تصريحات أبو مرزوق .. تناقضات السياسات والتحالفات، بقلم : فادي أبو بكر
أشار موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خلال حديثه لـ “الجزيرة نت” في 28 حزيران/ يونيو 2024، إلى إمكانية تدخل روسيا في حال تصاعدت الحرب في غزة، مشدداً على العلاقات الإقليمية التي تجمعها بإيران وأطراف أخرى. وفي المقابل، وجّه انتقادات حادة للسلطة الفلسطينية، متّهماً إياها بالتقصير في استغلال الفرص السياسية المتاحة بعد حرب غزة، وبتعطيل جهود المصالحة الوطنية مع استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل.
تُبرز تصريحات أبو مرزوق تناقضات كبيرة في مسار المصالحة الفلسطينية. فمن جهة، يعكس تصريحه ضمنياً افتراضاً استنتاجياً مفاده أن حركة حماس ترى في السلطة الفلسطينية، المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، الجهة القادرة على الاستثمار في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحقيق مكاسب سياسية على الساحة الدولية.
وفي المقابل ترفض حماس مطالب حركة فتح بالاعتراف ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين، معتبرةً أن هذا الاعتراف يعني القبول بدولة إسرائيل. ما يطرح السؤال: من المسؤول عن تعثّر مسار المصالحة الوطنية؟.
تأتي تصريحات أبو مرزوق في نفس اليوم الذي وافق فيه المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) على خطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لتحويل خمس بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية إلى مستوطنات ثابتة، إضافة إلى الدفع بمخططات لبناء 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة، إلى جانب سلسلة من الإجراءات “العقابية” التي تستهدف السلطة الفلسطينية وقادتها، ما يُفنّد اتهامات أبو مرزوق للسلطة الفلسطينية بمواصلة التنسيق الأمني مع الاحتلال الاسرائيلي.
تزيد تصريحات أبو مرزوق من تعقيد المشهد الفلسطيني الداخلي، وتُعرّض آفاق المصالحة للخطر. وتأتي تصريحاته بشأن الدور الروسي بعد حوالي تسعة أشهر من اندلاع الحرب الاسرائيلية العدوانية على قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المستهدفة في الضفة الغربية والقدس، حيث لم تعلن موسكو دعمها الكامل لحماس، واقتصرت على دعوات لوقف الحرب والإبادة الجماعية دون اتّخاذ خطوات سياسية تعكس تأثيرها الكبير، ما يعكس التعقيدات الجيوسياسية المحيطة بالقضية الفلسطينية، ويظهر حماس كحركة ذات أدوار ومصالح متغيرة تبعاً للظروف المحلية والإقليمية.
تُضفي تصريحات أبو مرزوق مزيداً من التعقيد على المشهد الفلسطيني، وتكشف عن تناقضات في السياسات والتحالفات، مما يهدد مستقبل المصالحة. وفي ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية، وما يكتنفها من تعقيدات سياسية وتحديات إقليمية تعصف بالمنطقة، تظل المصالحة الوطنية الفلسطينية هدفاً حيوياً وضرورياً لتحقيق الوحدة الوطنية والمقاومة المشتركة ضد التحديات المشتركة للكل الفلسطيني، بما يضمن خدمة مصلحة الشعب الفلسطيني وحماية قضيته من محاولات التصفية السياسية، وتحصيل حقوقه غير القابلة للتصرف.
- – فادي أبو بكر – كاتب وباحث فلسطيني