المراعي الاستيطانية.. مشروع توسعي خطير وغير معلن، بقلم : مناضل حنني
لا شك أن عجلة الاستيطان تسير بشكل متسارع، ووفق خطط ممنهجة ومنظمة ومدعومة بشكل غير مسبوق من حكومة نتنياهو ووزرائه المتطرفين، بما في ذلك المشاريع المعلنة منها وفق الخطط الرسمية، والتي لم ولن يُعلَن عنها، والتي تسير على قدم وساق في إطار ما يسمونه بالتوسع الديمغرافي للمستوطنات الحالية في الضفة الغربية، وكل ما يشكل ذلك من خطر كبير وجوهري على وحدة الأرض الفلسطينية ما بين الشمال والوسط والجنوب في الضفة الغربية، الأمر الذي يشكل خطراً أكبر على قيام الدولة الفلسطينية جغرافياً وبالتالي سياسياً، الأمر الذي تحاول حكومة نتنياهو التسابق مع الزمن لإنجازه لمنع اقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967.
دولة الاحتلال التي أقامت جدار الفصل العنصري المبني على التمييز في الضفة الغربية، أقامت في الفترة نفسها جهازاً قضائياً أسس لحقوق الإنسان حسب الانتماء القومي العنصري، وهذا النظام هو من أكثر فصول التمييز العنصري في العالم ويذكرنا بأنظمة قائمة من الماضي كنظام (الابرتهايد) الذي ساد في جنوب أفريقيا، وبموجب هذا النظام تم سلب عشرات الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية والقدس، وهذه الأراضي المسلوبة المستعملة من قبل المستوطنين لمنع حرية الوصول في الضفة الغربية وبين المدن والقرى والمخيمات ولتوطين، بما في ذلك، الآلاف فيها.
وتمنع حكومة الاحتلال جميع أصحاب الأرض من حقهم في الدخول إلى هذه الأراضي واستغلالها إلا بتصاريح خاصة، وبوجود مثل هذه التصاريح تعطي غطاء لسياستها ضد الحقوق الفلسطينية في الأرض والتي هي ملكهم، ورسخت السياسات الاستيطانية ومشروع تفتيت الضفة الغربية والقدس، وعزل الفلسطينيين في مناطق محدودة المساحة مقطعة الأوصال، وعملت على تجزئة الأسواق والمجتمعات الفلسطينية جغرافياً، ومنعت من تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني بشكل منظم وكامل، إلا أن الجديد خلال السنوات العشر الأخيرة، هو ظاهرة المراعي الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذه المراعي تكون بالقرب أو على أطراف المستوطنات القائمة حالياً، ما يسمح للمستوطنين “الرعاة” اقامة بؤر استيطانية عشوائية وغير منظمة يقيم فيها مستوطن واحد أو أشخاص بعدد الأصابع، لكن بحماية جيش الاحتلال بشكل دائم بحجة رعي الأبقار أو الأغنام!
هذا الأمر، رغم خطورته الكبيرة، فإن الأخطر منه هو قيام هذا المستوطن أو عدد منهم بالسيطرة على الأراضي القريبة من المستوطنات أو بجوار البؤر الاستيطانية التي أقاموها على مساحات شاسعة لرعي أبقارهم أو أغنامهم، وأيضاً بحماية جيش الاحتلال، وهذا الأمر حرم الآلاف من المزارعين الفلسطينيين من مساحات شاسعة من الجبال والوديان وأطراف السهول من رعي أغنامهم، وهناك شهادات حقيقية وواقعية بذلك.
إن هذه السياسة تشكل خطراً اضافياً وجدياً، وهي بمثابة سياسة للسيطرة على ما تبقى من الأراضي الزراعية في الريف الفلسطيني (مناطق ج) الأمر الذي يشكل تحدياً جديداً وبالغ الخطورة أمام الشعب الفلسطيني وفصائله وقياداته بكل توجهاتهم، وإنذارا بأن مزيداً من الأراضي الزراعية ومنها الجبلية والوديان وأطراف ما تبقى من السهول أصبحت إما مصادرة بالقوة – قوة السلاح والعربدة والبلطجة أو على الأقل ممنوع على المزارع الفلسطيني الوصول إليها، سواء للزراعة أو لرعي الأغنام.
هذه المراعي الاستيطانية تشكل مشروعاً خطيراً جداً للتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي، لكنه غير معلن وغير مرئي، فالمزارع الفلسطيني لا يستطيع الوصول إلى أرضه لمعرفة ما جرى ويجري فيها من تخريب وبناء بؤر جديدة وحجم المساحات التي تمت السيطرة عليها، وما تقوم به قوات الاحتلال من هدم للمنازل والمزارع والحظائر، ومنع رعاة الأغنام والمزارعين من البقاء والوصول إلى أراضيهم ومزارعهم التي هي أصلاً ملكهم، ولديهم الإثباتات بذلك.
الجديد خلال السنوات العشر الأخيرة، هو ظاهرة المراعي الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذه المراعي تكون بالقرب أو على أطراف المستوطنات القائمة حالياً، ما يسمح للمستوطنين “الرعاة” إقامة بؤر استيطانية جديدة يُقيمون فيها بمفردهم أو بأعداد قليلة جداً.