مهرجان قوارب التنين الصيني تقليد ثقافي مهم للأمة الصينية، بقلم : تشو شيوان
مهرجان قوارب التنين الصيني رحلة عبر الزمن والتقاليد
يُعد مهرجان قوارب التنين، أو ما يسمى بالصينية “دوان وو” أحد أهم الأعياد التقليدية في الصين ودول شرق آسيا الأخرى، ويصادف هذا المهرجان في اليوم الخامس من الشهر الخامس من التقويم القمري، أي ما يعادل أواخر مايو أو يونيو من التقويم الميلادي، وتقام الاحتفالات الكبيرة والضخمة في جميع أنحاء الصين، ففي العاصمة بكين تقام أكثر من 2000 فعالية، تشمل الأسواق المفتوحة، وعروض التراث الثقافي غير المادي، والعادات المحلية، وفي هوتشو بمقاطعة تشجيانغ، تقام بعض العروض البهلوانية، وهي من التراث الثقافي غير المادي للمدينة، وفي منطقة تشانغ جيا جيه السياحية بمقاطعة هونان، يؤدي الفنانون رقصة التنين، وهذه ” التنانين” مصنوعة من قماش مصبوغ بتقنيات محلية فريدة، وفي ووهان بمقاطعة هوبي، مسقط رأس الشاعر البطل تشيو يوان، يمكن للسياح ارتداء الأزياء التقليدية والمشاركة في بعض الألعاب القديمة والتقاليد المحلية، وبهذه الأيام تتزين الصين بزينة القوارب لتشعر أنك وسط مهرجان ضخم وكبير ينقلك في رحلة عبر الزمن والأساطير.
إن مهرجان قوارب التنين له أصول عريقة حيث تُحيط بالمهرجان العديد من الأساطير والحكايات، أشهرها قصة الشاعر الوطني “تشو يوان”فقد عاش “تشو يوان” في عصر الدول المتحاربة، وكان يُعرف بوطنيته وإخلاصه لمملكته، وتحكي الأسطورة أنه في عام ألفين وثمانية وسبعين قبل الميلاد، في اليوم الخامس من الشهر القمري الخامس، وفقا للتقويم الصيني التقليدي، قفز تشيو يوان إلى نهر ميلو بمقاطعة هونان وأغرق نفسه، عندما علم أن الأعداء قد سيطروا على وطنه. وبعد موته، ألقت الجماهير لفائف الأرز الدبق المعروفة بالدزونغ دزه، حتى تأكله الأسماك لحماية جسد الشاعر. وقد وأصبحت لفائف الدزونغ دزه أحد المأكولات الرئيسة في هذا العيد وهي عبارة عن كرات من الأرز اللزج ملفوفة بأوراق الخيزران، ترمز إلى “تشو يوان” وإلقاء الأرز في النهر، وتجتمع العائلة لتحتفل بهذا المهرجان وتناول لفائف الدزونغ دزه مع بعضهم البعض.
يُعدّ سباق قوارب التنين من أهم فعاليات المهرجان، حيث تتنافس فرق من مختلف أنحاء العالم في سباقات مُثيرة للقوارب المزينة برؤوس التنين، وتُضفي قرع الطبول وحركات المُجدفين المُتناسقة جوًا من الحماس والتشجيع على ضفاف الأنهار والبحيرات، وهذه أهم طقوس الاحتفال بالمهرجان وتنظم العديد من المدن والقرى سباقات وبطولات محلية لسباق قوارب التنين، وبجانب سباقات القوارب، تتضمن فعاليات المهرجان العديد من العادات والتقاليد الأخرى، مثل تعليق أوراق “عشبة النار”: تُعلق هذه الأوراق على أبواب المنازل لدرء الأرواح الشريرة وجلب الحظ السعيد، بالإضافة لإقامة رقصات التنين المبهرة في مختلف أنحاء البلاد، تجسّد قوة وحيوية التنين.
خلال السنوات الماضية أصبح مهرجان قوارب التنين مهرجان ثقافي عالمي يتخطى حدود الصين ليُصبح مهرجانًا ثقافيًا عالميًا يُحتفل به في العديد من الدول حول العالم، فهو يُمثل فرصةً رائعة للتعرف على الثقافة الصينية العريقة وتقاليدها المُميزة، كما يُعزز روح التعاون والمثابرة بين أفراد المجتمع خصوصاً وأن سباق القوارب يرمز للعمل المشترك بين أعضاء الفريق ولو عدنا للأسطورة فإن مشاعر حب الوطن والتفاني من أجله مازالت حاضرة في جميع تقاليد المجتمع وتجدها حاضرة في جميع الاحتفالات والمسابقات المصاحبة.
يُعدّ مهرجان قوارب التنين مزيجًا فريدًا من التاريخ والتقاليد والرياضة، حيث يُتيح للمشاركين فرصةً للخوض في تجربة ثقافية غنية واكتشاف عادات وتقاليد عريقة تُشكل جزءًا هامًا من الهوية الصينية، وأردت من خلال هذا الطرح أن أنقل للقارئ العربي صورة من صور الثقافة الصينية العريقة التي تخلد ذكريات أساطير الأمة الصينية، والأمة الصينية مازالت متمسكة بعاداتها وتقاليدها التاريخية العريقة وتتوارث هذه العادات الأجيال المتعاقبة، ولهذا نفخر نحن الصينيين بأساطيرنا وأسطوراتنا ونحاول جاهدين المحافظة على تقاليدها ومعانيها العميقة، ومن الجميل أن أجد نافذه أشارك فيها الأصدقاء العرب جانباً من ثقافتنا.