2:43 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

خطاب الرئيس أبو مازن.. مضامين وأبعاد، بقلم : فوزي علي السمهوري

خطاب الرئيس أبو مازن.. مضامين وأبعاد، بقلم : فوزي علي السمهوري

خطاب الرئيس أبو مازن.. مضامين وأبعاد، بقلم : فوزي علي السمهوري


اكتسبت كلمة الرئيس محمود عباس أمام البرلمان التركي أهمية كبرى وغير عادية من حيث: المكان،

والتوقيت، والمضمون.

فمن حيث المكان، حظي خطاب الرئيس أبو مازن أمام البرلمان التركي باهتمام كبير من ممثلي الشعب التركي ومن الرئيس التركي لأهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في السياسة التركية.

كما أن للمكان أهمية للإعلان عن الاستراتيجية الفلسطينية للتصدي للمشروع الإسروأمريكي، لما تحتله تركيا من مكانة سياسية ودينية وجيوإستراتيجية مكنتها من لعب دور رئيس على الساحة العالمية، ويمكنها بالتالي على صعيد القضية الفلسطينية من التأثير بشكل كبير على مسار الجهود الدبلوماسية والسياسية، نحو إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دولياً.

ومن حيث التوقيت، جاء خطاب الرئيس محمود عباس في ظل توقيت سمته التعنت الإسرائيلي برفضها تنفيذ أي من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية ما أدى نتيجة للدعم والانحياز الأمريكي للكيان الإرهابي الإسرائيلي المصطنع لاستعصاء أي أمل يلوح في الافق لوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبوتيرة أقل وحشية حتى الآن في الضفة الغربية، بل وفي سياسة إسرائيلية أمريكية عدوانية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ليس عبر حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية وتقرير المصير، بل لتهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي في محاولة لإعادة سيناريو 1948 و 1967، تنفيذاً لمخطط المحور الأمريكي بتمكين إسرائيل من إقامة دولتها اليهودية النقية “أي طرد كل من لا يعتنق اليهودية مسلماً أو مسيحياً خارج فلسطين التاريخية في انتهاك صارخ لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة.

ومن حيث المضمون، يعتبر خطاب الرئيس أبو مازن بما تضمنه من مبادئ ورسائل محطة انتقال بالنضال الفلسطيني إلى مرحلة جديدة يصعب معها إن لم يكن استحالة لأي قيادة فلسطينية مستقبلاً الخروج عنها بعد استعصاء وفقدان الأمل بإمكانية لجوء مجلس الأمن بدوله دائمة العضوية إلى إخضاع قادة الاحتلال الإسرائيلي لاحترام إلتزاماته وفق ميثاق الأمم المتحدة، بوجوب تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة ذات الصلة بإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية إعمالاً وتطبيقاً لعشرات ومئات القرارات الصادرة وفي مقدمتها قرار رقم 2334 .

جاء خطاب القائد الفلسطيني مخاطباً العالم من على منبر البرلمان التركي مؤكداً بمضامينه على:

أولا، إن الوحدة الوطنية لجميع القوى الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أقصر الطرق لتحقيق النصر، وفي ذلك رسالة هامة للفصائل خارج منظمة التحرير بتجميد أي خلاف مهما كان من أجل إنجاز أهداف المشروع الوطني الفلسطيني في الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

ثانيا، إن أراضي الدولة الفلسطينية هي الضفة الغربية وقطاع غزة وقلبها القدس، أي الأراضي المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 وهذا يمثل الحد الأدنى تنفيذاً وإحتراماً لقرار الجمعية العامة رقم 19 / 67/ 2012 والذي تم الاعتراف بموجبه بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة، دون أن يعني ذلك إلغاء أو التنازل عن مضمون قرار الجمعية العامة رقم 181 و 194.

ثالثا، التأكيد على أن الدعم والانحياز الأمريكي لإسرائيل، ودعمها بكل وسائل القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية واستخدام الفيتو لعشرات المرات حماية للاحتلال الإسرائيلي، وتمكيناً لافلاته من المساءلة والعقاب. وجاء وصف الرئيس لأمريكا بأنها الطاعون والطاعون هو أمريكا أي أننا نواجه أمريكا وأداتها إسرائيل توجيها لبوصلة الصراع بالمرحلة القادمة بضرورة اضطلاع الدول العربية والإسلامية والصديقة بواجباتها ومسؤولياتها كدول أعضاء في الأمم المتحدة للضغط على أمريكا بكافة الوسائل المتاحة وهي كثيرة الكف عن الإنقلاب على مبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة بإنحيازها الأعمى للكيان الإسرائيلي المارق، وإنكارها عملياً لحق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ووقوفها حائلاً أمام تنفيذ أي من القرارات الدولية حتى بإستخدامها الفيتو الذي حال في الأشهر الأخيرة دون إصدار قرار ملزم بوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبوتيرة أقل عنفا في الضفة الغربية وبالقدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين .

