11:48 صباحًا / 16 سبتمبر، 2024
آخر الاخبار

تداعيات توسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط بين مواقف ومصالح الأطراف الفاعلة، بقلم : مروان أميل طوباسي

تداعيات توسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط بين مواقف ومصالح الأطراف الفاعلة، بقلم : مروان أميل طوباسي

تداعيات توسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط بين مواقف ومصالح الأطراف الفاعلة، بقلم : مروان أميل طوباسي


في الوقت الذي يستمر فيه تعرض شعبنا الى جرائم لم تعرفها البشرية من قبل ، وفي أجواء تسودها فقدان ضوابط الفضاء الاعلامي ، إن كان في وسائل اعلام التي تسودها الثرثرة على مدار ساعات اليوم وعلى شبكات التواصل حول الرد الايراني والتنبؤ بمواعيده ، على اثر اعتداء دولة الأحتلال واغتيال الشهيد اسماعيل هنية على ارضها ، حيث القرارات الاستراتيجية للدول والحروب باتت جزءا من ملهاة وتكهنات فلكية ، وكان قرارات الدول تؤخذ دون حسابات دقيقة تمهد لها تحقيق انتصارات على الأرض او انجازات سياسية ، وهنا قد تكون سياسة الانتظار ومعارك الاستنزاف جزأ من الحرب.

— مواقف ومصالح الأطراف .


ان استراتيجيات اللاعبين على مستوى العالم والمنطقة لا تحكم قراراتهم تلك الرؤية المشوشة او المبسطة لقرارت الحرب والسلم تحديدا ، فكل يسعى الى تحقيق مكتسبات سياسية تحقق له مكانته في اطار لعبة الأمم التي تحدد توازنات المصالح والقوة والردع في اطار النظام الدولي ، وإلى تثبيت او تغير المعادلات الجيوسياسية في مناطق العالم ومن ضمنها منطقتنا .

ان منطقتنا تشهد توترات متزايدة، خاصة بين إيران ودولة الأحتلال الاسرائيلي ، مما يثير تساؤلات حول تداعيات توسع رقعة الحرب على الجغرافيا السياسية ومصالح الأطراف المختلفة في المنطقة. لكل طرف في هذا النزاع مصلحة استراتيجية محددة يمكن تلخيصها كما يلي :


— إيران تسعى إلى تعزيز نفوذها الإقليمي والحفاظ على تحالفاتها مع الدول والجماعات المسلحة مثل حزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في سوريا والعراق واليمن. فمن خلال تطوير قدراتها العسكرية، تسعى إيران إلى خلق توازن ردع ضد التهديدات الخارجية، خصوصا من دولة الأحتلال والولايات المتحدة. كما تسعى إلى استغلال الفوضى الناجمة عن أي تصعيد لتعزيز موقفها التفاوضي في المحافل الدولية حول الملف النووي وقضايا اخرى .

— إسرائيل بدورها تهدف إلى تعزيز “أمنها” ، اي استدامة احتلالها وعملياتها العسكرية في غزة والضفة التي تتصاعد يوميا وتقويض حتى دور السلطة الوطنية . وذلك من خلال مواجهة التهديد الإيراني وتقويض دعم إيران لفصائل المقاومة المسلحة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي . كما تسعى إسرائيل إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج التي تشاركها القلق من ما يسمى “التهديد الإيراني” . توسيع الصراع قد يوفر لإسرائيل دعما دوليا أكبر ، خصوصا من الولايات المتحدة التي تسعى لاقامة تحالف دولي لحماية اسرائيل ، ويعزز موقفها التفاوضي في أي محادثات سلام مستقبلية والتي لا اراها قريبة مع وجود الطغمة الفاشية الدينية بإسرائيل التي تسعى لتنفيذ الحلم الصهيوني ومملكة يهودا ومحاولة تفريغ الأرض من سكانها الأصليين مرة اخرى .

— أما الولايات المتحدة فلديها مصالح استراتيجية كبيرة في المنطقة ، وهي تعمل على الحفاظ على هيمنتها وسيطرتها على منطقتنا من خلال :

  • حماية حلفائها ، تلتزم الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وترفض حق تقرير المصير لشعبنا وتعمل على تفويض المشروع التحرري الفلسطيني و مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة ، حيث تصاعد الصراع قد يدفع الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وهو الأمر الحاصل بعد أرسال القوات والمدمرات الجديدة .
  • حماية تدفق النفط والغاز ، الاستقرار في المنطقة مهم لضمان تدفق النفط بأسعار معقولة كما السيطرة على حقول الغاز ، وأي تصعيد قد يؤثر سلبا على الأسواق العالمية ووضع الشركات الكبرى الاحتكارية التابعة لها .
  • مواجهة النفوذ الروسي والصيني: في ظل التنافس العالمي، تسعى الولايات المتحدة إلى الحد من نفوذ روسيا والصين في الشرق الأوسط من خلال دعم حلفائها وممارسة الضغوط على خصومها. كما وتعزيز رؤيتها ومشاريعها المتعلقة بمواجهة المبادرة الصينية “الحزام والطريق ” ، والبحث عن بدائل لها مثل قناة بن غوريون والسيطرة على الخطوط البحرية والتجارية بين اسيا وأوروبا .

