أهمية العمل الجماعي، بقلم : أفنان نظير دروزه
للعمل الجماعي أهمية عظيمة، ليس فقط لإنجاز العمل بشكل أسرع وأتقن وأفيد وأنفع، وإنما لصحة الفرد النفسية، والشعور بالانتماء للجماعة وخاصة في ظل الظروف الصعبة وما يكتنفها من ضيق وقلق وهم وغم ومرض، وما كل ذلك إلا لأن الجماعي يجعل الإنسان ينتمي للآخر، ويحبه، ويعمل على مساعدته، والتعاون معه في إنجاز الهدف المشترك، والشعور بالسعادة والراحة النفسية في الوقت نفسه.
والعمل الجماعي يفرغ الطاقة السلبية الهدامة ويستبدلها بطاقة إيجابية بناءة، ويشحن الإنسان بالهمة والنشاط والحيوية والسعادة من جراء وجوده مع جماعة، والعمل مع كل فرد فيها، والتفاعل معهم، والشعور بشعورهم، والبهجة معهم، وهذا ما يعرف “بعدوى السعادة”، أي انتقال السعادة لكل فرد يعمل ضمن الجماعة. ناهيك عما يفعله العمل الجماعي من التفكير بإيجابية وهو يسعى لتحقيق الهدف الجماعي، والمساهمة في العمل المشترك، وإنجاز المهمة التي ستنعكس نتائجها الإيجابية ليس على الجماعة فقط وإنما على نفسه أيضا.
ولا أجمل من العمل الجماعي عندما يصرف في أنشطة دينية، كالصلاة جماعة وحضور حلقات الذكر، أو أنشطة ترفيهية كالرحلات الجماعية، والأندية الرياضية، والدبكات الشعبية، والعزف في فرق موسيقية، والتبرعات الخيرية، ومساعدة الفقراء والمحتاجين بأطباق الطعام، أو توزيع الرز، أو السكر، أو المعلبات …الخ من أنواع الطعام، أو مساعدتهم بالملابس والأدوية، أو حتى جمع الفلوس للفقراء المحتاجين ومساعدتهم في قضاء حاجاتهم الحياتية. وما أجمل العمل الجماعي عندما يشترك فيه أفراد الحي الواحد، فيقومون بتنظيف حيهم، وشوارعهم، وحدائقهم. وأجمل من ذلك ما يشعر به الفرد وهو يقوم بالعمل الجماعي من الانبساط والسرور والرغبة بالمشاركة وتقديم المساعدة من أجل تحسين وضع الآخر، ومدّ يد العون له وإراحته، وهذا من شأنه أن يخرج كل الطاقات السلبية من داخل الفرد واستبدالها بطاقات إيجابية بناءة علاجية تخلصه من ضيقه وقلقه وتعبه، ومن ثم شعوره بالراحة النفسية لتخلصه من فرديته وأنانيته ونرجسيته عندما يقدم شيئا لغيره، ويتعاون ويتواصل مع أبناء شعبه وبلده.
وصدق رسولنا الكريم عندما قال “يد الله مع الجماعة”، وهو بحديثه يحثنا كمسلمين على أن نعمل ونتعاون مع بعضنا البعض، ومساعدة بعضنا البعض، والانتماء لبعضنا البعض، وأن نحب بعضنا البعض، مما يؤلف بين قلوبنا، ويزيل الضغينة من صدرونا، وينقي سريرتنا وأرواحنا من كل ما يزعجها أو يعكّر صفوها نتيجة ما يسببه العداء من القهر والغيظ والغيرة والحسد، إذ بالعمل الجماعي تصفو النفوس وتتسامح الأرواح وكأن شيئا لم يكن، لقوله تعالى ” إدفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”، عندها، سيرجع الناس كما كانوا سابقا إخوة وأهل وأصدقاء كما أمرهم الله، ويرحم بعضهم بعضا، ويشعر بعضهم مع بعض، وهذا يجعلهم يفكرون بمزيد من المشاركة في أنشطة جماعية والمساعدة في تحقيق الأهداف المشتركة، تلك الأهداف التي تخدم الجماعة، وتجلب السرور والراحة النفسية لكل فرد فيها، وأظن أن هذا يعدّ أكبر مكافأة للنفس، وأكبر علاج لأي مرض، وأكبر تنفيس لأي هم أو ضيق أو نكد، وهذا يكفي.