5:06 مساءً / 16 سبتمبر، 2024
آخر الاخبار

حال الناس، بقلم : د. غسان عبدالله

غسان عبدالله

حال الناس، بقلم : د. غسان عبدالله

يتطلع الكاتب هنا ، ومن خلال هذه الزاوية، اذا ما كتب لها الخروج الى حيز النور ، ومن باب الشعور بالواجب نحو مجتمعه، للمساهمة في تقديم ما يمكن تقديمه من عون ومساعدة الى جميع البشرية جمعاء وبالأخص مجتمعنا الذي يعيش في ظل أجواء المقتلة والارهاب منذ عقود خلت والى يومنا هذا الحاضر .


لن تقتصر هذه المحاولة على التشخيص والوصف لحالة الناس ، بل ستتضمن ما يمكن نعته ب “روشيته طبية “، هدفها التخفيف من حدة اّثار الحالة المتناولة هنا، ان لم يكن اجتثاث انعكاساتها السلبية وتعديل سلوكيات الانسان ،قوام الحياة، والذي كرّمه الله الخالق ، مع ضرورة تبيان أن أكثر الفئات عرضة ( vulnerable strata) هم الأطفال والنساء لا سيما في المناطق النئية المهمّشة .


تتأثر جميع الفئات المجتمعية ، بغض النظر عن العمر ، الجنس أو الدين باّثار الصدمات النفسيّة ،الناجمة عن الحرب الدائرة ضد الانسانية . تتفاقم حدة هذه الاّثار عندما تكون الأحداث الصادمة هذه متعمدة ومخطط لها Intentional Traumatic events ، كفقدان أحد أفراد الأسرة loosing ، التهجيرdisplacement ، أو الحرمان deprivation .
تتخذ هذه التأثيرات اشكالا عدة لا يمكن حصرها سواء بالشكل/ المسمى أو درجة التأثير ، ويعود السبب في ذلك ،الى الحيثية التي جرت فيها تلك الاحداث الصادمة والتجربة السابقة لدى الشخص الذي يعاني من اّثار هذه الأحداث الصادمة ،سواء كانت عرضية incidental أو متعمدة intentional . مع ذلك يمكن ذكر بعض من أشكال هذه التأثيرات على سبيل المثال لا الحصر:-
⦁ دوام القلق والتوتر ،اضطراب في سلوكيات العادات في جوانب بيولوجية معينة ( الأكل ، النوم وقضاء الحاجة ………)
⦁ الميل الى العزلة أوالانطواء عن المحيط والبيئة التي يتواجد فيه الشخص ، ناهيك عن الميل نحو العدوانية aggression و التنمر(bullying )……الخ
لماذا نهتم بجانب الصحة النفسية هنا؟؟ ببساطة وباختصار شديد ،كون هناك:-
⦁ علاقة وطيدة بين الأمن النفسي والقدرة على تعزيز القيم والأخلاق الركيزة الأساس للسلم الأهلي في المجتمع البشري ، ولأن الصحة النفسيّة باتت حق من حقوق الانسان وركيزة أساسية لانجاز التنمية المستدامة والسلام العادل والدائم .
⦁ للأسف الشديد،تهتم المؤسسات الحكومية والأهلية( في معظم أرجاء المعمورة) بالجروحات والاصابات الجسدية ،أكثر من اهتمامها بالجروحات النفسية ، علما بأن “جراحات السنان لها التئام ، أما جراحات اللسان فلا التئام “!!
⦁ هناك غياب جليّ لحالات الوعي المطلوب بالصحة النفسية والخوف الدائم من الوصمة المجتمعية .
⦁ للأحداث الصادمة ، تأثيرات فسيولوجية ، فمثلا مشاعر السعادة تذهب الى القلب والبنكرياس ،مشاعر الغضب تذهب الى الكبد ،مشاعر القلق تذهب الى الطحال والمعدة ، مشاعر الحزن تذهب الى الرئة،مشاعر الخوف تذهب الى الكلى ومشاعر القلق والتفكير الزائد تذهب الى المخ .

روشيتة /وصفة طبية للتقليل / التخلص من انعكاسات الأحداث الصادمة( بشقيها):-
⦁ ضرورة تكثيف الجهود الفردية والجماعية ، الحكومية و الأهلية لتعزيز تقافة صحة نفسية فاعلة وسط أبناء المجتمع ، وبهذا تسهل محاولات تقديم الاسعافات النفسية الأولية لمن يعانون من اضطرابات سلوكية أو أمراض عقلية بسبب هذه الأحداث الصادمة.
⦁ الحرص اللامتناهي ،وبدون مبالغة مفرطة، للانتباه والعناية بالذات وتحديدا بالأطفال، عبر أساليب بسيطة غير معقدّة ،يواكبها احترام المشاعر والابتعاد عن الألفاظ القاسية وغير الملائمة وتجنب أسلوب التخويف والترهيب .
⦁ دوام اشغال الطفل / الشخص المستهدف بأنشطة وأعمال من شأنها تعزيز قيمة الشراكة المسؤولة وذلك على طريق تجنب الميل للعزلة أو الانطواء
⦁ تناول المأكولات والمشروبات الصحية المغذية للجسم ،مع ضرورة الابتعاد عن تناول المشروبات الكحولية أو الغازية
⦁ ممارسة كافة أشكال الرياضة الجسمانية والروحية ، والعمل على زيادة ودوام الانخراط في الزيارات العائلية وبين الأقران .
⦁ عدم الاطالة في مشاهدة نشرات الأخبار أو استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ، وذلك لما لوسائل الاعلام ، بكل مسمياتها من دور في تأجيج / تخفيف حدة انعكاسات وتأثيرات الفعل الصادم ، كونها قد تشكل دور اعادة لاستذكار الجدث الصادم ( reminder )
⦁ دوام اتاحة المجال للشخص / الطفل لممارسة حياته اليومية كالمعتاد قدر الامكان ودون تعريضه للخطر
⦁ هناك أهمية قصوى لأثر عمق الايمان الديني للتعافي من اّثار الصدمات النفسية ، كما بين لنا الأستاذ الدكتور حمزة ذيب ( عضو مجلس الافتاء الفلسطيني ، رئيس فرع فلسطين في الاتحاد الاّسيوي- الافريقي للجامعات وعميد سابق لكليتي الشريعة والدراسات القرأنية في جامعة القدس)، والأرشمنديت عبدالله يوليو ، ود.ماجد صقر من وزارة الأوقاف والمقدسات أثناء مداخلاتهم النوعيّة التي قدّموها في المؤتمر الدولي حول الصدمات النفسيّة : من المعاناة الى التعافي والذي عقد في قاعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني/ البيرة يومي 14 و15 / 8/ 2014 وبتنظيم واشراف مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE .

شاهد أيضاً

وزارة شؤون المرأة والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية يوقعان مذكرة تعاون حول تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة

وزارة شؤون المرأة والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية يوقعان مذكرة تعاون حول تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة

شفا – وقعت وزارة شؤون المرأة ممثلة بمعالي الوزيرة منى الخليلي، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية …