السياسة والشطرنج والقانون الحجارة “إذا لم تكن القوة موحدة، فهي ضعيفة”، بقلم : د. سناء طوطح
إن القانون في تعريفه هو مسألة جدال ونقاش طويلة جداً، وذلك بعيداً عن تعريفه وفقاً للطريقة التي قد يصدر عنها القانون، فقد تكون عن طريق السلطة التشريعية او عن طريق السلطة التنفيذية أو حتى التي يقررها القضاء من خلال السوابق، ولكن المسألة هنا في ظلال هذا المقال تختلف في تعريف القانون ونظراً لما ذكر أعلاه حوله، فالقانون نظرياً يختلف اختلاف مطلق حول تنفيذه وتطبيقه واقعاً وصراحة، كما أن القانون في مختلف فروعه أضحى كلام يباع ويشترى وفي أفضل الظروف يهمّش، فإن كان متعلقاً بالحكومة والمجتمع فهو قانون يطبق على الضعيف والفقير واستثناءا يطبق على النفوذ والسلطة والمال، وان كان متعلقاً بالعلاقات الخارجية دولياً فهو قانون أيضا يطبق على الضعيف والفقير واستثناءا يطبق على النفوذ والسلطة والمال كما حصل مؤخراً مع روسيا في حربها مع اوكرانيا فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية مع الدول الاخرى وخاصة الدول الاوروبية، وضعف القانون على الرغم من صلابة المصطلح لفظاً وقدراً إلا انه يتراخى أمام السياسة فتتقدم عليه، بل وأبعد من ذلك حينما تستخدمه كحجارة للعب لعبة الشطرنج، فيمارسها فئة قليلة عالمياً على طاولة الشطرنج ويستخدمون تلك الحجارة كما يرونه مناسباً لمصالحهم الاقتصادية أولاً والعسكرية والامنية والسياسية لاحقاً، اذ ما زال النظام الرأسمالي يطغى على كل ما يبنى أمامه من مبادئ أو انظمة جديدة، لان الانسان من يصنع النظام ، ونجاح الانظمة تختلف باختلاف من يديرها من اشخاص تتشكل ضمن مجموعات قد تكون متماسكة تصنع القوة والسيطرة وقد تكون مجموعات مستهلكة انسانيا وعقليا فتطيح بتلك الأنظمة، ويصعد حينها ذلك النظام القوي بوحدته الجماعية.
أنا أؤيد ما ذهب اليه جوزيف راز على أن القانون هو سلطة للتوسط بين مصالح البشر، وعلى الرغم من التعريفات الكثيرة له من قبل الفلاسفة والفقهاء إلا أن القانون هو فعليا سلطة يمارسها الساسة للوصول لاهدافهم أو التوسط بين مصالح البشر وهذا يطبق على العلاقات الداخلية والاهم أنه يطبق على العلاقات الخارجية ما بين الدول فالدول يمثلها البشر، واصبحت تلك السلطة لعب بيد هؤلاء لإدارة العالم كما يرونه يتماشى مع مصالحهم الشخصية الفردية ضاربين بعرض الحائط المصلحة العامة التي تعتبر مقدّسة قانونيا .
مهما تحدّث المحللون السياسيون حول القضايا المتعلقة بالانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية خصوصاً، فهي ليست اكثر من كونها لعبة يمارسها الكبار مستخدمين حجارة القانون للوصول الى مبتغاهم الاقتصادي والسياسي.
لم يعد للقانون معنى، ولم يعد للإنسانية مكان، فالفرد والجماعة يلهثون وراء مصالحهم وصولاً للنفوذ والسلطة والمال، وكما رسمت المعادلات فلا بد من وجود ضحايا فهذا هو قانون الكون القاسي، لن نقوى على تغييره الا اذا تغيّر البشر صانعين النظام والقانون والسياسة، سيحدث التغيير حينما يلعب الكبار لعبة ليست لعبة الشطرنج وحينها سيعم السلام ونعيش بأمان.