شفا – شاركت د. منى ابو حمدية في الملتقى العلمي الدولي الثاني “الموسوم بـ:”القضية الفلسطينية في ظل التحولات الدولية الراهنة” والذي تم عقده في الاول والثاني من اكتوبر 2024 بمدرج المغرب العربي بمقر كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 .
حيث تقدمت الدكتورة منى ابو حمدية عبر تقنية Google Meet بورقة بحثية بعنوان : ” جرائم الاحتلال في حق الموروث الثقافي الفلسطيني “
بعد الترحم على شهداء فلسطين ولبنان و بعد ان نقلت آهات الشعب الفلسطيني المكلوم لشعوب الوطن العربي وسط حضور دولي كبير و بعد عام دموي كامل من الدمار والحرب والتشريد .
واصلت قائلة تدور ورقتي البحثية لهذا المؤتمر حول :
” جرائم الاحتلال في حق الموروث الثقافي الفلسطيني “
والتي تناولت مبحثين ، المبحث الاول يقدم لمحة عن الموروث الثقافي الفلسطيني
حيث كانت ولا زالت بلادنا مركزًا حضاريًا وثقافيًا مهمًا ، فالموروث الثقافي الفلسطيني يمتد عبر تاريخ طويل ومعقد، متأثرًا بالعديد من الحضارات التي مرت على فلسطين وشكلت هويتها الثقافية.
ثم اكملت ان تعاقب الحضارات المختلفة مثل الكنعانية ، اليونانية، الرومانية، البيزنطية، الإسلامية، والعثمانية على أرض فلسطين قد ترك بصماته في جميع جوانب الحياة الثقافية، بدءًا من اللغة والعمارة إلى العادات والتقاليد ، فيمكن الجزم بانها رحلة طويلة من التفاعل مع حضارات متنوعة، لكنه يحتفظ بخصائصه المميزة التي تجسد الهوية الفلسطينية.
يذكر ان الدراسة ركزت على ما اقدم عليه الاحتلال من جرائم ممنهجة بحق الموروث الثقافي الفلسطيني، بما في ذلك جرائمه بحق التراث في غزة، حيث تم استهداف هذا الموروث بشتى الطرق، سواء عبر تدمير المباني التاريخية، او سرقة الآثار الفلسطينية على مر التاريخ وانتهاءً بالقمع الثقافي في فلسطين و طمس الهوية الثقافية الفلسطينية.
حيث تعد هذه الممارسات جزءًا من سياسة الاحتلال الرامية إلى محو هوية الشعب الفلسطيني وتاريخه .
و لعل ابرز ما تطرقت له الدراسة في هذا السياق يتمحور حول تدمير الاحتلال للمواقع التراثية الثقافية كما حدث ويحدث في الحرب الدائرة على غزة ،
وبحسب تصنيف وزارة السياحة والاثار الفلسطينية لمواقع التراث الثقافي الفلسطيني في قطاع غزة والتي يبلغ عددها ( 325 ) معلم اثري موزعة على خمس محافظات في قطاع غزة ، تتمثل بالمساجد والاديرة والكنائس والمقابر والقصور والتلال والاسواق وغيرها.
وما حدث مؤخرا و بالرجوع الى تصريحات المكتب الاعلامي الحكومي في غزة يوم السبت تاريخ 30 ديسمبر 2023م ، فقد تم تدمير 200 موقع اثري وتراثي في غزة.
ايضا تم تسليط الضوء في هذه الورقة على إحدى اهم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال وهي سرقة الآثار الفلسطينية من المواقع التاريخية، فيتم نقل العديد من الآثار المكتشفة في غزة والضفة الغربية إلى المتاحف الإسرائيلية أو حتى بيعها في الأسواق العالمية.
ان هذه السرقة تهدف إلى محو التاريخ الفلسطيني ونسب هذه الآثار إلى تاريخ مزيف يروج له الاحتلال.
هذا بالإضافة الى قيام الاحتلال لسلسلة من عمليات الحفر والتنقيب التعسفية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك غزة، بهدف طمس الهوية الفلسطينية والادعاء بأن هذه الآثار تعود لحضارات يهودية.
اما فيما يتعلق بالقمع الثقافي في فلسطين فيعد واحدًا من أشد أنواع القمع التي يواجهها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث يسعى الاحتلال إلى طمس الهوية الثقافية والتاريخية للفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حقوقهم الثقافية بحرية.
