التحولات الايدلوجية والدينية في المجتمع الاسرائيلي تدفع نحو المزيد من التطرف ، بقلم : نضال خضرة
تعود نشأة الحركات الصهيونية الدينية والقومية، والحركات الصهيونية المتطرفة في دولة الاحتلال لما قبل نكبة فلسطين عام 1948 وتحديداً في بداية مطلع القرن التاسع عشر، ينقسم المجتمع الديني في دولة الكيان الي قسمين، الأرثوذكسية الدينية القومية التي تسمي” الحردال ” و الأرثوذكسية المتطرفة، والتي تسمي”الحرديم ” ويعد امتداد الرثوذكسية المتطرف ،”الحرديم” الي حزب اغودات اسرائيل، وحزب هبوعيل اغودات اسرائيل، اللذان تم تأسيسهم ما بين العام 1912 الي العام 1922، والتي تعد كل من حركة شاس، وحركة يهودات هتوراه، امتدات لهذه الحركات، اما الحركات الأرثوذكسية الدينية القومية “الحردال” والتي نشأت في مطلع القرن العشرين تحديداً، في العام 1902 الي عام 1918 اي قبل نكبة فلسطين عام 1948 بأربعون عاماً ونشأت تحت مسمي، حركة همزراحي، وحركة هبوعيل همزراحي، كاحركات صهيونية دينية متطرفة معارضة للتيار العلماني الصهيوني وتحمل شعار ارض اسرائيل لشعب اسرائيل بموجب شريعة اسرائيل ،وايضاً شعار (التوراة والعمل) اي الايمان والعمل، ومن بين الآراء الاخرى التي نادوا بها ان اليهود أُمّة مميزة عن بقية الأُمم وذلك يعود الى ان الله بنفسه اوجدها، فهي الأمة اليهودية تخص الله، وان اتحاد الكيان اليهودي الحقيقي يكون فقط بتوجيه الفكر اليهودي نحو التوراة وفلسطين باعتبارهما ركنين مهمين للغاية في تاريخ وحياة الأُمة اليهودية، وتعد كل من الأحزاب الصهيونية، عتسوما يهوديت،
والصهيونية الدينية، امتداد لهذه الحركات المتطرفة.
اليوم بعد اكثر من 76 عام على قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين التاريخية،بدأت تظهر تحولات كبيرة على المجتمع الاسرائيلي، تحولات تدفع المجتمع الاسرائيلي نحو التطرف الديني والقومي على حد سواء اضافة الي التقاطعات والقواسم المشتركة التي تجمع
كل من الحركات اليمينية، والحركات الصهيونية الدينية، والصهيونية المتطرفة.
احد أسباب التحول “المتغيرات الديمغرافية في اسرائيل “
هناك متغيرات ديمغرافية مهم التطرق لها،والتي بدأت تطرأ على المجتمع الاسرائيلي، ابرز هذه المتغيرات خروج اكثر من مليون اسرائيلي من اسرائيل منذ عملية السآبع من اكتوبر، وهؤلاء الذين خرجوا سواء بشكل مؤقت او بشكل دائم، غالبيتهم من الصهاينه الغربيين والمحسوبين علي النخبة العلمية ومن اصحاب المال والاعمال في المجتمع الاسرائيلي، وغالبيتهم ينتمون للتيار العلماني في الدولة .
هؤلاء خروجهم احدث خلل كبير في التأثير السياسي والمجتمعي
في اسرائيل واعطوا مساحة معقولة للأحزاب اليمينيةو الصهيونية الدينية ،والأحزاب الصهيونية المتطرفة، كاجماعات متماسكة اجتماعياً في اسرائيل
تحديدا الصهيونية الدينية والذي ويتنامي عدد أفرادهم بشكل مرتفع في المجتمع الاسرائيلي،و يشكلوا
ما يقارب 13% من تعداد السكان ومن المتوقع اي تصل أعدادهم في غضون الثلاثين عام القادمة الي 33 % من تعداد السكان اي ثلث عدد السكان. بمعزل عن تعداد اعضاءالصهيونية الدينية القومية. التي لا توجد احصائيات دقيقة لرصد أعدادهم في المجتمع الاسرائيلي،
اضافة لعدم التطرق لنسبة قوى اليمين سواء الليكود،واسرائيل بيتنا .
“الهجرة المعاكسة من الخارج الي الداخل
، سيما بعد احداث السابع من اكتوبر”
هناك هجرات معاكسة ايضاً دفعت عدد
كبير من اليهود اليمينيين والمتدينين والمتطرفين الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا بالعودة الي اسرائيل بسبب هويتهم الصهيونية الدينية الفجة في المجتماعات الغربية، وعدم احتمالهم العيش
في تلك المجتمعات بسبب سقوط الرواية الصهيونية والكراهية التي بدأت تتنامي وتتصاعد ضد اليهود ،وفقدان امنهم
الشخصي في المجتمع الغربي منذ عملية السآبع من اكتوبر تشرين من العام 2023.
