عملية التخطيط وأثرها على المنظومة الاستراتيجية، بقلم : د. سيف الجابري
تعد عملية التخطيط الاستراتيجي الأسلوب الأمثل والفعال في إحداث نقلة نوعية بأداء أي منظومة تشغيلية، ويشارك بها متخذو القرار وجميع الأطراف الرئيسية والمسؤولة عن تطوير أدائها، كما أنه طريق القيادات العليا والإشرافية والإدارية اليوم في معرفة أفضل أساليب العمل للوصول للأهداف والمصالح الوطنية للدولة، حيث يختلف مفهوم التخطيط الاستراتيجي بناء على نوع الهدف أو المجال، وقد حدث تطور في المفهوم على مدار السنوات، وكان هناك العديد من المحاولات من قبل المختصين في مجال التطوير والتحسين بطرح مفهوم واضح للتخطيط الاستراتيجي، إلا أنه كان هناك صعوبة لذلك بسبب أن الخطة الاستراتيجية تُبنى وفق رؤية وأهداف كل منظومة أو مؤسسة وبناء على ما يحدث من تطوير فيها كل فترة وما يحدث من تغيير في الأهداف.
وترتكز أهمية التخطيط في تحديد الأهداف الخاصة لكي يصبح من السهل الرجوع لها كل فترة للتأكد من تحقيقها بصورة منضبطة ومتماشية مع الرؤية، ومن خلالها يستطيع متخذو القرار اتخاذ القرارات المناسبة للأهداف، ومن السهل تغيير الخطط الاستراتيجية على حسب ما يحدث من متغيرات داخلية أو خارجية، ومن أبرز نجاحات التخطيط يدعم الكفاءة في الأداء حيث يوفر الوقت والمال والجهد، ويجنِّب دخول القائمين على الإدارة العليا في مشروعات غير مفيدة أو ليس لها علاقة بأهدافها الاختصاصية.
ومن الممارسة يعتبر التخطيط لا يأتي كإجراء روتيني وليد اللحظة ولكن يمر بمراحل علمية مقننة، مرحلة الإعداد بما تتضمنه من وضع العناصر كالرؤية والرسالة والأهداف، والتحليل الرباعي (تحليل سوات) لنقاط القوة والضعف ونقاط الفرص والتهديدات، ومرحلة التنفيذ والتي تتضمن خطة العمل والبدء في تنفيذها على أرض الواقع، ومرحلة التقييم وهي المرحلة التي يتم تكرارها بصورة دورية على فترات قصيرة للتأكد من أنه لم يحدث انحراف عن الأهداف، كذلك التأكد من أن الأهداف تعمل على تحقيق الرؤية، وكذلك تقييم العمل بصورة نهائية وما حدث من أخطاء لتجنبها في المستقبل.
وتعتبر حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة التخطيط الاستراتيجي من أهم الوسائل التي تعتمد عليها المؤسسات سواء في القطاع الحكومي أو في القطاع الخاص في تحديد الرؤية المستقبلية لها وتوجهاتها مع ضمان تسلسل تلك التوجهات والأهداف وتحويلها لخطط واقعية وملموسة على أرض الواقع من خلال المشروعات، وانطلاقاً من هذا اهتمت حكومة الإمارات بإعداد الكثير من الخطط الاستراتيجية من أجل تحقيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال ومواصلة لرؤية الشيخ زايد، رحمه الله، والسير على خطاه وخطى الآباء المؤسسين، وأطلقت حكومة الإمارات رؤية الإمارات، والتي جاءت بهدف أن تصبح الإمارات من أفضل دول العالم، وجاءت الأجندة الوطنية لتتضمن مؤشرات الأداء الأساسية والتي تعد دليلاً لدولة الإمارات في المسيرة التي تسير من خلالها لكي تصل إلى ما تطمح له ومن ضمن ما قامت به الحكومة الاتحادية والمحلية بالدولة من خطط استراتيجية ملموسة، ومكنت بعض الخطط التي وضعت بعناية وبفكر استراتيجي على سبيل المثال وليس الحصر، الاستراتيجية الوطنية لاستقطاب واستبقاء المواهب، سياسة تنمية الصادرات الإماراتية، الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، البرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، الاستراتيجية الوطنية للتغذية، استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، استراتيجية المهارات المتقدمة، الاستراتيجية الوطنية للفضاء، الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة، استراتيجية الإمارات للطاقة، استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، الخطة الوطنية للتغير المناخي، الاستراتيجية الوطنية للقراءة، الاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم وغيرها من الاستراتيجيات الملموسة على أرض الواقع والتي وضعتها الدولة سواء على المستوى الاتحادي أو المحلي والتي تتنوع ما بين خطط طويلة وقصيرة الأمد تتضمن كافة المجالات والقطاعات من تعليم وصحة وبيئة وغيرها.
- – الدكتور سيف محمد الجابري