طلبة توجيهي دورة 2024، لكم الله ورجاحة العقل، بقلم : د. غسان عبد الله
لا شيء يعدل فرحة الانجاز والنجاح، انجاز أهداف واستكمال مراحل التعليم المدرسي بكل مخرجاته ،ايجابية كانت أم ناقصة في المحتوى الذي لا يرقى للمستوى المطلوب .
يوم السبت الموافق 22/6/2024 ،زحفت جحافل طلبة المحافظات الشمالية في الوطن المحتل وفي الشتات ،متجهة الى قاعات امتحان التوجيهي ، في الوقت الذي لم تتمكن مثيلاتها في المحافظات الجنوبية ممارسة نفس الحق ( رغم الجهود المضنيّة التي بذلتها وزارة التربية والتعليم ،لانقاذ ما يمكن انقاذه) ويكمن السبب في ما تشهده من حرب ابادة ، شملت البشر والحجر والشجر ، الأمر الذي سيترك انعكاسات سلبية عديدة وخطيرة تطال كافة نواحي الحياة ( اجتماعيا، اقتصاديا ،ثقافيا، صحيا وسلوكيا) وجميع فئات المجتمع المحلي ، قد تمتد للأجيال المتلاحقة والتي ستتأثر بها مجتمعات بشرية اقليمية ، الأمر الذي سينعكس على مجمل العملية التنموية المستدامة المنشودة بما فيها احقاق السلام العادل للبشرية جمعاء .
منذ عقود خلت ، كان ولا يزال ، الاقتراب من مسألة التوجيهي، الذي أكل عليه الزمن وشرب ، وتمقته غالبية فئات المجتمع ،بمثابة الاقتراب من احدى الموبقات والمحرمات ،رغم محاولات التجميل Make up التي تم اجراءها : حذف مواد من المنهاج ، توزيع الامتحان عل فصلين ، ومؤخرا السماح للطالب/ة باعادة التقدم لامتحان اكمال في حال لم يتمكن من اجتياز مادة/ مادتين أو ثلاثة ، مع تثبيت الحق المنتزع والمتمثل في السماح للأسرى بالتقدم للامتحان في المعتقلات .
كل هذا لا يغني ولا يسمن في حالة شعب يعيش مرحلة تحرر وطني وطرد الاحتلال الجاثم على صدره ،وبالتالي هو عرضة دوما للمفاجأت ، مثل حالة طلبة الشق الثاني من الرئة الفلسطينية . هنا يبرز السؤال القديم الجديد : ما العمل ؟؟؟؟
عام 2013 ,في فترة حكومة دولة الأستاذ الدكتور المربي رامي الحمد الله ، تم تشكيل اللجنة العليا لمراجعة نظام التعليم الفلسطيني والتي كان لي شرف العمل بها ( حتى العام 2016) مع بقية أخوة وأخوات يشهد لهن / لهم القاصي والداني في العمل التربوي ، .
وفي كل مرة ، كان يرأس عمل اللجنة وزير التربية والتعليم في حينه( أ. لميس العلمي، الدكتورة خولة الشخشير والدكتور علي أبو زهري ). تقدمت شخصيا باقتراح تشكيل لجان تخصصية محدودة العدد تجمع في عملها ما بين الميداني واستمطار الأفكار( العصف الذهني) ومن ثم تقديم التوصيات الى دولة رئيس الوزراء عبر اللجنة من خلال وزير التربية والتعليم . كان من هذه اللجان لجنة التوجيهي التي كنت أحد أعضاءها ، اضافة الى لجنة تعلم / تعليم اللغة الانجليزية وغيرها من اللجان التخصصية الأخرى .
اقترحت على الزملاء في لجنة التوجيهي ألقيام بزيارات ميدانية الى الممثلية اليابانية و الصينية والفلندية ، كل على حدة ، حيث اجتمعنا مع المسؤول الأول عن التعليم في كل ممثلية وشرح لنا ألسبل والاّليات التي تم اتباعها في هذه الدول والتي تعتبر من أكثر دول العالم تطورا في التربية والتعليم عالميا.