فهذا القمع يتمثل في تقييد الفنون والآداب الفلسطينية، وفرض القيود على التعليم، وتخريب التراث الثقافي، والسيطرة على الفضاءات العامة، وكل ذلك ضمن إطار أكبر من الهيمنة والسيطرة على الحياة اليومية الفلسطينية.
يعتبر هذا التراث الثقافي مورد ثقافي لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن ان يعوض اذا ما تم العبث به او تجاهله وتهميشه ، فآثار فلسطين بمختلف اماكن مواقعها في خطر دائم ما بين تنقيب غير قانوني وسرقة ونهب وعبث وتشويه وتهريب ، وآخرها ما شهده العالم من تدمير شامل للمواقع الاثرية والثقافية في غزة وبشكل مقصود ومتعمد وذلك كله في ظل غطرسة الاحتلال الاسرائيلي ، والذي انتهك وخرق اتفاقية لاهاي الدولية عام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح .
تمت الاشارة في المبحث الثاني الى دور المقاومة الثقافية الفلسطينية في التصدي لجرائم الاحتلال في حق الموروث الثقافي الفلسطيني ،
فهي تلعب دورًا حاسمًا في التصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف الموروث الثقافي الفلسطيني. فمن خلال هذا النوع من المقاومة، يسعى الفلسطينيون إلى الحفاظ على هويتهم الثقافية وتراثهم، وإبراز مظلوميتهم وتحدي المحاولات الإسرائيلية لطمس التاريخ الفلسطيني وإعادة صياغته، فالمقاومة الثقافية تأخذ أشكالاً متعددة، منها الأدب، الفن، الموسيقى، المسرح، التعليم، وحماية التراث المعماري والآثار.
فالمقاومة الثقافية الفلسطينية ليست مجرد أداة للحفاظ على التراث الثقافي، بل هي عنصر أساسي في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال فمن خلال توثيق التراث الفلسطيني ونشره على نطاق واسع، يتم تعزيز الوعي العالمي بهذا التراث، مما يُصعب على الاحتلال تزييف أو سرقة هذا الموروث .
ان الثقافة الفلسطينية مليئة بقصص الصمود والنضال، والمقاومة الثقافية تُسهم في إبقاء هذه القصص حية في ذاكرة الشعب. الفنانون والمؤلفون الفلسطينيون يستمدون من هذه الذاكرة التاريخية أعمالًا تعبر عن واقع الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال، وهو ما يساعد في نقل التجربة الفلسطينية للأجيال القادمة وللعالم الخارجي.
وبالتالي يظهر الفلسطينيون للعالم أن هويتهم وتراثهم أقوى من أي محاولات لطمسها. إنها وسيلة للحفاظ على الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وضمان استمرار ارتباطه بأرضه وتاريخه، وتحقيق التضامن الدولي مع قضيتهم.
وفي الختام :
توصلت الباحثة الى ان آلة الحرب الاسرائيلية والتي طالت اهم ومعظم المواقع التراثية الثقافية والشواهد التاريخية على مر الازمان باستهداف واضح ومتعمد وبشكل مكثف يشير الى ان هذه الانتهاكات ما هي الا استكمال لما بدأته المؤسسة الصهيونية عام 1948م من تدمير لأكثر من 500 قرية فلسطينية وتشريد اهاليها بالقوة من بيوتهم الآمنة ، ونشر الذعر بذبح الفلسطينيين وابادتهم بشكل جماعي لتودي تلك الاساليب بالمنطقة الى تطهير عرقي كامل من السيادة العربية الفلسطينية وانشاء وطن قومي لليهودية في المكان وسلب الارض ومسح التاريخ العربي الفلسطيني.
ومما لا شك فيه ان حكومة نتنياهو المتطرفة وايديولوجيات المؤسسة الصهيونية لا تكترث بالقوانين الدولية ولا تلتزم بما تنص عليه الاتفاقيات الدولية وقرارات اليونسكو بما يخص الحماية الدولية، حيث تعتبر هذه الجرائم بحق المواقع التراثية والاثرية والدمار الذي لحق بها نتيجة القصف الاسرائيلي المتعمد والمكثف عليها ، بأنه جريمة حرب كاملة وانتهاك واضح للمواثيق والقوانين الدولية في حالة النزاع المسلح والتي يجب حماية تراثها الوطني .
كما و اختتمت ابو حمدية مجموعة من التوصيات على الصعيد الدولي والمحلي.