5:53 مساءً / 5 أكتوبر، 2024
آخر الاخبار

التعليم بالحب : فلسفة تعليمية نابضة بالحياة ، بقلم : د. زبيدة صبحي سلمان

التعليم بالحب: فلسفة تعليمية نابضة بالحياة. بقلم : د. زبيدة صبحي سلمان

التعليم بالحب : فلسفة تعليمية نابضة بالحياة ، بقلم : د. زبيدة صبحي سلمان


اعتدنا أن يُنظر إلى التعليم من خلال إطار صارم وجاد، حدوده الانضباط، وهدفه الأسمى النتائج الأكاديمية. وضمن هذا الإطار، يتم التركيز بشكل كبير على فرض القواعد والعقوبات مما يجعل بيئة التعلم بيئة متسلطة مملوءة بالخوف والضغط.

ويُنظر إلى المعلم كسلطة عليا مهمتها نقل المعرفة والتركيز على المنافسة بين الطلبة، إذ يُعتبر التفوق الأكاديمي الفردي هو المقياس الرئيسي للنجاح، مما يؤدي إلى تكريس الأنا العليا لدى الأفراد. ونتيجة لذلك، يتحول التعلم إلى مهمة شاقة تفتقر للمتعة والرغبة الذاتية في التعلم.


التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة من عقل إلى آخر، بل هو عملية تواصل حقيقية وعميقة بين المعلم والطالب، إذ يعمل على بناء جسر من الثقة والاحترام المتبادل. وهو باب مفتوح على مصراعيه للإبداع والاكتشاف، بحيث يجعل من التعلم تجربة ممتعة ومليئة بالشغف بدلاً من أن يكون عبئًا أو واجبًا ثقيلًا.

ويتجاوز التعليم الجيد مرحلة تحفيز العقول، إلى التعلم بقلب مفتوح، حيث يتلاقى العلم مع العاطفة ليُخرج جيلاً من المتعلمين الذين لا يسعون فقط لتحقيق النجاح الأكاديمي، بل ليكونوا أفرادًا مسؤولين، ومبدعين، ومستقلين، ومهتمين بالعالم من حولهم.


هل التعليم بالحب طريقة أم أسلوب؟


قد يرى البعض أن التعليم بالحب هو طريقة لأنه يعبر عن كيفية تقديم التعليم بشكل يعزز من مشاعر الاحترام والرعاية، ويتضمن هذا النهج استخدام منهجية تُشجع على الحوار والتفاعل الإيجابي، مما يُعزز من دافعية الطلاب للتعلم.

والبعض الآخر قد يعتبره أسلوبًا لأنه يشير إلى كيفية تعامل المعلم مع طلابه، وكيفية بناء علاقات قائمة على الثقة والاحترام والتعاطف، والدعم المادي والمعنوي، وتفهم احتياجات الطلبة الفردية. وإذا نظرنا نظرة أكثر شمولية للتعليم بالحب، فنجده أكثر من مجرد طريقة أو أسلوب؛ إنه فلسفة شاملة تؤكد على أهمية العلاقات الإنسانية العميقة في العملية التعليمية.

هذه الفلسفة تشمل مجموعة من القيم والمبادئ التي تُعزز من التفاعل الإيجابي بين المعلم والطلاب، والتي تسهم في إيجاد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة.


التعليم بحب يغرس بذور الحياة والقيم الإنسانية في قلوب الطلبة، ليظل أثره طويل الأمد حتى بعد انقضاء أيام الدراسة. وهذا النوع من التعليم يمتد تأثيره إلى ما هو أبعد من التحصيل الأكاديمي، حيث يخلق تحولاً في السلوك ويغرس رغبة عميقة في الاستكشاف والتعلم، فهو قوة هادئة وسحرية تستحوذ على القلوب وتأسر العقول.

وهو أرقى وأعمق أشكال التواصل الإنساني، فهو الرابط الذي يجمع بين قلب المعلم وعقل الطالب، ليخلق فضاءً تعليمياً مليئاً بالطمأنينة والاحترام. فلا يشعر الطالب بأنه مجرد متلقي للمعلومات، بل يُدرك أنه فرد مقدر ومفهوم، تُحترم احتياجاته وتُراعى مشاعره.


التعليم بحب هو زراعة الأحلام وسقاية الطموحات بلمسات من الرعاية والاهتمام. تتحول فيه الدروس إلى حوار عميق بين الفهم والشغف، يشعر الطالب من خلاله أنه شريك في رحلة اكتشاف ذاته، إذ يمكن تحويل كل لحظة تعليمية إلى تجربة حياتية شاملة تمتد إلى ما وراء جدران الصفوف الدراسية.

شاهد أيضاً

بيروت: 282 شهيدا حصيلة شهداء قصف الاحتلال على بعلبك والبقاع الأوسط

شفا – أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، بارتفاع حصيلة عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على محافظة …