نحن المدرسة ، و بلا محايثة ، بقلم : نسيم قبها
تَقرعُ المدرسة أبوابنا ، وهكذا دورها الطبيعي والطليعي المفروض في فلسطين ، باب النسيان والتلاشي الأبتثي المفعول سياسيا، وتجزئة الأمكنة الساخنة المستهدفة من مواسير البنادق ، والتركيز على حيز بعينه، الوطن هنا يتأثث في وعي الحقيبة وحاملها والمحمولة إليه بكامل دائرة التعلم المصابة ، وإلا فلا وعي هنا يقصف ذخائر الجهل المتربّص على أعتاب الفراغ الذي تشكله غربان الإقتحامات الصهيونية بعد كل مسّ في مجالات المدرسة الفلسطينية التي تعاني ولا تحيد عن تبئير السيسيولوجيا الفلسطينية كرسالة مبدئية.
قد يكون الوعي المجزأ لدور المدرسة سببا في تغريبنا عن معنى الوطن، ( نشم فلسطين من نوافذ المدرسة ) ، لأن معنى ربط الوطن بالمدرسة كمفهوم يقعع باللاوعي داخل الوعي المنتشي ، للتحول الكائنات البشرية في اتجاه المعمل التعلمي البنائي رغم واقع الدمار ، ومن خلال هذا الحيّز ( المدرسة النانجة والمنتجة) الذي تشمله السرعة في ردة الفعل المقاومة والفردانية، الجماعية للنهوض ، ف ( نحن ) التي تشعرُ الوطن بأنه أنتج البذرة الآدمية من سبّورة الفصل ، وطبشورته الباقية ، تدركنا في ما هو مادي للبقاء المتوعّي على البقاء كهرم لا يتزحزح .
إن المدرسة هي الوطن الذي ليس بمعمل للمتاجرة الناجزة في زمن الشركات ورأس المال ، إنها الوعي الأكبر بـ (التراب) ، وما يعني أن تكون مجبولا من صلصاله ، وهكذا تجمعنا المدرسة بملائكية المكان ، الأرض ، فلسطين ، لأنها هي محل إنتاج الوعي به، وهي تشكل همزة الوصل التي لا تنقطع بين الذات البشرية والمكانية ، وما يعني ذلك من التصاق لا يفكّكه صنبور الموت .
إنها إشارة قوية في المعنى حين نقول ( مدرسة) ، ولا يصلح الإهمال في كينونتها ودورها ونتاجها ، لأن إحالة المدرسة إلى التجريد اللغوي في معناها يعني انتفاء أهميتها التي لا تنتفى ، فإهمال الوعي بالتراب، بالأرض التي يقترب منها جبين الإنسان لتستقبل عرقه المالح، يعني إهمال البعد الأنثروبولوجي في أنسنة العلاقة بين المجتمع ومدرسته العاكفة على الديمومة ، حتى تلد المخرجات لهذه العلائقية جوهر التساكن بين ما يُرى من الأشياء ( الوعي) ، وما لا يرى ( اللاوعي) من عوالم دقيقة في الاعتقاد بدور المدرسة في التحرير والمجابهة من خلال كفّها الذي يلاطم المخرز ولو أدماه .
لكل ما تقدم ، فلن تنجح محاولات تلاشي الوعي بالقضية ما دامت المدرسة قائمة بمعناها الفعلي الوجداني الذي يحوز الأهمية فينا كعاقلين نقدّر الخسارة بفقدها؟.
لقد حاولت صدمة الاحتلال أن تضبعنا بأننا فقدنا وطنا، لكن المدرسة هي من أعادتنا إلى حقيقة الوطن الكامنة في أجزائه كافة كأجزاء اجسادنا التي لا تتخلى ، حتى أدركنا حقيقة أن الذين احتلوا فلسطين جعلونا نكتشف الوطن وقت خفنا فقده ، وكان هذا دور المدرسة في زرع هذا الخوف بصيغة الحرص ، وما زال دورها .