12:12 صباحًا / 25 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

محرقة العصر و حرب الإبادة ، بقلم : أ. خضير بشارات

يا أهل الحرب و يا أهل السلم ما ذنب الأطفال في سياساتكم القذرة ؟ اخرجوهم من حساباتكم ، اجعلوهم خارج إطار الزمن المستعر ، اتركوا الرحمة تتنزل على عباد الله المستضعفين ، يا نار الحرب كفي جنونك ، يا نار الإبادة كوني بردا و سلاما ، يا ويح الأعداء ، يقتلون الجثث فوق موتها ، يخرجونها من الأجداث ، يمثلون بها ، يقطعونها بجنازير الدبابات ، تصطك الأحقاد في وجه النازي ، صهيوني العقل و التفكير ، زبانية المحرقة أين ستهربون ؟ ستلاحقكم دماء الأطفال ، ستلعنكم دموع النساء ، أجساد الشهداء ملقاة تودعها الطيور ، امرأة تمسح غبار منزلها المهدم ، تذرفه دما مسفوكا ، وعين تراقب أكياس بيضاء ، علها تجد ابنها الشهيد ، فكل أحلامهم أن يجدوا موتاهم ، كبيرة هي الأحلام في ظل عصابة الإنسانية ، نازية الدول الاستعمارية ، أشلاء الإنسانية تأكلها مدافع الآليات العسكرية ، في غزة تختلط الأشياء كلها ، الماء و التراب و الدماء و البكاء و جثث الشهداء ، و رائحة الموت الذي ترسله نازية العصر ، في غزة قصف المنازل يلتحم مع أصوات الثكلى ، طفلة ترفع شارة النصر من تحت الركام ، طفل يودع أباه ، و أم تبكي بكاء الأطفال ، لم تعد العيون تحتمل الصبر ، انهكت الحرب السماء و الأرض ، و الحجر و الشجر ، سفكت أرواح الحيوانات و النباتات ، قتلت أنفاس الإنسان ، تغيرت الملامح ، تنكرت الأبواب لأقفالها ، و المنازل لسكانها فقد شوهت النيران وجوهم ، و حولت الحليم حيرانا ، في وطني جرحان ، يدمي أحدهما الآخر ، أطول من شلال الأحزان ، غزة في وسط النار ، و تحيط بها الأنياب ، البحر يقذف حمما و لهيبا ، تبتلع الأطفال الرضع ، تحرق أوراق الأمم ، قمم و لمم ، لن تجدي في قاموس الإرهاب الوحشي ، حبر و أوراق تتكدس في أدراج الكذبة الكبرى ، محكمة الجنايات الدولية ، أو هيئة الأمم المتحدة ، متحدة دول الاستعمار ، للنيل من شرف الأمة العربية ، و تجرجرها إلى مسلخ التبعية ، الواحدة تلوى الأخرى ، انقطع الحبل العربي ، لم يعد عرقا عربيا ، هجنه اتباع الإمبريالية ، يا ويح من نظر من عرب أو عجم ، أصنام ، وحجارة نرد يلعب بهم أشرار العبودية ، يا دعاة القمم العربية ، ماذا فعلتم بدم الأبرياء ؟ كم لوثتم أصول الوحدة الجغرافية ، مزقتم تاريخ البطولات ، و حذفتم أبجديات اللغة الفصحى و المحكية ، و تلاعبتم بنصوص العادات الأثرية ، فهي غيث يمطرنا حبا و سلاما ، فيا أهل الحرب الوحشية ، غزاة الحضارة ، و لصوص الحاضر و حواضر أمتنا العربية ، أما آن وقت الخروج من بيادر القمح و صحراء الجامعة العربية ، خذوا حقدكم و قطع الليل و انصرفوا ، اخرجوا من سماء العواصم الأبدية ، حيفا ، اللد ، الرملة ، و الناصرة قلب المسيح تلفظ صهينة القانون الفاشي ، تهتف باسم الحرية ، و تقابلها صفد ، أحكمت الأغلال في وجه المغول ، إربا تقطع أوصال الحملات الغربية ، النصر بات قريبا ترفرف شهبه فوق أسوار المنشية ، و تغني القدس العربية ، فالشبل يرفع شارات النصر عبر أزقتها الوردية ، فما عادت تنفع كل الحروب التقليدية ، فرباط الثائر في عسقلان دحض الفرية الغربية ، و جعل حشود الوحش البري أشلاء ، فيا خير من صدح باسم الكوفية الحرة من صنعاء إلى حضر موت ، و لا يخشى إلا الذئب على الغنم العطشى في الصحراء ، واسعة الاستجداء ، و تلملم بقايا سلامٍ ، لم يولد حيا ، يا أهل السلم ، مر مذاقه ، نتجرع منه شواظ الأيام و عسر الحال ، نعيش الإبادة و محرقة العصر ، يا نار كوني بردا و سلاما على الإنسانية ،


