الفلسطيني الرسمي، وفي المقدمة منها الانقسام الفلسطيني، بغض النظر من يتحمل المسؤولية، وتكلس القيادة السياسية الفلسطينية في مكانها منذ اكثر من عشرين عام دون تجديدها او تجديد شرعيتها ، لا على المستوى الحزبي الفصائلي، ولا على المستوى الوطني، ولا يوجد اي حجه مقنعه امام هذا الجمود في تجديد القيادة سواء على مستوى الحزب او الحركة او الفصيل، او على المستوى الوطني، وكذلك جمود القيادة السياسية الفلسطينية في تنوع علاقاتها واستثمارها جيداً، وبعدها عن المؤيدين والداعمين للقضية الفلسطينية تاريخيا، ولو من باب مصالحهم ، والارتهان للوعود الامريكية الكاذبة، حتى وصلت لمرحلة، ان الصديق يبتعد عنها والأمريكي يورطها ويعمل على إفسادها سياسيا عبر الارتهان له، فخسرت وظهرت كقياده، وليست كقضيه، وكأنها وحيده يتبرأ منها الجميع، الصديق والبعيد، وبالتالي اصبحت لا حول لها ولا قوه، وازداد الأمور سوءا على سوء، منذ ما قبل السابع من اكتوبر، والذي جاء ليدق اسفين آخر في مدى وحجم تمثيلها للموقف الفلسطيني داخلياً وخارجياً، ولم يرحمها لا من يدعي تمثيلها سياسيا او اعلاميا، ولم يرحمها العدو في القضاء معنويا ونفسيا وفعليا على مدى وحجم شرعية تمثيلها……
امام ذلك وبكل صراحة ووضوح واذا ارادت القيادة السياسية الفلسطينية التصدي الفعلي لخرائط وخطط نتنياهو فلا بد من….
اولا : تجديد واعادة الشرعية والمشروعية الفلسطينية سواء على الصعيد الحزبي والحركي او على الصعيد الوطني، بعيداً عن الرغبه الامريكية الغربية من هذا التجديد…..
ثانيا : الوحدة الوطنية الفلسطينية الشاملة، على اساس وحدانية التمثيل والقياده والتنوع السياسي، مع وحدة الهدف والتنسيق بين كل الوسائل لتحقيق الهدف، ضمن برنامج وطني وحدوي شامل، اساسه ان عدونا واحد وهدفنا واحد وتعدد للبرامج التي تخدم الهدف…..
ثالثا: تجديد في العلاقات الوطنية وعلى مستوى الاقليم والعالم، بما يحقق المصالح الوطنية الفلسطينية، والتي اساسها التصدي لمشروع وخطط وخرائط نتنياهو، فلا تكلس في السياسة ولا حرد ولا زعل شخصي، ولا خلاف دائم او وفاق دائم، فالجميع يبحث عن مصالحه ونحن اصحاب قضيه وأولى الشعوب في البحث عن مصالحنا…… وبالتالي قد نتفق مع مشروع ما في خطوه ما ونختلف معه في خطوة اخرى، واذا كنا نعطي للعدو ومن خلفه امريكا فرصه تلو الفرصه، فعلينا ايضا التفكير في اعطاء الغير ذات الفرص ولا ننجر انه لدينا تناقض غير تناقضنا مع الاحتلال ومن يدعمه……
رابعا : لا قيمة لاي حزب او حركة او مشروع إذا لفظته حاضنته الشعبية، وبالتالي العوده للشعب والاهتمام به وبمصالحه ورأيه وتثبيته على ارضه، وعدم الاهتمام والتركيز على فئه معينه من الشعب ومصالحها الشخصية، وان لا يكون التركيز، للاسف كما هو ظاهر، على رعاية والحفاظ على فئة معينه ومصالحها واستثناء شعب بأكمله………
خامسا : اساس الشرعية والمشروعية لاي نظام سياسي امام شعبه هو العدل وتطبيق القانون على الجميع، وعدم وجود استثناءات هنا وهناك لصالح هذا او ذاك، فمقبرة النظم السياسية في التاريخ هو اشتداد الظلم فيها وتقديم مصلحة القيادات على مصلحة الشعب، وهكذا بدأت الثورات ضد هذه النظم السياسية….
هذا برأيي ابرز ما يمكن ان يعيد للنظام السياسي الفلسطيني قوته وصموده امام كل المؤامرات والخطط والخرائط ونحن امام اخطر مرحلة تواجه فلسطين والمنطقة وربما العالم، فإما ان نكون او لا نكون…..
- – نعمان توفيق العابد – محلل سياسي فلسطيني وباحث قانوني – فلسطين