اثر ئلك، تمت صياغة تقرير بالتوصيات المقترحة بخصوص المزيد من النجاعة للتوجيهي كوسيلة تقييم فاعلة ،دون المساس بالنوعية حتى لا يتم اعطاء أي جهة عربية( اتحاد الجامعات العربية) أو عالمية ( اتحاد الجمعات العالمية ) للطعن في مصداقية وجدّية الامتحان كما فعلت ألمانيا عام 2022
من أبرز ما ورد في تقرير التوصيات هذه :-
⦁ ضرورة التركيز على رفع منسوب القيم والأخلاق في العملية التربوية التعليمية ، واعادة الاعتبار الى منهاج التربية الدينية ، التعليم الزراعي والتعليم المهني ( نظريا وميدانيا من خلال زيارات للمصانع والورش الفنية والحقول الزراعية ومزارع الثروة الحيوانية)
⦁ يتم توزيع علامات الطالب وفق : المرحلة التعليمية ومسهماته / ها في تقديم الخدمات لمجتمعه /مجتمعها من خلال برامج العمل التطوعي الدروسة جيدا والتي من شأنها الوصول الى كافة المرافق والمؤسسات والفئات العمرية في المجتمع ككل ،مما يساهم في تعزيزالانتماء والهوية الوطنية ، ولم يفوتنا تخصيص نسبة من العلامة النهائية (المعدل العام) للجهود النوعية التي يقوم بها الطالب/ الطلبة في مجال البحث والابتكار.
كان اقراح توزيع العلامات كالتالي : –
⦁ نهاية المرحلة الابتدائية ( أول ابتدائي حتى السادس الابتدائي )10%
⦁ نهاية المرحلة الاعدادية ( السابع حتى التاسع ) 15%
⦁ المرحلة الثانوية ( العاشر – التاني عشر ) 25%
⦁ يكون للامتحان التجريبي الذي تعقده المدرسة 10%
⦁ امتحان التوجيهي 30%
⦁ ممارسة التدريب placement في المؤسسات المذكورة أعلاه خلال فترة انتظار علامة امتحان التوجيهي ، وذلك بواقع 10%
بهذا نكون قد:-
⦁ أعددنا الخطط الفاعلة عمليا لتجاوز كل الأعراض الطارئة مثل الاجتياحات و الاقتحامات ، الاعتقالات ، الحواجز العسكرية التي يضعها الاحتلال وشن الحروب المتلاحقة على غزة وجنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية وبقية أنحاء الوطن ، ناهيك عن الجائحات ( كما حصل في فترة جائحة كورونا) وأنجزنا الخطوة الأولى في تبني تعليم المضطهدين education for the Oppressed .
⦁ الربط بين النظري والعملي واعطاء كل مرحلة تعليمية التقدير الذي تستحق
⦁ ساهمنا في أضافة أجواء من الراحة النفسيّة وراحة البال للأهل والطالب بدلا مما نشهده من توتر وقلق نفسي كبير للجميع وذلك من خلال اعطاء أكثر من فرصة للطالب
⦁ اجتاز الطالب فترة تجريبية تدريبية placement تمكنّه من تحديد تخصصه الأكاديمي أثناء دراسته بعد انهاء المرحلة الثانوية بدلا من التخبط والعشوائية
⦁ ابتعدنا عن خداع الذات وبيع الوهم ورشوة أولياء الأمور و الطلبة من خلال الارتفاع المذهل في المعدلات العامة ، رغم أن الظروف التي كانت محيطة ( الاضراب الطويل للهيئات التدريسية ، سبقها ما نجم عن جائحة كوفيد 19، وانعكاساتها السلبية التي شملت جميع مناحي الحياة ، رغم هروبنا الى الأمام من خلال تبني أساليب تدريسية تفتقر ليس فقط للخبرة ، بل وللمستلزمات الرئيسة، وكانت النتيجة الفعلية الابتعاد عن التعليم وتدني مستواه من خلال ما تم نعته التعليم/ التعلم عن بعد .
للأسف ، لم يرق مثل هذا الاقتراح للبعض بدليل حين تقلدّ أحد أعضاء اللحنة المشار اليا اّنفا منصب وزيرا للتربية ، تم وضع الاقتراح على الرف واستبداله بمقترح اّخر لم يكتب له النجاح .
في محاولة تلخيص الجواب على ما العمل ، واضاقة الى ما تم ئكره أعلاه، من ألاهمية بمكان ايلاء منظومة التربية والتعليم قسطا أكبر من الاهتمام مع تحسين الوضع المادي والمعنوي للمعلم وايلاء الصحة النفسيّة وحريتي التفكير والتعبير هامشا أكبر ، ولن يتأتى هذا الا من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، بهذا نكون فعلا قادرين على مواجهة أعتى التحديات.
اخيرا أقول لأبنائنا وبناتنا في المحفظات الجنوبية لكم الله والشعب والعقل الراجح لدى المسؤولين ، وقد تنجزون احداث ثورة تربوية تعليمية متقدة الشعلة ، كما أحدثتم في مجالات أخرى، وسيسجّل التاريخ لكم هذا