1:49 صباحًا / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

رياح التغيير و ..(شارلوك هولمز) بقلم : رغد عبد الزهرة

رياح التغيير و ..(شارلوك هولمز) بقلم : رغد عبد الزهرة

مخيف كيف أن أغلب العائلات, لاتدرك مدى تأثير التلفاز في شخصية أطفالهم . لا أحد يفكر في نتائج ما يزرع في أدمغتهم الصغيرة. ما هو حجم الكارثة التي نتتجها بعشوائيتنا مع اطفالنا. نضحك ونقول”مجرد أطفال” متناسين أنهم جيل المستقبل.. و أننا نحن كذلك كنا مثلهم يوما ما. ولازالت ذكريات طفولتنا, شئنا أم أبينا تكون القاعدة للكثير من تصرفاتنا وردود افعالنا اللاشعورية. أرى أبن أختي الذي لا يتجاوز عمره الاربع سنوات. يعتبر أحد أبطال المصارعة الامريكية مثلهُ الأعلى. فهو يصرُ على شراء كل شيء عليه علامة (جون كيني) أو أي كان أسمه. أستمع إلى أختي الصغيرة . ذات التسع سنوات, وهي تناقش مع صديقتها أحداث احدى المسلسلات التركية ” البطلة حامل. ولكن الطفل ليس من حبيبها بل من صديقه”.!

فرق شاسع بينها وبيني أنا في ذلك السن بالتحديد. حيث بدأت أول أعراض الكتابة عندي. وقتها كان مسلسل (شارلوك هولمز) الكارتوني, مسلسلي المفضل. لم أكن أفوت اي حلقة منه.وبينما حلمت صديقتي بلقاء صاحب الظل الطويل..حلمت انا كل يوم بلقاء شارلوك هولمز –الذي صوره الرسام بجسد كلب وقتها!- حتى بعد أنقطاع المسلسل بقي يؤثر فيّ. وانا مؤمنة تماما بوجود (شارلوك هولمز) وصديقه (واطسون) يساعدان الناس في مكان ما.

حلقة معينة من المسلسل بقيت موشومة بذاكرتي إلى اليوم. كانت الحلقة عن طفلة تم أختطافها وحبسها في مكان مجهول. ترسل رسالة يحملها بالون ملون. بكلمة واحدة (انقذوني) فيفزع لنجدتها شارلوك هولمز. وهو يحلل ويفسر حتى يصل إلى مكانها.

كانت الشرارة التي اشعلت قلمي ليكتب, هو تسللي الدائم للأصغاء إلى أحاديث أبي و أمي. والتي تدور دائما حول السياسة. وتعسف السلطة, قتل كل من يجرؤ على المعارضة, غلاء الاسعار, الحصار, موت الاطفال, وعن أصدقاء أبي المثقفين الذين بداؤ بالاختفاء الواحد تلو الآخر ..

لم أكن لأسكت طبعا. لذا رسمت خطة محكمة للتغيير السلمي. واسقاط النظام بانقلاب سري لن يعرف بأمره أحد. فقط أنا وشارلوك هولمز وصديقه. وبدأت أحلم بالمستقبل الجميل الذي ينتظر البلاد على يديّ.

فكرت أني لابد أن أكون أذكى من تلك الطفلة. فكتبت رسالة طويلة بعدة صفحات.. شرحت فيها كل شيء وبخيالي الواسع أضفت الكثير من التفاصيل لأغطي على فقر معلوماتي. وتجنبا لتضييع وقت المحقق فقد كتبت له عنوان بيتنا بالضبط واسمي واسم عائلتي وحتى مهنة والدي. وكانت الخطوة الاخيرة شراء البالون لايصال الرسالة.

لكني بعد عودتي إلى المنزل فرحة بشرائي البالون. وجدت أبي وامي عند الباب بانتظاري ومزيج من الغضب والرعب يسيطر عليهما… وهكذا دفنت ثورتي الصغيرة قبل تحقيقها اهدافها!.

شاهد أيضاً

غسان جابر

قرار المحكمة الجنائية الدولية: انتصار للعدالة أم خطوة رمزية؟ بقلم : م. غسان جابر

قرار المحكمة الجنائية الدولية: انتصار للعدالة أم خطوة رمزية؟ بقلم : م. غسان جابر بعد …