— روسيا من جهتها تلعب دورا معقدا، حيث تدعم كل من إيران وسوريا لتعزيز نفوذها في المنطقة ، وفي الوقت نفسه تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل لكن ضمن سياسة تأييد الحقوق الوطنية الفلسطينية السياسية ورفض الأحتلال . حيث تسعى إلى تحقيق توازن في المنطقة يمنع الهيمنة الأحادية لأي طرف وخاصة الولايات المتحدة التي تخوض الحرب بالوكالة ضدها في أوكرانيا ، ومن اجل ان يضمن دورها الاستقرار الإقليمي الذي يخدم مصالحها الاقتصادية والعسكرية. تلعب موسكو دور الوسيط في النزاعات الإقليمية الممكنة وتدعو إلى حلول سياسية للصراعات وتشاركها بذلك الصين وفق قواعد القانون الدولي والقرارات الأممية التي لا تلتزم بها الولايات المتحدة بل وتسعى لغرض تقويض مكانتها ومضمونها بشكل دائم .

توسع رقعة الحرب قد يكون له تداعيات كبيرة على القضية الفلسطينية. فمن جهة، قد يؤدي إلى تخفيف الضغط الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني مؤقتا إذا انشغلت إسرائيل بجبهات أخرى ، لكن من جهة أخرى، تصاعد الصراع قد يعزز المقاومة ويساهم في كسر وهم تفوق الردع الإسرائيلي ، ويزيد من تكلفة الأحتلال بكافة القطاعات البشرية والإقتصادية وتفاقم ازماتها ويدفع الى البحث الدولي الجاد عن حلول سياسية امام المخاطر التي تتهدد المنطقة برمتها وانعكاس ذلك على الوضع الدولي .

— على الصعيد الجيوسياسي .


فان توسع رقعة الحرب سيعيد تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية. دول الخليج قد تقترب أكثر من إسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني الذي عملوا على احلاله مكان التهديد الاسرائيلي التوسعي ، مما يعيد ترتيب التوازنات في المنطقة ويؤدي الى توسعة اتفاقيات ابراهام ، فالفوضى وعدم الاستقرار قد تؤدي إلى تدخلات دولية أكبر من قبل الولايات المتحدة أو روسيا، مما يعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية وفق مصالح هذه القوى الكبرى.


من غير المرجح أن يكون هناك مشروع سياسي شامل بعد نشوب الصراع. هذا يحتاج الى انضاج الظروف . فتعدد الفاعلين وتضارب مصالحهم يعقد الوصول إلى حل شامل لقضايا المنطقة . التدخلات الخارجية تزيد من تعقيد الصراعات وتؤدي إلى إطالة أمدها. الحلول المستدامة ستتطلب جهودا دبلوماسية مكثفة وتعاونا دوليا وإقليميا طويل الأمد سيمر في مخاضات مختلفة .


بالتالي، فإن مصالح كل طرف متداخلة ومعقدة، وتوسع رقعة الحرب في الشرق الأوسط سيؤدي إلى تداعيات واسعة النطاق قد تزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة . الا ان تحقيق الاستقرار والحلول الشاملة سيتطلب تفهما عميقا لهذه الديناميكيات وتعاونا دوليًا فعالاً وتغير في بنية المجتمع السياسي الإسرائيلي نحو اسقاط المشروع الإستعماري .

— في مواجهة السياسات الأمريكية والاسرائيلية.


من الضروري تثبيت صمود شعبنا الفلسطيني لكن مع توفير الإمكانيات اللازمة لذلك حتى لا يبقى كلاما ، وتعزيز المشاركة الجماهيرية وترسيخ الأسس الديمقراطية لنظامنا السياسي توسيع آفاق كل اشكال مقاومة الأحتلال ، من المقاومة الدبلوماسية والشعبية والاقتصاد المقاوم . كما يجب تقييم المرحلة السابقة والظروف الراهنة بعناية وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير ، وإعادة النظر في العلاقات الخارجية ومراجعة سياساتنا الدبلوماسية الرسمية والشعبية العامة على قاعدة وحدة الارض والقضية ، كما وضع وأداء سفاراتنا حول العالم وكادرها الدبلوماسي ، وفتح أبواب العلاقات مع قوى الشعوب في العالم واحزابها التقدمية المناصرة لحقوق شعبنا بمن فيهم من قوى يهودية معادية للفكر الصهيوني ، ليس فقط لفضح جرائم الإبادة ومنظومة الأحتلال العنصري ونظام الأبارتهايد الذي يمارس ضد شعبنا الفلسطيني يوميا ويتوجب العمل على كافة المستويات من اجل وقف العدوان المتدحرج وتقديم ما يلزم لشعبنا في غزة ، بل الى العمل من اجل دعوة الدول لمقاطعة دولة الأحتلال والدعوة الى تجميد عضويتها في المنظمات الدولية ومحاسبتها استنادا الى الرأي الأستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي يتوجب العمل الجاد من اجل متابعته ، كما ومع كافة المنظمات الحقوقية والإنسانية حول العالم حتى الإسرائيلية منها ، وضرورات التموضع السياسي مع حلقة الاصدقاء حول العالم ، وذلك بالتوازي مع استكمال الحصول على عضويتنا الكاملة كدولة تحت الأحتلال بالمنظمة الأممية وتجسيدها على الأرض .

شاهد أيضاً

تقرير : طوفان الأقصى أعاد التركيز على محنة الفلسطينيين وعزز موقفهم

تقرير : طوفان الأقصى أعاد التركيز على محنة الفلسطينيين وعزز موقفهم

شفا – قال موقع أمريكي إن هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته حركة “حماس” في السابع …