رابعا، ليس فينا وليس بيننا وليس منا من يتخلى أو يتنازل عن أي ذرة أو جزء من أراض الدولة الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس والمعترف بها دولياً بمكوناتها الضفة الغربية من نهر الأردن وقطاع غزة، وفي ذلك تأكيد على أن الشعب الفلسطيني بمكوناته داخل الأرض المحتلة وخارجها لن يتخلى عن أي ذرة من أرض فلسطين وبحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة تنفيذاً لقرار الجمعية العامة رقم 194.

خامسا، بالتأكيد على أن فلسطين خط الدفاع الأول عن الدول العربية بمواجهة المخطط الإسرائيلي التوسعي بالسيطرة على الدول العربية، يشكل بذلك دعوة للدول العربية للتصدي للمشروع الإسرائيلي التوسعي الذي عبرت عنه الخارطة التي عرضها سموتيرش بباريس والمعتمدة لدى حزب الليكود، بضرورة وأهمية دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال بكافة الوسائل المكفولة دولياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، عبر تجميد كافة أشكال العلاقات مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي ومع الولايات المتحدة الأمريكية ولو بسحب السفراء وتجميد العقود الاقتصادية والعسكرية المبرمة معها، لأن نجاح المخطط الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي التوسعي بفلسطين يعني الانتقال إلى المرحلة الثانية من المخطط الصهيوني بأداته إسرائيل بتهديد وتقويض الأمن والاستقرار، ووحدة الأرض في عدد من الدول العربية الكبيرة والمؤثرة على الساحة العربية، تنفيذا للرؤية الأمريكية لشرق أوسط جديد، وهذا ما عبر عنه بصلافة وعنجهية مجرم الحرب نتنياهو بالأيام الأولى من بدء عدوانه الهمجي الوحشي على قطاع غزة، فبالتالي الدفاع عن فلسطين وإجهاض المخطط الإسروأمريكي بات واجباً على جميع الدول العربية وخاصة المحيطة بفلسطين المحتلة، لأن ذلك يجهض الخطة العدوانية التوسعية التي لن يسلم منها قطر عربي إذا ما بقيت الخلافات البينية والاعتقاد أن الخطر بعيد ولن يطالهم، وما الهدف الإسرائيلي الرئيس بتهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي إلا المقدمة.

سادسا، دعوة المجتمع الدولي للخروج عن صمته أمام وحشية وهول المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي في سياق حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبتسليح وإطلاق يد عصابات المستوطنين الإرهابية وتمكينهم اقتحام المنازل وحرق المركبات والمنازل وإطلاق النيران على المدنيين الفلسطينيين ومصادرة الأراضي وتدمير المنازل والبدء بإتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة بحق إسرائيل وداعيمها بات ضرورة إعلاء لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة والشرعة الدولية.

بناء على ما تقدم يمكن لنا معرفة أهمية قرار الرئيس أبو مازن الذي أعلن عنه من منبر البرلمان التركي لأكبر دولة إسلامية فاعلة ومؤثرة على الساحة العالمية بالذهاب وجميع القيادة الفلسطينية إلى غزة ودعوته قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة وإخبار العالم وأمين عام الأمم المتحدة لمشاركته تنفيذ قراره الذي يعني ويعكس الإرادة الدولية بدعم عملي لوقف حرب الإبادة ورفض إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة جزئياً أو كلياً، والسيطرة على ثرواته خروجاً واقعياً عن الاكتفاء بإصدار البيانات بالمناشدة والاستنكار التي لم تلق آذاناً صاغية أو إهتماماً لدى قادة الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي.

وأما قرار الرئيس محمود عباس بزيارة القدس كخطوة لاحقة بعد إتمام زيارة غزة فإنما تأتي تأكيداً على أن القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة وترجمة لدعوته بالنضال الشعبي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي المؤمن بحق فلسطين بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

القوى الفلسطينية بكل مكوناتها مطالبة بتصعيد نضالها بمشاركة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة في مواجهة الاستيطان والمستوطنين واجهة وأداة تنفيذية للمخطط الإسرائيلي الاستراتيجي بتأبيد احتلاله لأراضي فلسطين التاريخية.

كما أن الجاليات الفلسطينية والأقاليم السياسية الخارجية مطالبة بالتنسيق مع القوى والأحزاب السياسية في دولها تنظيم كافة أشكال الفعاليات الداعمة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.

أما قادة الدول العربية والإسلامية والأفريقية والصديقة من أوربية وغيرها فهم مطالبون بالاستجابة لدعوة رئيس دولة فلسطين المحتلة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في المشاركة والترتيب لزيارة غزة في تظاهرة دولية تؤكد على وجوب إنهاء فوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دولياً والذي طال أمده وأدى إلى حرمان الشعب الفلسطيني من الحرية وحقه في العيش الآمن في وطنه، وتحت راية دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

حظي خطاب الرئيس أبو مازن أمام البرلمان التركي باهتمام كبير من ممثلي الشعب التركي ومن الرئيس التركي لأهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في السياسة التركية.

شاهد أيضاً

الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل

شفا – أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحرم الإبراهيمي الشريف، وسط مدينة الخليل، وفرضت طوقاً أمنياً …