مقترح حول التوجيهي لطلبة غزة هذا العام، بقلم : جهاد الشويخ
(بالتعاون مع مجموعة من أساتذة جامعات ومدارس فلسطينية في الضفة الغربية وبالتشاور مع بعض الزملاء في بعض جامعات غزة الحبيبة.)
بما اننا اقتربنا من موعد امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) لهذا العام في الضفة، استمعنا وقرأنا نية وزارة التربية على عقد الامتحان لطلبة غزة أيضاً مع مرونة عالية في موعد انعقاده حسب الدورات الثلاث التي أعلن عنها – نقترح هنا طريقة للتفكير في هذاالأمر ولبقية التعليم (المدرسي) في غزة الحبيبة. نحن مجموعة من أساتذة جامعات ومدارس الضفة بدأنا منذ كانون ثان 2024 التفكير والعمل سوية لوضع مقترح للنقاش مع وزارة التربية والتعليم دون إثارة أي جلبة حول الأمر. نقوم اليوم بنشر مقترحنا على أمل أن تعيد وزارة التربية التفكير في الأمر أو أن نتناقش ونتحاور سوية في الأمر.
في الحقيقة، نشعر بغصة أثناء الكتابة عن هذا الموضوع؛ فالأمر مثير للغضب عند الحديث عن عقد امتحانات أُثناء إبادة وقتل يومي وتهجير. إذ من الأجدى التفكير في تفاصيل كثيرة (تربوية وتعليمية بالأساس فهذا مجال اختصاصنا طبعا). لكن الشعور بالمسؤولية الأخلاقية يحتم علينا إثارة الأمر.
تقوم فكرة المقترح على شعورنا العميق بالمسؤولية والتآزر مع قطاعنا الحبيب وطلبته وأهله، وفي رغبتنا في المساهمة في المجال الذي نعمل فيه ونعتقد أن باستطاعتنا القيام بما يلزم من مسؤولياتنا. ولعل الهدف الأساسي من هذا المقترح هو خلق الأمل وزرعه لدى طلبة غزة الحبيبة.
فيما يلي أبرز النقاط لما يتعلق بالتوجيهي والصفوف الأخرى لهذا العام الدارسي الذي يعيشه أهلنا في غزة تحت إبادة مستمرة منذ تشرين أول 2023.
المقترح (في هيئته الأخيرة في شهر آذار 2024 مع بعض التعديلات)
في حال توقف العدوان في فترة تسمح بانعقاد بعض التقييمات المدرسية، نقترح أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتحديد طبيعة تلك التقييمات وانتهاء العام الدراسي كما هو معمول به كل عام. طبعاً يحتاج الأمر الى بعض التفاصيل؛ مثلاً، كلما قصر الوقت المتاح، نحدد أكثر المواد والمواضيع التي نطلب من الطلبة دراستها. أيضاً يتطلب هذا الاقتراح، توفير لقاءات مع معلمي ومعلمات تلك المواضيع في أماكن تتحدد لاحقاً. وهذا ربما السيناريو المفضل.
في حال كان الوقت المتاح قليل جدا أو يكاد ينعدم، نقترح أن تقوم وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالاتفاق مع الجامعات بمعادلة شهادة التوجيهي لهذا العام الدراسي (طلبة غزة فقط) بناء على نتائج الصفين العاشر والحادي عشر، وأن بإمكان طلبة التوجيهي من قطاع غزة التقدم الى الجامعات (في الضفة الغربية وقطاع غزة) هذا العام لقبولهم في التخصصات التي يرغبون بها. كتعويض عن المواد التي لم يتمكن الطلبة من دراستها في المدرسة، تقوم الجامعات بعمل برنامج خاص على مدار فصل أو فصلين لهؤلاء الطلبة تضمن “تأهيل” هؤلاء الطلبة لاستكمال دراستهم الجامعية بنجاح.
وفي حال انتهت الحرب وكان بالإمكان تدريس الفصل الثاني (مع إمكانية التمديد) وعقد امتحان التوجيهي للفصل الثاني، عندها يمكن احتساب المعدل العام بناء على التحصيل في الفصل الثاني وامكانية اعطاء وزن للأعوام السابقة مثل الصف العاشر والحادي عشر. [يبدو هذا الخيار تقلص ونحن في أواخر أيار 24.]
كما يمكن الاستفادة من فترة الصيف (تموز وآب) للبدء في خطوات تأهيلية أكاديمية (ويمكن نفسية) تساعد الطلبة على تجاوز البداية في التعليم الجامعي بنجاح.
للطلبة الراغبين بالدراسة في الخارج، نقترح أن تتواصل الوزارتان (الآن وزراة واحدة) مع كل من له علاقة من الجامعات العربية والأجنبية وتنسيق الأمر معهم.
نرجو الإشارة الى أن هذه المقترحات هي اختيارية لطلبة التوجيهي الحاليين، وأن بإمكانهم دراسة الصف الثاني عشر من جديد إن رغبوا.
يهدف هذا المقترح الى بناء أمل لطلبة غزة حول مستقبلهم. ولنا في تجارب سابقة مر فيها تعليمنا الفلسطيني ما يساعدنا على اتخاذ قرار كهذا كما حدث إبان فترة انتفاضة 1987، وجائحة كورونا مع تفهم الملاحظات النقدية. إضافة إلى أن العديد من مساقات السنة الدراسية الأولى في جامعاتنا هي “إعادة” لما يتم تعلمه في “التوجيهي”، وبالتالي يمكن تدريس هذه المساقات بتركيز أكثر على أنها أول مرة وليست إعادة. أيضاً، إن بناء برنامج أو مسار خاص لهؤلاء الطلبة خلال السنة الأولى للدراسة يساعدهم على الاندماج والسير بطريقهم في تعليمهم الجامعي.
يجب ألا نفكر أن يعيد طلبة غزة العام الدراسي تحت مبررات ما يسمى بـ “فاقد تعليمي” أو “جودة” أو “شهادة/تقييمات رقمية” لنا، ولغيرنا في البحث التربوي، عليها ملاحظات نقدية.
ينطبق هذا الأمر على جميع صفوف المدارس غير الثانوية العامة. لقد خاض طلبة غزة جميعهم وبدون استثناء تجربة أكثر عمقا وايلاما ونضجا من أي “منهاج” مدرسي في العالم، ويجب احترام تلك الخبرة والتفكير قليلا بمعنى تلك التجربة وكيفية دعم تعلمهم المستقبلي لا أن يعيدوا سنة إضافية. والحديث يدور عن عام أكاديمي مدرسي واحد حتى اللحظة، لكن لا يعفينا ذلك مدارس وجامعات، من التفكير في بدائل خاصة إن استمر الأمر أكثر والحاجة الى التفكير في كيفية خلق الأمل سواء في غزة أو حتى في الضفة.
الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى والحرية للأسرى.
- – جهاد الشويخ – أستاذ التربية في جامعة بيرزيت