نحن مشكلتنا لا نخوض حروبا يا وطني ، نحن ضحية وجلاد في آن واحد ، لا نعرف ما نريد ….. بل ليس لدينا ما يقوي صمودنا ….. نحن صنيع مؤامرات خبيثة ، و لازالت مستمرة ، و تنشر داءها في أوساط من يرونها طوق نجاة لمصالحهم …… نحن نواجه ذاتنا ، و نجلد صبر عقولنا المتقدة ، و ننزع فتيل الوحدة بين الإخوة ، و نكرس العداء ، و نقوي جذوره ، بل نشعل كل الجمرات تحت مواقده ، موقفنا مهترئ و ضعيف ، لم نملك ما نقتات به ، لا نستطيع أن نحسم حرب السياسة و حتى لا نقدر أن ندير حرب العسكر ، آه … من شر قد اقترب ، يا أمة العرب ، أكلتنا حروف الكتب الرسمية و لاكت لحمنا مجنزرات دعاة الحضارة و الإنسانية ، الويل لهم ، إذ يقيمون ديمقراطيتهم على هدم البيوت و تهجير أصحابها و قتل الأبرياء و نصب كمائن الموت بين مفاصل التاريخ ، و ما يرافق ذلك من قلع الأشجار و قلب أسماء القرى و تهميش الطرق الزراعية ، و تحطيم الصخور الأثرية لكي لا تبقى شاهدة على جرائم الصهيونية ، و التغول اللإنساني لعصابة الحرب الأممية ، يا نار مهلا ، كوني أكثر إنسانية من أهل الإنسانية ، فهم تجردوا من ثياب البشرية و لبسوا دروع القسوة و انحازوا لشريعة الغاب الهمجية ، يا نار مهلا علنا نقتبس من نورك معنىً للحرية و نتعشق فيك شعاع الشمس الأزلية ، و نملأ جراح غزة ملحا و صبرا ، فصبرنا دواء ، و بكاؤنا رحمة و سكينة ، و رحيلنا حياة ، أحياء يرزقون و هم تدار عليهم سياط الميركفا ، و تعجن أحشاءهم مع تراب الأرض الحورية ، بلا ماء ، بل صار الدم ماء ثجاجا ، فيعطي الأرض رائحة المسك ، هم الشهداء ، و الأحياء ، لم يبق في غزة طفولة و لا رحمة و لا صبر و لا عجائز و لا نساء و لا رجال و لا هواء و لا رمال ، و لا كتّاب ، ليوثقوا جرائم الوحش الصهيوني، حرقوا الأوراق، ليخفوا نازيتهم ، لا يدرون أن الفلسطيني يكتب قصصه على شواطئ البحر ، و بين نتوءات الرمال ، يتخذ من أجساد الشهداء تماثيل ، لتكشف ما وصل إليه الغول النازي من مجازر و همجية و لا إنسانية ، بل جعل الفلسطيني دماء الشهداء مدادا ليرسخ معاناته و يرسم طريق النصر ، انقطعت سبل العيش بكل بساطته ، لا هواء و لا ماء و لا نوم إذ لا أغطية و لا أفرشة و إن و جدت فلا مكان آمن لفرشها فالأرض غير مهيأة للنوم عليها ، تجتاحها الآلة الصهيونية و تمطرها طائرات العدو بالصواريخ على مدار الساعة ، فلا راحة للأبرياء و لا سكون ، لا ليل لهم و لا نهار ، تحولت معيشتهم إلى حروب مسعورة ، تقودها أمريكا التي لا تعرف الرحمة و لا السكينة ، و لا تملك أدنى مقومات الإنسانية ، و ترفض كل القوانين الدولية و ترى نفسها خارج إطار هيئات الأمم ، فتغذي ابنها إسرائيل بأعتى الأسلحة المتقدمة و المتطورة ، و ترسل الجنود و النخب العسكرية و البعثات السياسية لتمد يدها في الشرق الأوسط بكل مقومات الدفاع و الهجوم ، و تحشد معها دول الشر الغربية لشن الحرب على غزة و شعبها الأعزل ، الذي لا يملك سوى صبره و إرادته و إيمانه العميق بحتمية الهزيمة للعدو ، و النصر لفلسطين و أطفالها و نسائها و رجالها و لحجارتها و ابنيتها التي سقطت و تهدمت أركانها بفعل الغارات الصهيونية الوحشية ، لا يملك هذا الشعب سوى قناعته المترسخة بعودة الحق لأصحابه مهما تغطرس الاحتلال و شد من أزره شياطين الغرب ، أصحاب الاستعمار و مؤسسي الإرهاب في العالم بشتى أسمائه ، و بمختلف طرقه التي يدخل من خلالها إلى الوطن العربي بل إلى العالم أجمع ، أو مهما تواطأت أنظمة العالم من نصرة غزة و فلسطين و من تبعها من أعوان و أذناب ممن هم يعيشون بلسان عربي سواء داخل الوطن العربي أو خارجه ،


