كان جارنا سعيدا جد وهو يتابع إبنه ذو الاثنا عشر ربيعا وهو يقود دراجته النارية بمهارة وحين سألته عن السبب وراء شراءه لتلك الدراجة النارية لأبنه رغم صغر سنه قال :
إنها هدية كنت قد وعدته بها إذا ما أحرز معدلات مرتفعة في الإمتحانات ، وهو يستحقها ، حينها أدركت بأن الآباء لهم دور كبير في ما يحدث اليوم ونراه في الشارع من لغط مروري وعبث طفولي في شوارعنا المتعرجة ، إنهم يقودون دراجاتهم النارية بحماقة بالغة في الوقت الذي يكون فيه سائق السيارة محاسبا أمام القانون العشائري وقانون المحاكم في حال إصطدامه بدراجة نارية حتى لو كان سائق تلك الدراجة هو من تسبب في الحادث برعونته ربما أو قلة خبرته في الشارع . وهنا تكمن المشكلة فلا توجد قوانين مرورية صارمة تواجه صغارنا وهو يتجولون في الشوارع بسرعة جنونية فهم يعرضون أرواحهم وأرواح الناس في الشارع للخطر ،
ويتسببون يوميا بأشكال الحوادث المرورية ، ولم تفلح كل المحاولات في ردع هؤلاء الصبية عن عزمهم في تدمير الشوارع والقوانين المرورية، وكم من مرة سمعنا عن شباب ومراهقين سالت دماءهم على الأرصفة فقط لأنهم يعيشون زهو الشباب وجنونه وتمرده ويرغبون في إثبات الذات من خلال قيادة الدراجة النارية بصورة البطل الأسطوري في أفلام الأكشن ، تلك الأفلام والألعاب الالكترونية التي صارت لعنة تطارد أولادنا في كل مكان وتطاردنا نحن أيضا حين نتخيل بأن الطفل والمراهق يتمنى التحول بين ليلة وضحاها إلى سوبر مان أو بات مان أو أي تسمية جديدة لهؤلاء الأبطال الخارقين وحين يفقد الحيلة في تقليدهم فلا يجد أمامه سوى الدراجة النارية التي يتقلب وهو يقودها في الهواء ويترنح يمينا وشمالا ويقوم بحركات بهلوانية قد تكون نتائجها وخيمة فأما الموت أو الإصطدام بسيارة لا ذنب لصاحبها سوى أنه يقود سيارته وسط زحمة الدارجات النارية ويكون حينها مطالبا بالفصل العشائري أو المحاسبة القانونية . وحين نسأل عن تلك الثقة الغريبة التي وضعوها الأهل في أولادهم وتركوهم في الشارع يعبثون بأرواحهم وأرواح الآخرين فسوف نرى الحجج بائنة وواضحة فهم يتذرعون بقطع الطرق والإزدحامات المرورية وما الدراجات النارية إلا تسهيل لمرور الطلبة من البنين إلى مدارسهم لا سيما وإن أغلب مدارس البنين تقع في مركز المدينة وتحتاج إلى دراجة نارية كي تمر وسط الزحام الصباحي ..ولكن ألا يمكن أن تبطل مديرية المرور تلك الحجة فتضع ضوابط صارمة لقيادة الدراجات النارية بأن تحدد بلوغ سن الرشد على الأقل لسائق الدراجة ومحاسبة أي خارج عن تلك القوانين بسحب دراجته أو تغريمه كي يتم تلافي تلك الدماء الشابة التي تغادر الحياة في لحظة تمرد على القوانين المجتمعية .وللأسف فاليوم لم تعد الدراجة النارية وحدها بطل الشاشة بالنسبة للمراهق بل أصبحنا نشهد مراهقين لا يكادون يظهرون من خلف زجاج السيارة وهم يقودون سيارات آبائهم وسط نشوة وفخر الأب برجولة إبنه المبكرة!!