4:02 مساءً / 22 سبتمبر، 2024
آخر الاخبار

حال الناس (4) بقلم : د. غسان عبد الله

حال الناس (4) بقلم : د. غسان عبد الله

حال الناس (4) بقلم : د. غسان عبد الله


متلازمة القلق


الانسان ابن بيئته ، يتأثر ويؤثر بما يدور من حوله، سلباأو ايجابا . كيف سيكون الحال في ظل أجواء العنف والارهاب المتواصل منذ عقود خلت ، وفي ظل تفاقم البطالة ، والتفكك الأسري وانعدام الحيلة !!


من الانعكاسات الفورية لهذه الأوضاع ، التي تقود الى ما تقود اليه من ويلات ، متلازمة القلق ،وبدء الميول نحو ممارسات بعيدة كل البعد عن عادات مجتمعنا الأصيل : عنف محلي وأسري يتزايد،اللجوء الى تعاطي المخدرات ، وبدء اتجاه التفكير بالالحاد والانتحار لدى الفئات الهشة ، وبالتالي المزيد من الاضطرابات السلوكية الناجمة عن حالة عدم الاستقرار النفسي جراء عدم صلابة جهاز المناعة السيكولوجية نتيجة للتعرض المتواصل للصدمات النفسية والتي بعضها يكتسب سمة intentional intergenerational traumatic events أي أحداث صادمة متعمدّة تنتقل جيلا بعد جيل ، ناهيك الى غياب الاسعافات النفسية الأولية first aid mental health، نظرا لنقص المهارات وعدم الوعي بأهمية الصحة النفسية ، بدليل اهتمامنا بالجوانب الفسيولوجية واهمال المعاناة النفسية ظنا منا بأنها مس من الشيطان وحالة مؤقتة ستزول مع الزمن !!!، كل هذا من شأنه أن يؤثرا سلبا على حالة السلم الأهلي وما نصبوا اليه من تنمية مستدامة وبالتالي انجاز الهدف الوطني المنشود : نيل الحرية والسيادة التامة والمستقلة.


احدى الملامح المشهودة في مجتمعنا اليوم ،وبشكل كبير، هي هيمنة حالات القلق المتزايد لدى أبناء مجتمعنا ، بمختلف فئاته العمرية ونوعه الاجتماعي وخلفياته الطبقية والاجتماعية والتعليمية والثقافية. ببساطة يمكن تعريف حالة متلازمة القلق هذه : دوام تصدير مشاعر سلبيّة حيال أمر /أمور الحياة اليومية ، وذلك جراء ظروف موضوعية ، أو ذاتية،الخوف من الظروف التي يعيشها وتلك المجهولة ، كما أشرنا أعلاه، ناهيك عن حالة الخمول لدى الشخص القلق في البحث عن مخارج للخروج من حالة القلق هذه ،فهو يكتفي بحالة الشعور بالقلق ،تماما مثل الشخص الذي يجلس على كرسي هزاز، هو يشعر بالحركة لكنه لا يتقدم الى الى الأمام قيّد أنملة .


من خلال الحديث مع عينة عشوائية ممن يعانون من متلازمة القلق هذه :


⦁ دوام الحزن ليس بسبب قلة ما عنده ، بل لمقارنة بؤس وضعه مع كثرة ما عند غيره ، مما قد يقوده الى أحد أشكال الوسواس القهري OCD.


احدى المقترحات العتيدة ، للخروج من حالة متلازمة القلق الدائم هذه ،والناجمة عن الخوف من الاّتي والفشل وسوء الظن، اضافة الى العمل بموجب اياكم وسوء الظن .

  • عدم رفع سقف التوقعات سواء من الذات أو من الاّخرين وتبني نهج ” ما حك جلدك مثل ظفرك”، وركّز تفكيرك على كيف لنا أن نعيش يومنا هذا واثقين برب العالمين وقدره .
  • اشغال الذات في أمور ايجابية تمكنك من جني ثمار جهودك مهما صغرت ،أي التدرج والانتقال من السهل الى أقل سهولة، مع عدم الافراط في التفكير الزائد الذي يقود المرء الى القاء ذاته في التهلكة.
  • ممارسة الرياضة الجسمانية والروحية ، مع دوام تمارين الاسترخاء والتدليك بشكل مهني وعلى أيدي مختصي مهنيين في مجال العلاج الطبيعي وذلك لما للبناء الفسيولوجي من أهمية في دحر حالة متلازمة القلق الدائم هذه . للموسيقى والرسم تأثيرا ايجابيا كبيرا للخروج من حالة متلازمة القلق الدائم هذه ،وكذلك السير بين فترة وأخرى حافيا على رمال البحر ان أمكن ذلك ، أوحتى في البيت لتفريغ الشحنات الكهربائية الزائدة مما يعمل على تفريغ الشحنات الكهربائية الزائدة وبالتالي تخفيف الطاقة السلبية الكامنة لدى المرء.
  • هناك مؤشرات جليّة على شخصية الانسان الذي يعاني من متلازمة القلق مثل : النوم المتقطع وصعوبة في النهوض من السرير ، الام في الجهاز الهضمي،والألم العضلي بسبب الألم النفسي – فيبروميالجيا ، تدني الدافعية والحافزيّة للعمل لدرء مخاطر القلق الدائم لديه،الشعور بالضياع والارتباك وبالتالي الميل الى العزلة .
  • لونظرنا الى عينة ممن يتصفون بصلابة المناعة السيكولوجية من الأجيال السابقة ، لوجدنا أن غالبيتهم قد تربى على أيادي أمهات جعلّن من القيم والأخلاق المستمدة من العقيدة السمحاء ، زادا يتزود به الأبناء، رغم شظف العيش وقلة الحيلة ، ركزّن على مهارات تقدير الذات وتحمل المسؤولية المشتركة ، تقبلن الأخطاء من فلذات الأكباد ولقنّهم دروسا في التسامح والابتعاد عن دوام لوم وجلد الذات ، مع التركزعلى أهمية الصبر ” وبشّر الصابين” لنيل المبتغى في الحياة والاّخرة” ولا يلقاها الا الصابرين “


خلاصة القول ، الانسان القوي هو من يمتلك الايمان الثابت بالقضاء والقدر ودوام اللجوء الى الله تعالى بالصلاة وتلاوة القراّن والدعاء، على عكس الانسان الضعيف الذي يميل الى الاستغراق بالقلق وفي أحسن الحالات قبول الاستنجاد بطبيب نفسي والذي قد “ينصحه” بأخذ مضادات “مقاومة” للاكتئاب ومحاولة الهروب من الواقع المرير للحياة ، موظفا مهارات التناسي ، أو قد يرشده الى بعض الألعاب والفيديوهات وفي جميع الحالات ، قد توجد لديه حالة ادمان وفقدان الأمل ودوام اتهام المجتمع ومن حوله بسبب الحالة التي وصل اليها، بدلا من تحمل المسؤولية في مواجهة الواقع والتعلم من الماضي والتجارب الصادمة والايمان المطلق بحرص الخالق ، على عباده والرؤوف بخلقه ، بهذا نكون قد وظّفنا تكتيكات عملية تترك اّثارا ايجابية ، اولها ان لم يكن الخروج من حالة القلق الدائم هذه ، على الاقل الحد من حدتها وانعكاساتها السلبية .

شاهد أيضاً

الجارديان : نتنياهو من شخص منبوذ إلى هارب دولي

شفا – قبل عام واحد، جاء بنيامين نتنياهو إلى الأمم المتحدة حاملاً رؤية “شرق أوسط …