ما تعيشه غزة من حياة يومية بكل جزيئاتتها و في أدق تفاصيلها مأساة تعجز الكلمات عن وصفها ، و لا تستطيع العين رؤية الظلم الواقع على تلك البقعة الجغرافية الطاهرة ، فقد فاقت جرائم الاحتلال كل التصورات و غلبت كل حروف اللغات ، فهي لا تعرف سوى لغة القتل و الدماء و الدمار و إلقاء القنابل الفسفورية على الأطفال ، و تتعمد حرق الأرض و السماء و تغيير رائحة الهواء ، فتلوثه بغبار دباباتها ، و بصوت مجنزراتها ، نساء بلا مأوى يفتقدن سنن حياتهن الخاصة ، يموت الأطفال و الأبناء امامهن ، نزع الاحتلال الرحمة من قلوبهن ، فكنّ شديدات البأس ، يودعن الشهداء بلا دموع و بلا نظرات ، قوافل الشهداء تمر بلا مراسم وطنية ، يدفنون في مفابر جماعية ، يغطيهم التراب الفلسطيني فهو أحنّ عليهم من الإنسانية الشعواء التي تملكها أنظمة عالم العار و الذل و دعاة الحرية .
في غزة امتلأت الشوارع بأشلاء الأطفال و النساء و كبار السن حتى الحيوانات لم تسلم من صهيونيتهم ، فأطلقوا عليها النار ، واختلطت أشلاؤها مع رماد المنازل ، فكلهم أبرياء ، هذا هو مخزون العدو أن يدمر قدر استطاعته و بوقت قصير ، ليشبع رغبته الدموية ، و يبرر لنفسه إدامة الحرب ، و يظهر بوجه المنتصر أمام الشعب الصهيوني ، و يطيل أمد تلك الحكومة النازية التي لم تتكامل بنيتها الداخلية منذ اللحظة لولادتها ، بل جاءت مبتورة العقل و منهكة الجوارح و ضعيفة التركيبة السياسية ، لذا فهي غير قادرة على مواصلة برامجها ، فتريد أن تصدر أزمتها إلى المجازر بحق الشعب الفلسطيني و تدنيس هويته الوطنية ،