وهذا بحسب دائرة الهجرة في اسرائيل وهذه الهجرة المعاكسة تسببت في ارتفاع سعر العقارات في دولة الكيان بنسبة 11% برغم تردي الاوضاع الاقتصادية في اسرائيل .وبذالك نستطيع القول ان هناك عملية احلال وإبدال في المجتمع
الاسرائيلي ما بين،من خرجوا بعد عملية السابع من اكتوبر،من النخبة العلمية ورجال المال والأعمال والمحسوبين،على القوى العلمانية والليبرالية في الدولة،
وما بين من عادوا من اليهود الفقراء اليمينيين والمتدينين والمتطرفين الي دولة اسرائيل، وهذا سيكون له تأثيرات استراتيجية على تركيبة المجتمع الاسرائيلي ديمغرافياً وتعزيز جنوحه اكثر نحو اليمن، واليمين الديني والقومي ، واليمين المتطرف.
تصنيف الفئات في المجتمع الصهيوني
بلغ عدد سكان دولة الكيان مع نهاية سبتمبر 2023 نحو 9 ملايين و795 ألف نسمة،و عدد السكان العرب في إسرائيل 2 مليون و48 ألفا، بينهم 400 ألف في الأراضي المحتلة. ويمثل عرب 48 نسبة 21% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9 ملايين و727 ألف نسمة.15.
ويبلغ تعداد الطائفة الدرزية في إسرائيل نحو 152000 نسمة، وهناك اقليات ما بين مسيحيين وشركس واخرون 20000 نسمة، ويتبقى عدد سكان دولة الكيان من الصهاينة 7مليون و400 الف صهيوني .
لو افترضنا ان هناك مليون صهيوني غادرا دولة الكيان منذ السابع من اكتوبر، يتبقي 6 مليون و400 صهيوني، في حال اخضعنا هذه النسبة وفق آخر استطلاعات هيئة البث في دولة الكيان، فان توزيع المقاعد جاء على النحو التالي:
معسكر الدولة برئاسة بني غانتس
(23 مقعد ) (يمين وسط )
الليكود برئاسة نتنياهو
(22 مقعد) (يمين )
يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد
(14 مقعد) (يمين وسط)
اسرائيل بيتنا برئاسة ليبرمان (14مقعد)(يمين)
شاس برئاسة اريه درعي (10مقاعد) (يمين ديني)
العظمة اليهودية برئاسة بن غفير ( 8مقاعد)(يمين متطرف)
حزب الديمقراطيون برئاسة يائير غولان
( 8 مقاعد) (كتلة اليسار واليسار وسط)
يهودية التوراة (7 مقاعد)
القائمة العربية الموحده (5 مقاعد )
قائمة الجهة والعربية للتغيير
(5 مقاعد )
الصهيونية الدينية سموترتش
(4 مقاعد )
(يمين متطرف)
وهذه الاستطلاعات تؤكد ان بالحد الادني،اليمين واليمين الصهيوني، الديني،واليمين الصهيوني المتطرف يتجاوز عدد مقاعدهم
في الكنيست (75مقعد)، لكن هذا لا يعني ان هذه القوى من الممكن ان تتفق سياسيا مع بعضها البعض ولكن الخطر في المنظور الاستراتيجي هو غياب القوى العلمانية واليسار في المجتمع الصهيوني وتصاعد اليمين، واليمين الديني، واليمين الصهيوني.
كل المؤشرات السابقة تؤكد ان دولة الاحتلال ذاهبة نحو التطرف الديني والقومي،سيما اذا اضفنا اعداد المهاجرين الذين عادوا الي اسرائيل من الفقراء المحسوبين على اليمين،والصهيونية الدينية القومية والصهيونيةالمتطرفة،
على حد سواء، والذين حلوا مكان العلمانيين الذين غادروا دولة اسرائيل، بالإضافة الي عوامل كثيرة أبرزها تداعيات احداث السابع من اكتوبر.
اضافة الي تصاعد تراجع المجتمع العلماني واليساري في الدولة بسبب التفكك الاجتماعي من جانب والميول والعزوف عن الزواج وبناء الأسرة والميول نحو المثلية الجنسبة. في مواجهة مجتمع حريدي وحردال متماسك اجتماعياً ويميل نحو الأسرة والإنجاب.كل هذه العوامل ستساهم في العشرين عام القادمة لتنامي النزعة الدينية والقومية
في المجتمع الاسرائيلي وتحولها الي دولة ثيوقواطية.