الحرب على غزة ، المحكمة الجنائية الدولية التي يديرها الشيطان، بقلم : بديعة النعيمي
زعمت دولة الاحتلال زورا وبهتانا أن عملية ٧/أكتوبر هددت أمنها القومي وكانت من أهم الأسباب لاندلاع الحرب وقيام الدولة بممارسة حقوقها المشروعة في الدفاع عن نفسها واستقرار أمنها.
ورأت بأن ممارسة ما أطلقت عليهم “إرهابيين” وحقهم في الدفاع عن أرضهم وتحجيم الممارسات الوحشية ضد الفلسطينيين وضد المقدسات الإسلامية بما فيها المسجد الأقصى وما يقوم به المستوطنون من إقامة طقوس تلمودية في حرمه ومطالباتهم بإقامة هيكلهم المزعوم بأنها أعمال إرهابية.
غير أن هذه الدولة لا ترى أنها هي الإرهاب بعينه حين سرقت الأرض وطردت الأهل وشردتهم بعد تنفيذها الإبادة الجماعية بحقهم وهجرتهم قسريا خارج حدود أرضهم وأقامت المستوطنات ومزقت الوطن.
وإذا عدنا إلى السوابق الدولية التي مارستها الشعوب للدفاع عن بلادها، مثل ما فعله الشعب الفرنسي ضد النازية والذي وصفه العالم بالفعل البطولي المستحق للتقدير والإجماع على مشروعيتها وقانونيتها من جهة، فسنجد أن دولة الاحتلال تزيف الحقائق وتقلب القواعد لصالحها. فالمقاومة الفلسطينية لم تفعل أكثر مما فعله الشعب الفرنسي.
والجدير بالذكر أن هناك مبدأ هام حرص المجتمع الدولي على التأكيد عليه وهو مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها. وقد أضحى هذا المبدأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أساسا للكفاح في معظم أوروبا.
وفي تاريخ ١١/ فبراير لعام ١٩١٨ أعلن الرئيس الأمريكي “ولسون” في خطابه أمام الكونغرس الأمريكي جاء فيه “أن حق تقرير المصير ليس عبارة جوفاء، وإنما هو مبدأ لا مناص عن الإئتمار به في العمل ومن يتجاهله بعد اليوم من ساسة الدول فهو مخاطر”.
كما نجد في الفقرة الثانية من المادة الأولى وكذلك في المادة الخامسة والخمسون من ميثاق الأمم المتحدة “اعتبار حق تقرير المصير من الأهداف الرئيسية التي قامت من أجلها منظمة الأمم المتحدة”.
واستنادا إلى ما تم ذكره وبعيدا عن ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول التي تقف جنبا إلى جنب مع دولة الاحتلال الظالمة والتي سنت تلك القوانين فإن الشعب الفلسطيني عندما يقوم بعمليات المقاومة ضد الممارسات التي تقوم بها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني إنما تمارس إجراء مشروعا وحقا ضمنه ميثاق الأمم المتحدة واعتبرته قواعد القانون الدولي بأنه حق مقدس.
وبناء على ما ذكرته فإن ما خرجت به المحكمة الجنائية الدولية من مذكرات توقيف بحق قادة المقاومة الفلسطينية لمخالفتها المواثيق والقرارات الأممية لهو باطل.
وقد ساوت هذه المحكمة بين المعتدي وصاحب الحق. وبدلا من تجريم مجرمي الحرب من أمثال بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير وبقية المجرمين استصدرت مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت جاءت متأخرة كما
وصفتها حركة حماس.
وهذا كله يقودنا إلى حقيقة واحدة هي أن الأمم المتحدة وعصبة الأمم والمحاكم الجنائية الدولية وغيرها من المنظمات الدولية وحقوق الإنسان ما قامت لولا حاجة دولة الاحتلال لها لضمان دوامها واستمراريتها. وأن كل ما يحصل هو مسرحية شيطانية هدفها استمرار الإبادة في غزة والتخلص من أهلها ثم الانتقال للتخلص من بقية الشعب الفلسطيني في الداخل والضفة وإقامة دولة يهودية نقية.
ولو أنها ليست مسرحية لما خرج نتنياهو متحديا بعد صدور القرار بتوقيفه ليصرح قائلا “قرارات الجنائية الدولية لن تؤثر في تصرفاتنا”.
ولو أنها أيضا ليست مسرحية لم يكن ليأتي أعضاء جمهوريين من مجلس النواب لإعداد تشريعا احترازيا لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية إذا أصروا على أوامر اعتقال مسؤوليين “إسرائيليين”.
فنحن اليوم أمام مسرحية يديرها الشيطان وهنا تكمن أهمية ما تقوم به المقاومة الفلسطينية من جهاد لأنها أدركت من خلال تجاربها أن السلاح وحده القادر على التخلص من هذا الرأس وبقية الأمور وهم وكذب.