شفا – تقرير من الناشط جبري ياسر جبري خصيب .”أطلق مجموعة مغتربين حملة لإنقاذ مزارات ومقامات أثرية وتاريخية مهددة بالزوال في منطقة بني زيد الشرقية (قرية عارورة ومحيطها)، حيث لاقت الحملة تشجيعا واهتماما كبيرا من قبل أبناء القرية المقيمين فيها ومن الجاليات الفلسطينية في كل من ألمانيا وقطر والكويت لدعمها ماديا ومعنويا، وقد بدأت الحملة بالتنسيق مع مؤسسة رواق لتسجيل المباني التاريخية في فلسطين للكشف عن المقامات والمزارات التي سيتم ترميمها، لتقدير الاحتياجيات الفنية والمادية المترتبة على إعادة ترميمها كمبان تاريخية وتراثية للأجيال الفلسطينية المتعاقبة، حيث تهدف الحملة الى ترميم جميع المقامات الاثرية وحمايتها من التدنيس والإهمال في المنطقة والتي ستبدأ بترميم خمسة مقامات في القرية وهي (مقام العاروري، مقام الشيخ رضوان، مقام الشيخ أحمد، مقام الخضر ومبنى القبة) وهذه المقامات والمزارات تعتبر ارثا تاريخيا للمنطقة ومن أهم الآثار التي توثق تاريخ وثقافة وامتدادات عائلات سكان قرية عارورة.
وقد اعتبر النائب البرلماني السابق عن حزب الخضرالألماني، رئيس الجالية الفلسطينية في مدينة دورتموند الألمانية ومسؤول العلاقات الخارجية في اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينيين في المانيا د. هشام حماد، أن هذه الحملة لها قيمة تاريخية وتراثية وتربوية ووطنية تتيح للأجيال الحالية والقادمة التعرف على تاريخ نشأة قراهم في العهد العربي الاسلامي وتستحق كل الدعم والتأييد.
وأضاف قائلا: ان هذا الدعم يأتي انطلاقا من قناعتي أنه “ليس فقط بالخبز يحيى الإنسان”، الامر الذي يزيد من قدرتنا على التمسك بجذورها وتحصينها ضد محاولات الاحتلال طمس تاريخها وارتباطها بأرض أجدادها.
واعتبر حماد المحافظة على تراثنا الثقافي والمعماري والروحي شكل من أشكال المقاومة اللاعنفية للاحتلال الاسرائيلي ومحاولاته لتزوير التاريخ، مضيفا أن هذا النمط من المقاومة يحافظ على أيقوناتنا الأثرية من الاندثار وهي شواهد تستبطن ارث تاريخي لتقديمه للأجيال القادمة للمحافظة على الهوية الثقافية والوطنية.
وأكد ان هكذا مشاريع تفتح فرصا للتشغيل والتدريب في مجالات متخصصة في فن الترميم لأبناء المنطقة، حتى لو كان ذلك في البداية بشكل متواضع. كما ان هذه المبادرات تسلط الأضواء على المنطقة لتصبح جزءا من برامج محتملة ومستقبلية لزيارات ورحلات سياحية لفلسطينيي الشتات وابنائهم من اوروبا وامريكا اللآتينية يكون لها طبيعة ثقافية ووطنية. وعبّر عن أمله ان تصبح هذه الحملة برنامجا وطنيا شاملا يجد الدعم الرسمي والشعبي ويستنهض الطاقات الفلسطينية داخل الوطن وفي الشتات.
من جهتهما عبّر كل من بروفيسور نصير حسن عاروري والدكتور تيسير العاروري و من المساهمين الرئيسين في دعم الحملة، عن عظيم الشكر والتقدير لأعضاء الهئية القائمة على الترميم وجميع أهالي القرية على الجهود التي يتم بذلها في هذا الجانب معتبرينها في غاية الاهمية في مثل هذه الظروف التي تمر بها قضية شعبنا ووطننا الرازخ تحت نير الاحتلال الصهيوني البغيض الطامح الى اقتلاعنا من أرضنا وطمس معالم وجودنا وتاريخنا الممتد لآلاف السنين على أرض فلسطين.
ومن جانبه اعتبر المنسق العام لحملة الترميم نمر محمد عاروري المغترب في ألمانيا، واعضاء الحملة سعد داغر وزملاءه في بني زيد الشرقية/ضاحية عارورة وماضي حمدان في قطر و محمد مصطفى سمور في الكويت، أن هذه المقامات لها أهمية تاريخية كبيرة وتثبت حق الشعب الفلسطيني وتوثق أحقيته في أرض فلسطين، كما تعبّر عن وعي المجتمع بأهمية هذه المشاريع الخيرية التاريخية ذات البعد الوطني التراثي والتربوي، موضحا ان المشروع يتيح للاجيال الحالية والاجيال اللاحقة من أبناء المنطقة في فلسطين التعرف على تاريخهم القريب، المتعلق بنشأة قراهم في العهد العربي الإسلامي بعد الحملات الإفرنجية على فلسطين معتبرا إياها جزءا هاما من تاريخ منطقة بني زيد الشرقية وأضاف أن هذه المقامات كانت رغم بساطتها إحدى وسائل تثبيت الناس في فلسطين من خلال إلتفافهم حولها وإعادة إعمار القرى والتجمعات بعد الخراب الذي عم نتيجة الإحتلال الاستيطاني التفريغي الفرنجي في تلك الحقبة.
وتطرق المنسق العام الى دراسة وكتاب قام بتأليفه وهو حاليا قيد الطباعة بانتظار نشره في القريب العاجل الى تاريخ نشوء بعض المقامات والمزارات في هذه المنطقة حيث اعتبر ان بناءها كان سياسة إبداعية مقصودة لتشجيع القبائل العربية على الاستقرار والصمود والبقاء في فلسطين وإعمارها مجددا بعد تحرير القدس وكسر شوكة الافرنجة الذين اندحروا الى المدن الشامية الساحلية حيث لم يكن حينها قد انتهى خطر عودتهم للهجوم مجددا.
وأوضح أن وجود مقامات الأولياء في مناطق متعددة من القرية أسوة بباقي القرى يشكل دليلا على أن نشوء القرية مجددا وتبلور هويتها العربية قد تم في العهد الإسلامي، وأن هذه النشأة ترتبط بشكل أو بآخر بنشاط حركات التصوف بحيث أن إنشاء هذه المقامات سبق نشوء العمران الحديث وسط البلدة القديمة، معتبرا وجود هذه المقامات هي نقاط استقطاب لاستقرار الناس وتشييد القرى، حيث منحت المجتمع الطاقة الروحية والقدرة على البقاء والصمود أمام الظروف الطبيعية والتضاريس الصعبة وقلة الموارد والمخاطر التي شكلها في حينه بقايا الوجود الافرنجي الصليبي في