البدايات الاستعمارية وتأسيس المستعمرات في أمريكا، بقلم : سمى حسن عبد القادر
تعد البدايات الاستعمارية وتأسيس المستعمرات في أمريكا من أهم الأحداث التاريخية التي شكلت مسار القارة الأمريكية وطبيعتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية حتى يومنا هذا بدأ الاستعمار الأوروبي لأمريكا في أواخر القرن الخامس عشر واستمر لعدة قرون حيث سعت القوى الأوروبية الكبرى مثل إسبانيا، والبرتغال، وفرنسا، وهولندا، وبريطانيا إلى توسيع نفوذها وإنشاء مستعمرات جديدة.
البدايات
بدأت موجة الاستعمار الأوروبي مع رحلات الاستكشاف التي قادها البحار الإيطالي كريستوفر كولومبوس تحت رعاية إسبانيا في عام 1492 اكتشف كولومبوس جزر البحر الكاريبي وهذا الاكتشاف فتح الباب أمام موجة من الاستكشافات الأوروبية الأخرى سرعان ما بدأت القوى الأوروبية في تأسيس مستعمرات على سواحل الأمريكتين وخصوصاً في المناطق الاستوائية والغنية بالموارد.
تأسيس المستعمرات
مع بداية القرن السادس عشر بدأت القوى الأوروبية بتأسيس مستعمرات دائمة في أمريكا كانت إسبانيا أولى هذه القوى حيث استولت على مناطق واسعة من أمريكا الجنوبية والوسطى وأسست العديد من المستعمرات مثل المكسيك وبيرو قامت إسبانيا باستغلال هذه المستعمرات اقتصادياً من خلال استخراج الثروات الطبيعية مثل الذهب والفضة واستخدام السكان الأصليين كعمالة رخيصة أما البرتغال فقد ركزت جهودها الاستعمارية على البرازيل حيث قامت بتأسيس مستعمرات هناك واستغلت الموارد الطبيعية خصوصًا الأخشاب والسكّر.
في شمال أمريكا كانت بريطانيا وفرنسا هما القوتين الرئيسيتين في تأسيس المستعمرات قامت بريطانيا بتأسيس مستعمرات على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية مثل فرجينيا وماساتشوستس والتي أصبحت فيما بعد أساساً لتكوين الولايات المتحدة تميزت المستعمرات البريطانية بنظام اقتصادي زراعي يعتمد على زراعة التبغ والقطن مع استيراد العبيد من أفريقيا للعمل في هذه المزارع.
من جهة أخرى ركزت فرنسا على تأسيس مستعمرات في كندا ومنطقة البحيرات الكبرى ونهر الميسيسيبي كان الاقتصاد الفرنسي في المستعمرات يعتمد بشكل أساسي على تجارة الفراء مع السكان الأصليين وكان الفرنسيون أكثر تعاونًا مع السكان المحليين مقارنة بالبريطانيين والإسبان.
تأثير الاستعمار
ترك الاستعمار الأوروبي آثارًا عميقة على القارة الأمريكية أدت موجات الاستعمار إلى دمار واسع للسكان الأصليين نتيجة للأمراض التي جلبها الأوروبيون وكذلك بسبب الصراعات والحروب كما شهدت القارة تغييرات ديموغرافية وثقافية كبيرة حيث تم استيراد ملايين العبيد الأفارقة للعمل في المستعمرات مما أدى إلى إنشاء مجتمعات متعددة الثقافات والعرقيات.
كانت البدايات الاستعمارية وتأسيس المستعمرات في أمريكا مرحلة حاسمة في تاريخ العالم حيث غيرت بشكل جذري الحياة في القارة الأمريكية وأثرت على تشكيل العالم الحديث على الرغم من التقدم الاقتصادي الذي جلبه الاستعمار إلا أنه ترك أيضًا إرثًا من الاستغلال والظلم ما زالت آثاره ملموسة حتى اليوم.
*- سمى حسن عبد القادر – باحثة في شؤون الفلسطينية في الدنمارك