تعميق العلاقات بين الصين والدول العربية يساهم في بناء عالم أفضل، بقلم : تشو شيوان
أحداث هامة شهدتها العاصمة الصينية بكين خلال الأيام الماضية حيث أفتتح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي يوم الخميس، وقد لقيت هذه الدورة اهتماماً بالغاً من قبل المحللين والسياسيين وأصحاب الرأي ووسائل الإعلام لما تحمله هذه الدورة من تطورات بالغة الأهمية على صعيد الأجندة وحجم التمثيل والمشاركة حيث شهدت هذه الدورة حضور 4 رؤساء من الدول العربية وهم؛ العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رغم أن المؤتمر على مستوى الوزراء ولكن لأهمية وإيمان جميع الأطراف بوجوب زيادة التعاون بين الدول العربية والصين كان لا بد من استغلال هذه الفرصة للمضي قدماً نحو عقد جديد من العلاقات الصينية العربية.
من أهم مخرجات المنتدى إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ أن الدورة الثانية من القمة الصينية العربية ستقام في الصين عام 2026، بعد تحقيق النتائج الأولية التي توصلت إليها خلال الدورة الأولى من القمة الصينية العربية في الرياض عام 2022، خصوصاً وأن الوقت الراهن قد دخل العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير، وتحدث تغيرات جديدة وعميقة في منطقة الشرق الأوسط، وفي ظل الوضع الجديد فإن التعاون العملي بين الصين والدول العربية له أهمية إيجابية للمنطقة والعالم، واستمرار عقد منتدى التعاون العربي الصيني والقمة العربية الصينية.
لقد أعلنت الصين بناء “المعادلات الخمس للتعاون”، بغية تسريع وتيرة بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وبالإضافة إلى التعاون في المجالات التقليدية مثل الطاقة والبنية التحتية والتجارة الاقتصادية، تم توسيع التعاون إلى مجالات الصناعات الناشئة، ومن أهمها معادلة أكثر حيوية للتعاون المدفوع بالابتكار، حيث تتعاون الصين مع الدول العربية في بناء عشرة مختبرات مشتركة في مجالات الحياة والصحة والذكاء الاصطناعي والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والزراعة الحديثة والمعلومات الفضائية، وذلك من أجل تعميق التعاون العملي في التطور المبتكر في مجالات التكنولوجيا العملية العالية.
كما الصين تسعى إلى معادلة أكثر توازناً للتعاون الاقتصادي والتجاري المتبادل المنفعة، حيث تعمل مع الدول العربية على تنفيذ مشاريع التعاون الإنمائي التي تبلغ قيمتها 3 مليارات يوان صيني؛ وعلى تسريع وتيرة المفاوضات مع الدول العربية حول اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية، وتعزيز بناء آلية الحوار للتعاون في التجارة الإلكترونية، إضافة إلى زيادة استيراد المنتجات غير الطاقة وخاصة المنتجات الزراعية والغذائية من الدول العربية، وذلك من أجل تحقيق التكامل والتوازن بين الجانبين الصيني والعربي.
إضافة إلى معادلة أوسع أبعاداً للتواصل الثقافي والشعبي، حيث تحرص الصين على إنشاء “المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية”، وزيادة الحجم والتأثير لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، وتسريع وتيرة بناء منصات مثل “الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية” و”منتدى تنمية الشباب الصيني العربي” و”الرابطة الصينية العربية للجامعات” و”مركز الدراسات الصيني العربي للتعاون الثقافي والسياحي”. وتدعو الصين 200 مسؤول من الأحزاب السياسية العربية لزيارة الصين كل عام، وتبذل جهودا مع الجانب العربي في وصول العدد الإجمالي للسياح المتوجهين إلى الطرف الآخر في غضون السنوات الخمس المقبلة إلى 10 ملايين سائح.
وأخيرا، أصدرت الصين والدول العربية بياناً مشتركا بشأن القضية الفلسطينية الإسرائيلية، حيث أعربت الصين عن دعمها لإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعم عقد مؤتمر سلام دولي بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر. كما أعلن الرئيس شي عن تقديم مساعدة إضافية بقيمة 500 مليون يوان صيني، إضافة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة التي تم الإعلان عنها سابقا بقيمة 100 مليون يوان صيني، بهدف دعم تخفيف الأزمة الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة؛ والتبرع بـ3 ملايين دولار أمريكي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بهدف دعم الوكالة لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.
ومن هنا يمكننا القول إن التعاون بين الصين والدول العربية قد أصبح نموذجاً للتعاون بين الدول النامية، والتعاون بين الجانبين في كافة المجالات والمستويات، ونثق بأن هناك مستقبل مشرق للصين والدول العربية، وتقديم المساهمات أكثر في حفظ السلام والتنمية والاستقرار في العالم.