أمام تلك الهمجية و الهجمة المسعورة التي تقودها أمريكا رأس الشر و من معها من دول الظلم تجاه فلسطين و ما فيها من بشر و شجر و أرض و سماء و هواء و كائنات حية و غير حية و مبان قديمة و حديثة البناء و أزقة تاريخية و شوارع و حارات و مدارس و جامعات و مساجد فيها يذكر اسم الله ، فأرادت الصهيونية أن تمزق الجسد الفلسطيني و تطمس كل جذوره التاريخية ، و ترحله من البقعة الجغرافية التي يمتد عمرها إلى آلاف السنين و في الوقت ذاته اندمجت عناصرها الطبيعية مع العنصر البشري و تأقلم هو بدوره مع كل مراحلها التاريخية ، و رسخ انتماءه عبر حدود خريطتها الوطنية و العربية و الإسلامية ،


في غزة لم تعد الطبيعة تحتمل مظاهر العدوان البربري إضافة إلى عدم احتمالها الخنوع العربي ، فقد تنكر لها العرب و العجم ، و تركوها حيرى من وهل الكارثة التي حلت بها ، فانتصبت قامتها هي لتدافع عن الكرامة العربية و القيم الإنسانية التي تدعيها دول الشر العالمية ، فواجهت بطش الاستعمار و حيدة ، و قاومت ، ودافعت ، و بذلت المحاولة وراء الأخرى لرفع الهزيمة من بين أكتاف الدول الإسلامية و العربية و لتعري زيف القانون الدولي الذي لا يعمل إلا بما يحقق مصالح الاستعمار عن طريق ربيبته إسرائيل ، عصابة العصر و مركز الشر ، فهل ستكون هذا الحرب محاولة ضمن مسلسل سابق من المحاولات أم أنها النهاية الحتمية لشرذمة الاحتلال الصهيوني ؟ أ من المعقول أن تكون هذا المجازر الفصل الأخير بين شعب يريد الاستقلال و بين عصابة تريد الهيمنة على أرض ليس من حقها ؟ أ يمكن أن يكون هذا التهجير و الدمار الخطوة الصحيحة نحو الخيار المناسب للشعب الفلسطيني؟ أسئلة جمة و استفسارات كثيرة تحتاج إلى الحلول المناسبة ستكشف عنها بطون الأيام القادمة و من يقود المقاومة في فلسطين المحتلة ، لن يكون – حسبما نراه في مجريات الحرب – لساسة الاحتلال و زمرته العسكرية دور في رسم الخريطة القادمة ، بل ستكون الغلبة لإرادة الشعب الفلسطيني و من يمثل نبضه في مقارعة العدوان بكل أشكاله و بمختلف أنواعه ، و لكن عليها أن تلتزم بما يريده الشعب لتكون النتائج بقدر التضحيات ، و ألا تنجر المقاومة و محركوها وراء سراب السياسة فوقتئذ سنخسر الأمل الذي انبعث من تحت رماد شعورنا و وجداننا و أشعل في الضمائر شعل النضال و الكفاح ، و أزال من العقول الوهم المزعوم الذي أطلقوا عليه السلام و بنت إسرائيل على ضفافه دولتها الدخيلة الطارئة و أقامت حدودها بين جسد أمتنا العربية ، لتبقى تنهشه بما يحقق مصالحها و مزاعمها ،


فلسطين اليوم أعادت لنفسها مكانتها بين الأمم و رسمت خريطتها الجغرافية متكامة الحدود ، هذه الحرب ستفرض وضعا في منطقة الشرق الأوسط ، و سنكون ملامح المرحلة القادمة بأيد فلسطينية وطنية تدرك حجم المعاناة التي لحقت بالشعب الفلسطيني على مدار عقود ، و إن لم يكن ذلك فهذا يعني ضياع آخر سيقع فيه الشعب الفلسطيني لا أحد يعرف مدى تيهه بعد ،

شاهد أيضاً

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

إصابة شاب برصاص الاحتلال في الفندقومية جنوب جنين

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، في بلدة الفندقومية جنوب …